حملة جائرة على الامة العربية…

منذ مدة ليست بالقصيرة وحملات اعلامية تشن على الشعب العربي بسبب واقع الامة العربية الحالي، هذه الحملة تتضمن اتهامات بالتقصير والعجز والتخلف والجهل والامية وعدم القدرة على مواكبة قوة وحضور وتقدم دول اقليمية، او منافسة ومجاراة دول غربية في تطبيق ديمقراطيتها.. كما تتضمن الحملة اتهام الشعب العربي بالتنازل عن قضاياه، من فلسطين التي تم احتلالها من قبل الصهيونية العالمية برعاية دولية، الى عدم الاستقلال الاقتصادي والاجتماعي عن الدول الكبرى المتقدمة.. الى ضعف اجهزتها العسكرية وحاجتها لشراء اسلحتها من دول الغرب التي تتحكم بالكمية والنوعية واماكن وكيفية استخدامها.. وفي نفس الوقت يتجاهل هؤلاء الظروف الموضوعية التي اوصلتنا الى ما نحن عليه.. وتلك التي رفعت من شأن من يستهدف استقرارنا ويسعى للهيمنة علينا….

اقرأ أيضاً: أميركا و«أونروا»… والكارثة

بالشكل قد يبدو هذا الواقع صحيحاً، ولكن لماذا لا نتطلع بشكل اعمق الى واقع الامة العربية وشعوبها، ودولها وتقسيماتها وما يجري فيها الان .. ولماذا يتجاهل بعض ابواق الاعلام والسياسة من المروجين للاحباط والتخاذل وبث روح الانهزام الثورات العربية الحالية والتي سبقت وهي التالية:

الشعب العربي الفلسطيني يناضل ويقاوم الاحتلال البريطاني ومن ثم الصهيوني لفلسطين منذ عام 1917، والى الان… اي ان الشعب الفلسطيني العربي لا زال صامداً يقاوم كافة تدخلات ومؤامرات القوى الدولية التي تدعم كيان اسرائيل، وهو شبه اعزل الا من ارادة صلبة ومن قدرات محدودة..؟ الشعب الفلسطيني شعب عربي مقاوم..!! وليس صحيحاً ان مقاومته بدات مع ظهور دولة الخميني في ايران، عدد ثورات وانتفاضات الشعب الفلسطيني الشعبية والمدنية اكثر من ان تعد، ومواجهاته المسلحة مع جيش الكيان الغاصب تعتبر ملاحم .. ولا زالت المقاومة الفلسطينية سواء بجمهورها او بفصائلها تقاوم الاحتلال حتى الان.. اذاً يمكن القول ان الشعب الفلسطيني لا زال يقاوم ويناضل ويجاهد الاحتلال ومكوناته وادواته والتآمر عليه منذ قرنٍ من الزمن تقريباً..؟ اية ثورة في العالم استمرت ولا زالت مستمرة وبوتيرة متصاعدة طيلة قرنٍ مئة سنة دون تراجع..؟ انه الشعب العربي الفلسطيني الذي يسعى البعض لتجهيل ثورته واحتواء تضحياته وربطه بتاريخٍ لا علاقة له به، وتغييب تاريخه الناصع المجاهد..؟؟
ثورة الريف المغربية وثورة الجزائر وثورة عمر المختار في ليبيا.. ثورات وشخصيات من شمال افريقيا حفرت في التاريخ علامات فارقة، انه الشعب العربي الذي انتفض على جلاديه ومستعمريه وانتصر..وما زالت عملية التغيير ومواجهة الواقع المرير مستمرة في اكثر من دولة..
مصر انتفضت على الاحتلال البريطاني واخرجت المستعمر، كما انتفضت على حكم العسكر مع نهاية عهد مبارك، واي عودة لحكم سلطوي سوف تفشل.. لانها تواجه ارادة شعب..!
سوريا التي انتفضت على الاستعمار الفرنسي وواجهته في معركة ميسلون، وخلد احمد شوقي قصف دمشق من اقبل المدفعية الفرنسية في قصيدته الرائعة (سلام من صبا بردى ارق)..، وواجه شعب سوريا العدوان الاسرائيلي، تستمر في انتفاضتها اليوم ضد حكم الاقلية ونظام الديكتاتورية المهيمن والمدعوم من كافة دول العالم وعلى راسها روسيا وايران وادواتها والولايات المتحدة… منذ ثمانية اعوام.. وهذا الشعب العربي السوري يقدم التضحيات، ملايين المهجرين والنازحين واكثر من مليون شهيد وملايين الجرحى وهو يقاوم ويطالب بحريته وبتغيير النظام السلطوي القائم..
العراق الذي اجتاحته دول التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وسلمته لقمة سائغة للامبراطورية الايرانية الحديثة لتعيث فيه فساداً ولتدمر مدنه وقراه وتقوم بتهجير اهله ومواطنيه بالتعاون مع الولايات المتحدة.. ومع ذلك فإن الشعب العراقي لا زال صامداً متمسكاً بهويته محافظاً على ثقافته وانتفاضة البصرة كما غيرها من الانتفاضات اثبتت ان روح الامة لا زالت مغروسة في وجدان هذا الشعب المعطاء بالرغم من محاولات ايران الدؤوبة لزرع الانقسام المذهبي البغيض بين مكوناته..
اليمن انتفض على ميليشيا الحوثيين التي ارتبطت بالنظام الايراني والشعب اليمني يقاوم بقوة ويحقق الانتصارات على ميليشيات ايران الطائفية..
لبنان الذي قاوم الاحتلال الصهيوني وواجه مشاريع التقسيم والتجزئة والهيمنة والاستفراد، لا زال يقاوم هيمنة الميليشيات الطائفية التي تحاول ابعاده عن بيئته العربية وربطه بعربة ايران لجره بعيداً عن تاريخه وحضارته وثقافته..
امثلة كثيرة على صمود الشعب العربي وتضحياته للحفاظ على هويته وبيئته ورفض الانغماس والذوبان في بيئات اخرى تهدف لالغاء هويته والتشكيك بقدراته وامكاناته عبر تهميش تاريخه وتغييب تضحياته وتسخيف عقله.. ومع الاسف البعض نتيجة شعوره بالاحباط مما تعاني منه الامة العربية من عدوان ومن واقع مؤلم، انجرف في هاوية التشكيك بهذه الامة وجمهورها وسعى باحثاً عن قيادات جديدة غير عربية، ولاهثاً خلف دول لا يهمها الا مصلحتها ومصالح ابناء قوميتها..!

نحن امة لا تياس ولا تستسلم ولا ترفع الراية البيضاء.. ومن دخل الى بلادنا ليشد من آزر قوى الظلم والقهر والاستبداد مهما كان شكلها او شعارها او تسميتها سوف يخسر دون شك كما سوف يخسر كل من وقف معها وتآمر واياها على امتنا وتاريخنا وحضارتنا.. وهذه الحملة الجائرة على الامة العربية والشعب العربي لا بد ان تفشل…؟ مهما كانت عناوينها وشعاراتها..؟ وحتى اسبابها..؟

السابق
العنصرية المعيبة في لبنان
التالي
إتهام الحريري بالعرقلة هو كاتهام المظلة بالتسبب بالمطر