سلاح حزب الله باقٍ في دولتنا الضعيفة «ورقة التفاهم» في مهب الدولة العارية

علي الأمين
فقرة الصحافي علي الأمين في برنامج "على مسؤوليتي" على صوت لبنان.

ثمة حقيقةٌ لم تهتز رغم المحاولاتِ المتكررةِ والعقيمةِ للمواءمةِ بين ثنائيةِ السلاحِ الشرعيِّ والسلاحِ غيرِ الشرعيّ، بين سلاحِ الدولةِ اللبنانيةِ والسلاحِ الاقليميِّ الذي يتخذُ لبنانَ منطلقاً لعملياتٍ عسكريةٍ وحروبٍ من سوريا الى العراقِ فاليمنِ، المواءمةٌ مستحيلةٌ رغم تسليمِ كلِّ القوى اللبنانية برضىً او مرغمين بهذه الثنائية، الجميع، منهم من يهلل لها، ومنهم من يتعامى ويلوذ بالصمت إلاّ من رحمَ ربَّك.

إقرأ أيضاً: ذا بوست، بلوك رقم 9، وورقة التفاهم

حتى الاستراتيجيةُ الدفاعيةُ التي كان يمكنُ ان تشكلَ معبرا لمعالجةِ اشكاليةِ هذه الثنائيةِ، عبر المحافظةِ على خصوصيةٍ لسلاحِ المقاومةِ ضد اسرائيلَ، لكن تحت اشرافِ الدولةِ، باتت في سلةِ المهملاتِ وباتَ الحديثُ فيها وكأنّه خارجَ الزمنِ وخارجَ الموضوعِ.
رغم تسليمُ السلطةِ الحاكمةِ في لبنانَ لخياراتِ حزب الله الاقليمية والاستراتيجية من الناحية الفعليةِ، الا أن الثقةَ بمشروعِ الدولة لم يجد طريقه الى اذهان قادة هذا الحزب، بل ان الوقائع تُظهر أن ثمةَ سلوكٌ تحكمهُ رغبةٌ جامحةٌ في جعلِ الدولةَ بكاملِ مؤسساتِها طوعَ بنان سلطة الدويلة، ويتم استخدامُ سطوةَ السلاحِ من اجل اخضاع قراراتها السياديةَ والتحكمَّ بها بما يتناسبُ مع مصالحٍ اقليميةٍ ليس للّبنانيين كشعبٍ دورٌ او رأيٌ يؤخذُ به.
قبل اسبوعٍ زار احد كبار المسؤولين الايرانيين لبنان “عضو مجلس الخبراء ابراهيم رئيسي”، وعند خروجه من قصر عين التينة، اعلن أن لبنان وايران دولتان في محور المقاومة الى جانب دولٍ عربيةٍ اخرى، لم يذكر اسمَ ايَّ دولةٍ عربية اخرى لا العراق ولا سوريا ولا غيرهما، ربما لادراكِه ان احدَ المسؤولين في تلك الدول سيخرجُ ويعترضُ على ضم دولتِه الى محورِ ايران، اما لبنان فكان مطمئناً الى أن احداً من المسؤولين لن يحتجَّ او يعترض.
رغم هذه الوقائع ورغم وجود لبنان في محور تقوده ايران كما قال رئيسي، فان الوثوق بلبنان لم يتحقق، فحزب الله يرفض ايَّ بحثٍ جديٍّ بتسييل سلاحه في خزّان الدولة، لا لأنه لا يثق برئيس الدولة، او ببقيةِ اطراف السلطة، بل لاعتبارٍ آخر يتصل بأن لبنان في حساباته، ليس دولةً ولا وطناّ، بل ساحةً ومنصةً لمشروعٍ اقليميٍّ له حساباته التي تتنافى مع سيادة الدولة.

إقرأ أيضاً: «التفاهم» الذي ينقض الدولة

في الاسبوعين الأخيرين كُشف هذا الترابط العضوي والموضوعي بين السيادة، وايِّ محاولة جادة لاعادة الاعتبار لمشروع الدولة. الذين رهنوا منذ ٦ شباط ٢٠٠٦ اي منذ تفاهمِ مار مخايل الشهير، على ان ثمة امكانيةً للمواءمةِ بين الدولةِ والدويلةِ، بأن تطلقُ يد المؤسسات الدستورية والقانونية لاصلاح ما يمكن اصلاحه في الحيز الداخلي الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، في مقابل تسليم السلطة الرسمية بدور حزب الله الأمني والعسكري وتبني خياراته الاستراتيجية، المراهنون على نجاح هذه المعادلة يكتشفون اليوم هذا الترابط العضوي بين السيادة الوطنية والاصلاح، ذلك أن نظام مصالح مشروع الدويلة والسلاح الاقليمي ولا أقول سلاح المقاومة، يتناقض مع اي مشروع جدي لاصلاح احوال الدولة، فشرط حماية السلاح الاقليمي في لبنان ان تبقى الدولة ضعيفة وعاجزة، الصدمة كبيرة في ذهن من كان يعتقد واهماً ان سلاح حزب الله يمكن ان يكون عنصراً مساعداً لاعادة الاعتبار للدولة.
السلاح الاقليمي سبب قوته ونفوذه في لبنان، ان تبقى الدولة غطاء له وورقة التوت التي يحتاجها، الا ليستر عورة الدويلة تلك التي لا تستمر وتتمدد الا بتشويه الدولة، واضعافها ونهبِها، وانتهاك دستورها وقوانينها، وهذا ما هو قائم اليوم.

السابق
السبهان يغرّد!
التالي
علي حسن خليل: وقعنا مرسوم الأقدميات