«الجنجويد» العرب

جنجويد
...لا أعرف لماذا تذكرت قضية الجنجويد في دارفور بالسودان لدى رؤيتي صورة الرئيس السوداني عمر حسن البشير مع نظيره السوري لدى زيارته له أمس في دمشق.

والجنجويد لمن لا يعرف من القراء، هم ميليشيات أسسها ودعمها البشير وأطلقها تعيث قتلا وحرقا وإغتصابا للناس في ليالي دارفور الحزينة في أوائل الألفية الجديدة، تمتطي جيادها وتشهر أسلحتها النارية لتقتل دون تمييز وهدفها القتل للإرهاب فالتهجير أو الاستسلام، وبسببها بات البشير مطلوبا لمحكمة الجنايات الدولية . وهي بذلك تتشابه مع ما فعلته داعش وأخواتها في سوريا، فزيارة البشير اليوم لبشار الأسد لا يمكن فصلها عن هذا السياق المتشابه للنظامين في تعاملهما مع الأحداث، كما لايمكن فصلها عن مسار الأحداث في المنطقة التي تشهد منذ فترة وبوضوح كامل وبلا أقنعة هذه المرة، إنقلابا على كل ما يرمز إليه الربيع العربي من محاولات للتحرر والخلاص من نير هذه الأنظمة الاستبدادية التي تقود ومنذ سنوات الثورة المضادة في محاولة لإعادة عقارب الساعة العربية إلى ما قبل العام 2011.

اقرأ أيضاً: البشير في دمشق بتوقيت موسكو

لقد أثبتت هذه الأنظمة وعلى الرغم من التباين بينها والإختلافات ما بين جمهورية وملكية أنها في الواقع وفي العمق نظام واحد، تتخذ من القمع وسيلة للبقاء وما يجمعها في النهاية هو الاستبداد لذلك نراها وقت الحاجة وحدة متراصة للدفاع عن وجودها، وما المواقف التي إتخذتها في البداية في مواجهة القذافي والأسد خاصة إلا تنفيذا لأجندات خارجية وتماهيا مع المواقف الغربية، ولم تكن دعما للشعوب. فالبشير هنا قد لا يكون يمثل نفسه أو نظامه فحسب، بل هو جزء من منظومة عربية باتت جاهزة لإعادة وصل ما انقطع مع نظام الأسد خاصة والمنطقة تعيش على إيقاع صفقة القرن التي يبدو أنها تلقى الرضى من غالبية هذه المنظومة وما زيارات نتنياهو والتطبيع الرياضي الذي شهدناه مؤخرا، والحديث عن زيارة مرتقبة لنتنياهو للسودان إلا مؤشر على ما قد تؤول إليه الأمور.

والمفارقة أن فلسطين كانت ولا زالت قميصا تتخذه هذه الأنظمة غطاء لستر عوراتها السياسية، وما تصريح البشير بأن زيارته لسوريا هي كونها دولة مواجهة – مواجهة ماذا ومواجهة من – إلا دليلا على هذا النفاق المتمادي من هذه الأنظمة الجنجويدية المستبدة التي أوصلت البلاد والعباد إلى أدنى مستوى في سلم الدول النامية حتى وليس المتقدمة والتي لا هم لها إلا السلطة بكل ما ترمز إليه من فساد وإفساد وإستبداد وتدمير للشعوب.

السابق
إسمع يا دولة الرئيس (45): مسلك علماء الشيعة بين الفقر والثراء
التالي
صفعة على خدّ الوطن