هل سيرد «حزب الله» على غارة دمشق في قصر بعبدا؟

احمد عياش

لم يكن هناك في المشهد الداخلي ما يوحي بإن هناك تغييرا دراماتيكيا وشيك الحدوث في ملف تشكيل الحكومة الذي علق بين حارة حريك وقصر بعبدا في الايام القليلة الماضية. لكن ما حدث من تطورات في الساعات الماضية في سوريا قد بدّل إتجاهات الرياح ليس في سوريا فحسب، بل في لبنان ايضا وفق معطيات عدد من المراقبين. فهل أصبح ملف تأليف الحكومة في مهب هذه الرياح؟
تستعيد اوساط سياسية عبر “النهار” الجواب الذي أدلى به مسؤول كبير في “حزب الله” ردا على سؤال لإحد أصدقائه خلال مناسبة إجتماعية أتت مباشرة بعد تعثر محاولات تشكيل الحكومة .وكان السؤال: “أين أصبح موضوع تأليف الحكومة؟” فأتى الجواب من مسؤول الحزب بمثابة سؤال: “عليك ان تطرح هذا السؤال على رئيس الجمهورية وصهره (الوزير جبران باسيل)؟” وضمن هذه الواقعة تقول هذه الاوساط ان محاولات تلطيف الاجواء التي جرت أخيرا لكي تبقى العلاقات بين العهد و”حزب الله” تحت سقف التفاهم الكبير عام 2006 لم تفلح في إزالة آثار الخلاف العميق الذي برز في ملف تأليف الحكومة. وهذه المرة، تشير الاوساط الى ان التباين بين الجانبيّن ليس على مستوى متدن بل يتصل بتباين وقع على مستوى رأس الهرم الذي يمثله رئيس الجمهورية ميشال عون من جهة، والامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله من جهة أخرى.وتعطي هذه الاوساط شاهدا على ما تقوله تمسك السيد نصرالله بتوزير من يمثل التكتل النيابي السنّي الحليف للحزب ورفض الرئيس عون صراحة لهذا الامر بدأ مع حديثه التلفزيوني الشهير لمناسبة مرور عامين على وصول الاخير الى سدة الرئاسة الاولى.

اقرأ أيضاً: «تفاهم مار مخايل» قاب قوسين أو أدنى من الانهيار؟!

ربما يعتبر البعض ان هناك مجازفة في القول ان الاحداث الاخيرة في الميدان السوري التي دفع فيها “حزب الله” ثمنا، ما زالت المعلومات بشأنه أولية، ستؤدي تلقائيا الى إحداث تأثير على المسرح الداخلي بصورة مباشرة. لكن مصادر وثيقة الصلة بالحزب تقول ل”النهار” ان الذاكرة لا تزال حيّة حول ما أعقب إغتيال القيادي البارز في الحزب عماد مغنية في دمشق في شهر شباط عام 2008 على المستوى اللبناني والذي بلغ ذروته في احداث أيار من العام نفسه ممهدا لتطور كبير في مؤتمر الدوحة الشهير في ذلك العام.
بالعودة الى التطور الميداني في سوريا، أبرز موقع “العهد” الالكتروني التابع للحزب ما اوردته وكالة الانباء السورية الرسمية للانباء (سانا) حول تمكن “الدفاعات الجوية السورية من إسقاط عدد من الأهداف المعادية القادمة من فوق الأراضي اللبنانية، وهي عبارة عن صواريخ صهيونية أطلقتها طائرات العدو.. واقتصرت أضرار العدوان على مخزن ذخيرة وإصابة ثلاثة جنود بجراح.”لكن الموقع أضاف أيضا الى الرواية السورية ما نقله المراسل العسكري في “القناة “العاشرة الإسرائيلية”، الون بن دافيد الذي وصف القصف الاسرائيلي بأنه “أكبر هجوم “إسرائيلي” في سوريا منذ إسقاط الطائرة الروسية في أيلول الماضي”.
وفي مقال نشره موقع “حزب الله” تحت عنوان “هل يبحث نتنياهو عن ذريعة للحرب ولماذا؟” جاء فيه: “…يمكن أن نصنف الاعتداء الاسرائيلي بالأمس على سوريا وعلى مواقع لحلفاء سوريا، بأنه اعتداء هادف للرد بقدرات نوعية فاعلة تسبب خسائر لافتة للعدو، أو هادف لرد فعل عنيف من طرف أو أكثر من أطراف محور المقاومة يمكن أن يمتد داخل الاراضي المحتلة في الجولان السوري أو في فلسطين، فيكون بذلك رد الفعل هذا ذريعة لتبرير اعتداء اسرائيلي واسع على سوريا وعلى لبنان وعلى حزب الله، يُسَبِّب مواجهة مباشرة واسعة وعنيفة تحصل بمستوى مرتفع من القدرات العسكرية النوعية، فيستدعي هذا تدخلا عسكريا اميركيا، يتطور لاستهداف بنك واسع من الأهداف التابعة لايران أو لسوريا أو لحزب الله”.
ربما من المبكر إطلاق الاستنتاجات المؤكدة حيال ما حصل ليل الثلثاء الاربعاء في دمشق.لكن من المؤكد ان “حزب الله” تعامل معها ،وفق إعلامه ،على انه تطور يتصف بالاهمية.وهذا الحدث المفتوح على تطورات بدأت عبر بعض وسائل الاعلام الاسرائيلية والاميركية التي أشارت الى إستهداف قياديين في الحزب في الغارة الاسرائيلية الجديدة، لا يمكن ان يتعامل معه الحزب في الداخل اللبناني على إساس أنه منفصل عما يدور خارجه وتحديدا في سوريا. ووفق معطيات الخبراء ، سيتجه الحزب الى “تصفير” التوتر المتصل بتشكيل الحكومة على قاعدة ضرورة قيامها لما سيحقق فيها الحزب من مكاسب شكلا ومضمونا. وعلى هذا الاساس ستضع قيادة الحزب حلفائها وعلى رأسهم الرئيس عون في جو التطورات الاستثنائية التي إستجدت في الميدان السوري كي يجري العمل على توفير مناخات هادئة محليا منعا لإستخدام الانقسام اللبناني في وجه الحزب وراعيه الاقليمي أي إيران.ويقول هؤلاء الخبراء ان موسكو التي يهمها تجنيب لبنان تداعيات الصراع الاسرائيلي-الايراني في سوريا ولبنان تتلاقى مع كل الجهود الايلة الذي إقفال نافذة الانقسام حول تشكيل الحكومة كي لا تدخل منها رياح السموم الاقليمية. ويخلص الخبراء الى القول ان كل المعطيات تفيد ان ضغطا له شأنه سيحل على قصر بعبدا كي يلبي مستلزمات التسوية التي أحبطها رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل.لذلك يكتسب سؤال “هل سيرد حزب الله على غارة دمشق في قصر بعبدا” مشروعية وازنة؟

السابق
«لبنان في لاجئيه»: تنافس بين الدينيين والخوف المتبادل خط تماس عميق…
التالي
إطلاق لقاء سياسي متني