خسارة «الجماعة الإسلامية» في الانتخابات النيابية وغياب رؤيتها اللبنانية

هل عوقبت الجماعة الاسلامية في الانتخابات بسبب ضغوطات خليجية؟ ام ان القانون النسبي الذي اطاح بنائبها هو السبب؟ كيف يفسر كل من قاسم قصير وأحمد الايوبي النتائج؟

فقدت “الجماعة الاسلامية” في لبنان نائبها الوحيد في المجلس النيابي السابق عماد الحوت، ولم تنجح بإيصال أي من مرشحيها الى الندوة البرلمانية الحالية، وبذلك يخلو المجلس النيابي العتيد من ممثل للجماعة فيه.

بحسب رأي المحلل السياسي الخبير بالجماعات الاسلامية، قاسم قصير، قال “مشكلة الجماعة الاسلامية في الانتخابات النيابية الاخيرة هو تشتت الاصوات، كونها ليست موجودة في مكان واحد لتتمكن من ايصال نوابها. ورغم ان اقليم الخروب هو احد معاقلها الا انها لم ترشح أحد هناك، اضافة الى تشتت الاصوات، وعدم القدرة على التحرك لتأمين الحاصل الانتخابي. وهم يبررون ذلك بحملة سعودية إماراتية مصرية، لإبعادهم عن المجلس النيابي”.

إقرأ ايضا: تحالفات «الجماعة» في صيدا: نتواصل مع التيار الحرّ والبزري

وردا على سؤال، اكد قصير الى ان “حزب الله يملك قوة شعبية، والجماعة ليست كالحزب، ووضعها مختلف، كما ان الجماعة غير متكتلة في مكان واحد، وكتلتها العددية أضعف، اضافة الى خلافاتهم الداخلية كانتقال عصام البرغوت الى كتلة فؤاد مخزومي، والدكتور عماد الحوت الى لائحة صلاح سلام، واستقالة أسعد هرموش من المكتب السياسي، هذه الاستقالة التي اضعفت الجماعة في الشمال، فتعاون مع تيار المستقبل، اضافة الى عدم نجاح الجماعة في صنع تكتل يؤّمن الحاصل الإنتخابي”.

وأضاف قائلا “لم يتمكنوا من تكتيل أنفسهم، اضافة الى تحالفهم مع العونيين الذي يعتبر تحالف تكتيكي، ولم يتم التحالف مع حزب الله بسبب الخلاف الاستراتيجي معه، فالعلاقة مع الحزب لا تزال غير واضحة ومع ايران ايضا، اذ لا زالوا مختلفين معها بسبب المسألة السورية، ويواجهونها في لبنان عبر حزب الله الذي لا يريد ايضا ان يتحالف معها. من هنا لا يوجد تقاربا بين  الطرفين، باستثناء قضية فلسطين. فهم يعيشون تشتتا في لبنان. ففي العرقوب لم يشكلوا أية جبهة، بل تحالفوا مع تيار المستقبل، وأفادوا التيار الوطني الحر في جزين، ولم يستفيدوا منه في صيدا”.

واعتبر ان “السبب هو الخلل السياسي والتنظيمي، وهناك مشكلة داخلية، وأزمة في ادارة المشروع السياسي للجماعة”.

ولفت قصير الى ان “حركة النهضة في تونس تتصدر المشهد السياسي لان ليس لها علاقة بالمشروع الاقليمي للاخوان، لذا نراها تفوز. فإدارة الشأن السياسي الداخلي، والمشاكل السياسية، شتتت قوة الجماعة عبر القانون النسبي الذي لم يفدها، بل خلق لها ارباكا، اضافة الى العامل الخارجي الذي لعب دورا، وقد يكون عبارة عن ضغوط. وبالطبع العنصر الحارجي له تأثيره، لكني لا اعتبر انه الاساس، فالعنصر الداخلي هو الاول”.

فهل كانت الجماعة ستفوز في حال عقدت تحالفات انتخابية مناسبة دون الاعلان عن مشروع سياسي انتخابي؟

أحمد الأيوبيمن جهة ثانية، يقول أمين عام التحالف المدني الاسلامي، أحمد الايوبي، ان “هناك عدة اسباب لخسارة الجماعة في الانتخابات النيابية، اولا الاسباب الداخلية، حيث لاحظنا نوعا من الانقسام الداخلي، تجلى باستقالة أسعد هرموش من رئاسة المكتب السياسي، وما نتج عنه من كشف هو ان السلطة الحقيقية هي بيد الأمين العام عزام الايوبي. وهذا يدل على اشكالية عميقة في العمل السياسي داخل الجماعة، تسببت باستقالة هرموش، مما يعني ان المعطى الداخلي غير مريح، والصراع حول القرار الداخلي أثرّ على الجماعة. ثانيا، لم تقدم الجماعة برنامجا سياسيا واضحا، بل اضطرت الى التحالف مع التيار الوطني الحر، وهو تحالف ضد الطبيعة، فلم تستغسه القاعدة الشعبية للجماعة”.

ويتابع الايوبي “اضافة الى غياب الجماعة عن القضايا الحياتية والانمائية للبنانيين، فلا تتناول في بياناتها الا قضيتين، الاسلاميين المسجونين، وقضية عطلة يوم الجمعة. لذا لا يمكن للجماعة ان تغيب عن موضوع كسلاح حزب الله مثلا. كما لا يمكن لها ان تغيب عن الشأن العام، اضافة الى غياب خطاب التنمية ومفرداتها، رغم جهود النائب عماد الحوت”.

ويرى الايوبي انه “لا شك ايضا انه ثمة دور لما حكيّ عن حرب خارجية منعت التحالف مع الجماعة. وهذا يفتح الباب على نقاش حول مسألة أخرى أكثر أهمية، وتتعلق بمستقبل الجماعة في لبنان. رغم ان خطابهم وسطيّ. لكن حيادهم لا يفرض عليهم الغياب عن قضايا الناس الحياتية. لذا المطلوب الدفاع عن الوسطية بوجه التطرف، مع اعداد رؤية متكاملة بخصوص التطرف الذي يندرج في المواجهة الفكرية والتنموية”.

إقرأ ايضا: الجماعة الإسلامية: ترشيحات على مستوى لبنان ولا تحالف مع حزب الله

ويشير الايوبي الى ان “الجماعة أسست حزبا منذ سنوات، فلماذا لا يزال هذا الحزب على الرف، رغم ان الجماعة تحتاج الى الراحة من العمل السياسي، وتحتاج لاطلاق هذا الحزب. والمطلوب تقليد الاسلاميين في كل من الاردن وتركيا وتونس، والانطلاق بعمل وطني يأخذ بعين الاعتبار خصوصية لبنان. واليوم، وبعد التشتت لم تعد الجماعة او تيار المستقبل، او اي حزب يمثل السنّة أن يقول اننا المرجعية الجديدة. فالامر يحتاح الى تراكمات واستعادة للوزن، والتعاون الشامل فيما بينهم في اطار الثوابت الوطنية، من اجل الحفاظ على لبنان”.

ويختم، أحمد الأيوبي، بالقول”المطلوب بمعنى آخر لبننة الجماعة، بشكل نهائي وقاطع”.

السابق
صور لبعض العائلات الصينية مع كافة أغراضهم المنزلية البسيطة!
التالي
المشنوق: أنجزتم انتخابات ناجحة بشهادة عربية وأوروبية وأميركية