لبنان بين مطرقة بري وسندان باسيل

...ذاب ثلج قمة بيروت الإقتصادية العربية، وبان مرج الخلافات اللبنانية إزاءها والأهداف التي إبتغاها كل طرف في مواجهة الطرف الآخر.

والمضحك المبكي أن الهدف لكلا طرفي النزاع هو نفسه ألا وهو التقرب وإعادة تقديم أوراق إعتماد للنظام السوري في مرحلة يعتبرها كل منهما مناسبة للقيام بهذه الخطوة. ولم يعد خافيا أن طرفي هذا النزاع كانا حركة أمل ممثلة برئيسها نبيه بري الذي بدأ بالتصويب على القمة قبل إنعقادها عبر المطالبة بتوجيه الدعوة للنظام السوري أولا، وبعدها طالب بإلغائها ولما لم يجد آذانا صاغية أتبعها بالخطة (ب) وكانت محاولة تعطيلها عبر التنمر على ليبيا في محاولة غير ناجحة ولا مقنعة بإستغلال قضية الإمام موسى الصدر ورفيقيه وكان أن إنسحبت ليبيا وأحبطت خطته للتعطيل، أما الطرف الثاني فكان التيار الوطني الحر بقيادة جبران باسيل الذي إعتبر مجرد إنعقاد القمة ولو بالحد الأدنى من الحضور إنتصارا له وللعهد بوجه حليف حليفه الرئيس بري، وهكذا كان وبينما قاطع الرئيس بري القمة شخصيا وترك الخيار لأعضاء كتلته بالحضور، صال وجال الوزير باسيل في خطابه الذي بدا وكأنه يُقرِّع العرب على تعليق عضوية النظام السوري داعيا إلى التراجع عن هذا القرار.

اقرأ أيضاً: إسمع يا دولة الرئيس (51): على شفير الإنهيار والثورة

وهكذا وقع لبنان مرة أخرى بين مطرقة الرئيس بري وسندان الوزير باسيل، وبات رهينة للتسابق وتسجيل النقاط تقربا من النظام السوري في مشهد ولا أبشع خاصة وأنه يتجاوز ويضرب بعرض الحائط كل القضايا المعلقة بين البلدين من قضية المملوك – سماحة، إلى قضية تفجير مسجدي التقوى والسلام في طرابلس، إلى ملف الأسرى والمعتقلين في السجون السورية، وليس آخرها قضايا ترسيم الحدود. وبدلاً من أن تكون القمة فرصة للبنان لتقديم أوراق إعتماد جديدة لإخوانه العرب عبر تقديم خطط وبرامج إصلاحية جدية لتعويم إقتصاده من ضمن إقتصاديات الدول العربية، ومحاولة إصلاح ما أفسدته السياسة من العلاقات في السنوات القليلة الماضية، حولها صراع الـ “ب – ب”، (بري – باسيل) إلى ساحة صراع بينهما لكسب ود النظام السوري، الأول لإعادة ترميم جسوره مع النظام، والآخر تمهيدا وتهيئة لمعركة رئاسة الجمهورية في لبنان التي فتحها قبل أوانها وباتت هي الهدف ومحور كل تحركاته وسياساته. كل هذا والأطراف الأخرى في البلد تتفرج وكأن الأمر لا يعنيها وكأنها سلمت بالأمر الواقع وتخلت عن مسؤولياتها، أو كأن معادلة جيش وشعب ومقاومة بات تعريفها السياسي هو تيار حر وحركة أمل وحزب الله، في الوقت الذي يتراجع فيه الوضع في البلد يوما بعد يوم وفي كل المجالات، وما مؤشرات مؤسسات التصنيف الإئتماني للبنان إلا الجزء الظاهر من قمة جبل الجليد اللبناني، وما خفي بالتأكيد أعظم.

السابق
مؤشر بنك بيبلوس والجامعة الأميركية: الشلل الحكومي يؤدي إلى استمرار ركود ثقة المستهلك
التالي
من هو «خوان غوايدو» الذي أعلن نفسه رئيسا لفنزويلا؟