أسوة برئيس الجمهورية: لماذا لا يطلب الحريري حصة وزارية لرئاسة الحكومة؟!

سعد الحريري
مطامع التيار الوطني الحر غير محدودة، فها هو يسعى إلى حكومة على هواه يحصل على ثلثها مستعيناً بحصة وازنة لرئيس الجمهورية!

في محاولة للاستحواذ على الصوت المسيحي وعلى الصوت الحكومي الأكبر، يسعى التيار الوطني الحر إلى اقتناص أكبر عدد من الوزارات، التي سوف تتوزع بين حصة تكتل “لبنان القوي” الذي يمثله، وحصة رئيس الجمهورية!
حصة التيار الوطني الحر في الحكومة الجديدة كما عرضها رئيسه الوزير جبران باسيل تناهز الـ11 مقعداً، من بينها عدد من الوزارات السيادية والخدمات، كالخارجية والطاقة والمياه، كذلك يسعى التيار على منافسة حركة أمل على حقيبة “المالية”، وعلى مصادرة الداخلية لحسابه من التيار الأزرق!

هذا السيناريو الذي يعمل عليه التيار الوطني الحر، يقابله محاولة لعزل كل طرف مسيحي آخر في الحكومة، ولاسيما حزب القوات اللبنانية فـ”أوعا خيك” لم يكن إلاّ شعاراً تسلقه العونيون للوصول إلى بعبدا، ولما وصلوا انقلبوا على معراب واتفاقه، وهذا الانقلاب ليس جديداً عليهم، فمطالبتهم اليوم بحصة وازنة لرئيس الجمهورية تناقض مواقفهم السابقة التي أعلنها الرئيس ميشال عون يوم كان رئيساً للتيار، إذ انتقد الرئيس عون في تلك المرحلة أن يكون للرئيس السابق ميشال سليمان أي كتلة، وتساءل في مؤتمر صحافي عقده في الرابية في شباط 2011: “لماذا نعطي ميشال سليمان كتلة مرجّحة؟ أين النصّ الدستوري الذي يعطيه هذا الحق؟” ليؤكد أنّ لا حقوق لرئيس الجمهورية، وأنّ حضوره اجتماعات مجلس الوزراء ليس ضرورياً.

ما يطالب به التيار الوطني الحر اليوم، طرح تساؤلات حول منصب رئيس الحكومة، إذ لماذا لا يطالب الرئيس سعد الحريري بحصة وزارية وازنة مستقلة عن كتلته على غرار رئيس الجمهورية؟ لاسيما وأنّه جرت العادة بعد الطائف أن يكون لرئيس الحكومة حصة وزارية في حال لم يكن له كتلة نيابية أي القاعدة نفسها التي كانت تطبق على رئيس الجمهورية!

فإن أراد التيار الوطني الحر أن يتجاوز المتفق عليه في كل الحكومات السابقة للحصول على أكثر عدد من المقاعد، ألا يجعل من واجب الرئيس الحريري أن يقوم بالمثل.

الخبير الدستوري الدكتور أنطوان سعد أكّد في حديث لـ”جنوبية” أنّه يحق لرئيس الحكومة أن يطالب بحصة وزارية، وأضاف “الحكومة وفقاً للدستور تؤلف بالاتفاق مع رئيس الحكومة، أما قصة ابتداع حصة خاصة لرئيس الجمهورية فما هي إلا محاولة للقوطبة على الدستور وللقوطبة على القوى السياسية كي لا تحصل على أي تمثيل وازن”.
ولفت سعد إلى أنّ “التكتل التابع لرئيس الجمهورية يحق له بحسب عدد النواب الذي يعلن عنه بـ7 أو 8 وزراء، لذا القول بإعطاء رئيس الجمهورية حصة منفصلة عن حصة كتلته النيابية هو فقط للحصول على عدد اكبر من الوزراء لا أكثر ولا أقل”.

وتابع الخبير الدستوري مشيراً إلى أنّه “لو طالب رئيس الحكومة بشكل مباشر بالقاعدة نفسها لكنا وصلنا إلى القول بأنّ رئيس الحكومة سيحصل على 6 وزراء من السنة، و3 وزراء من الطوائف المختلفة”.

هذا وشدد سعد أنّ “هذا الابتداع هو فقط محاولة لترسيخ أكبر قدر من الوزراء من قبل طرف سياسي معين، وذلك لكون الحكومة كما هي اليوم ليس هناك أي أجل دستوري يمنع بقاءها حتى الانتخابات المقبلة إلا إذا سقطت بفعل الشارع أو بفعل مجلس النواب وهذا ما يعد مستحيلاً”.

اقرأ أيضاً: تأليف الحكومة بين ألغام التوازنات وقسمة المحاصصات

ورأى سعد أنّ “الاشكالية أنّ رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر قد عمدا إلى تجميع الكتل ونسبها إلى كتلتهما ليصلوا إلى الـ 30 نائباً، فهذه الكتل لو بقيت مستقلة لطالبت بوزراء، بينما اليوم يستفيد التيار من رقمها للحصول ككتلة كبرى على عدد أكبر من الوزراء. إذ لو كانت حصة التيار 20 نائب والقوات 15، لحصل التيار على 4 وزراء والقوات على 3”.

وختم الخبير الدستوري بالتأكيد أنّه “في الدستور ليس هناك من حصة منفصلة لرئيس الجمهورية، وإنّما هناك اتفاق وما يجوز لرئيس الجمهورية يجوز لرئيس الحكومة لأنّ هذه الصلاحية مشتركة وتنحصر بهما دون أي شخص آخر”.

وفيما رأى عضو كتلة المستقبل النيابية النائب السابق مصطفى علوش أنّ السؤال حول مطالبة الرئيس الحريري بحصة وازنة على غرار مطالبة رئيس الجمهورية، هو وجيه وبديهي، أشار بالتالي إلى أنّ هذا سيضيف عملياً المزيد من الاشتباك والمزيد من التعقيدات في إدارة الحكومة وفي إدارة الدولة.
وأوضح علوش أنّ” ما يتردد عن حصة رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة، هو كلام لا علاقة له بالدستور ولا يرتبط حتى بالأعراف، وإنّما هو فقط لتسهيل إدارة البلد ومن الطبيعي أن يكون لرئيس الحكومة في بلد كلبنان بعض الوزراء الذين يعتمد عليهم في حال لم يكن لديه كتلة برلمانية، وما لا أفهمه هو أن يكون هناك مثل هذه الحصة لرئيس الجمهورية ولكن عملياً هذا قام”.

وأضاف “سعد الحريري إذا أراد أن يقدم على مثل هذه الخطوة أي المطالبة بحصة وزارية له، سيعقد الأمور أكثر ولن يتمكن من تأليف الحكومة”.

وأشار علوش إلى أنّه “ليست فقط مطامع التيار الوطني الحر هي العقدة في تشكيل الحكومة، فكل الكتل لديها رغباتها، ومما لاشك به أنّخ حينما يأخذ رئيس الجمهورية أكثر من ثلث الوزراء، فإنّ هذا الأمر سيعيق حصول كل الكتل الأخرى على الحقائب التي تريدها، ما عدا الثنائي الشيعي الذي يضمن حصته إن بحسب الدستور أو بحسب الأمر الواقع”.

اقرأ أيضاً: مخاض التأليف يبدأ اليوم وسط تجاذبات حول الحصص

وتابع علوش معتبراً أنّه “من المفترض أنّ يتعاون رئيس الجمهورية في عملية تأليف الحكومة، من خلال التساهل في قصة الحصة الوازنة التي يتحدث عنها”.

وختم عضو كتلة المستقبل النيابية النائب السابق مصطفى علوش، لافتاً إلى أنّ “كل الكتل النيابية في الوقت الحالي “تكبّر الحجر” كي تقبل بالواقع، أما فيما يتعلق بكلام باسيل ومطالبه، فعلينا أن ننتظر لنرى إن كان الهدف منها هو تكبير القصص لا أكثر أم أنها ستؤدي إلى عرقلة تشكيل الحكومة”.

السابق
الجامعة الأنطونية تكرّم الإعلامي عادل مالك
التالي
جنبلاط يغرّد عن التقاليد العريقة في تشكيل الوزارات