إتهام الحريري بالعرقلة هو كاتهام المظلة بالتسبب بالمطر

سعد الحريري
المجرم يبقى يُنكر فعله عند مواجهته به حد يصلُ معه فيه إلى تأكيد تورطه في حصوله. وهو أمر يشبه في معناه تورط كثير من السياسيين بمهاجمة بريء من تهمة هم بالأصلِ مُرتكِبوها.

هزلية أمنت لمرتكبي فعل عرقلة تشكيل الحكومة الحقيقيين أسلوب آخر ضمن لهم إستمرار التعطيل. تراهم يلوحون ويهولون بكشف المستور ويعِدون الناس زورًا باتخاذ خطوات تصعيدية تنهي النهايات المفتوحة لمهل التأليف. ليبشروهم بعد ذلك ببداية جديدة من البدايات التي لا تنتهي تلك الكفيلة بعدم الحصول على أي نتيجة من دون الموافقة المسبقة على مطالبهم البعوضية المتزايدة.

قدرة تدميرية عشوائية هائلة، وحالة جنون غير مسبوقة، ومرض مُستشري دواءه الخضوع للمعالجة بالسموم التي لا تمييز بين الصالح والطالح في جسم مجرد تماما من المناعة ومن الأسلحة الدفاعية القادرة على مواجهة البيئة الغير صحية المحيطة به. مرض أخطر ما فيه أنه وعند مواجهته بالقوة يختبىء في الدماغ حيث يكون العلاج عاجزاً عن الوصول إليه لصعوبة تخطي التجاويف والبطانيات التي يتخللها الدماغ خلف الحاجز الدماغي الخلوي المنيع الذي يجعل من الدماغ نفسه ملاذاً آمناً للأفكار السرطانية الفاسدة.

اقرأ أيضاً: أزمة التأليف الحكومي بين بري والحريري!

يقول الأطباء في معرض حديثهم عن الأمراض القاتلة أن الإكتشاف المبكر لتلك الأمراض يطيل عمر المريض. مع علم يقين بأن كلمة (المبكر) المستخدمة هنا مرتبطة إرتباطًا وثيقًا بالبداية دون النهاية التي هي هنا متوسط العمر المتوقع للناس في جغرافيا ما. وعليه فإن ما طال هو فقط فترة الألم و العذاب والقلق من المصير والنصيب بانتظار لحظة الموت المتوقعة.
إكتشاف متواضع جداً بالقياس إلى نتائجه إذا أن (المبكر) المستخدمة هنا لم تقلل من نسبة الإزدياد المرتفعة للمرض الغير متوقع الحد منه (أقلها الى الآن) ببساطة لأننا أمام إختراع ” بكر” في إكتشاف العلة لكن الموت بقي في مكانه ينتظر أو لربما هو الآخر “بكر” وانقضى على الحياة في الوقت الغير محدد أو متوقع له.

إذا لم نقتل المرض قتلنا المريض. وفكرة ان يتقاتل المرضى (الغبية) فنتيجتها واحدة، موت فورياً بالحديد أو مؤجل بالمرض. إختبار (رورشاخ) المشهور لقياس الإضطرابات النفسية وكيفية التفكير من خلال النظر الى بقع الحبر المكونة للصورة تشبه كثيراً بقع البلد. لكنها هنا أي بقع البلد لن تنجح في الكشف عن العقد الكامنة والإضطرابات الباطنة لأنها مازالت سائلة والسائل ينسال بشكل عشوائي ويتمدد. يبقى أن أفضل وسائل الشفاء من المرض وأسهلها هي الوقاية منه. فكل علاج لا يحقق الشفاء الكامل من المرض نستعير له اسم (بلاسيبو) أي العلاج بالوهم أو الغفل، وهو علاج إرضائي تلطيفي تخفيفي يعطى في غرف من دون نوافذ بيضاء موصدة.

دولة الرئيس المكلف براغماتي عملاني يعتبر النجاح هو المعيار الوحيد للحقيقة وهو وبالقياس إلى كل ما حصل و يحصل “منظومة أخلاق كاملة”. في حين البعض أو اكثرهم يسيَرون أمور الدولة بالطريقة ذاتها التي يقود أحدهم سيارته إلى الأمام معتمداً على المرآة التي تُريه مؤخرة السيارة.

اقرأ أيضاً: دفاعا عن الحصن اللبناني الأخير

(ميكافيلية) انتشارها الخطأ على نطاق واسع جعل من أي مهمة المطلوب القيام بها مهمة صعبة وصعبة جداً. وهي هنا وإن نجحت في تخطي عقدة التأليف إلا أن نتائج أعمالها في المستقبل ستكون كما السبيرتو أو البنزين اذا ما أسيء استخدامهم . ستكون إما قابلة للإشتعال أو سريعة التطاير وفي الأغلب ستحملها معها ألطف نسمة إذا لم نقل الريح.

تقدير درجة الخطورة بعد وقوع الحدث غالبًا ما يعطي نتيجة متوقعة أو كما يقال بالعامية إستنتاج بلاطعمة. ومع ذلك يسيطر شعور من الإمتعاض العام لم يكن في الماضي ولا هو الآن ولن يكون على الأرجح في المستقبل قوياً او ذو تأثير ما لم يمتلك العمق العاطفي الذي يخشاه الحاكمون، وهو أي هذا الإعتراض لن يكون بالتأكيد من ذلك النوع الذي قد يجعل الناقمين يخرجون غاضبين ليهشموا ويهمشوا سلطة المفسدين وسطوتهم. ما أشبه هذه الحالة بتلك التي سعت إليها في يوم جمعية حظر التدخين وأفضت بشكل مستغرب إلى تزايد عدد المدخنين وأنتجت في نهاية المطاف حلاً هزلياً مجرد من كل شيء قانوني فاستعيض عن كلمة “يمنع” بكلمة “تحذير” من ثم إزدانت علبة السجائر بعبارة “قد ينطوي على مخاطر بالنسبة لصحتك” عبارة تبدء ب (قد) وتنتهي ب الكاف (ك) العائدة للفرد ولا تعني الجميع.

السابق
حملة جائرة على الامة العربية…
التالي
علي عيد: العمل الجاد بعد الانتخابات