ماذا يقصد باسيل بـ«إلغاء المذهبية» في بلد طائفي؟!

ماذا يقصد باسيل بطرحه القاضي إلى "إلغاء المذهبية؟" وهل هي فعلا أرنب جديد يخرجه باسيل في سياق السجال بين "أمل" و"التيار" كما يتهمه الفريق الأوّل؟

كلّما إقترب موعد الإستحقاق النيابي كلما إشتد الكباش السياسي الحاصل بين فريقي رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وما حصل أمس من جولة جدال جديدة بين الوزيرين جبران باسيل وعلي حسن خليل لا يمكن فصله عن نتائج إجتماعات اللجنة، التي وضعت حدا نهائيا لأي اتجاه الى تعديلات على قانون الانتخاب. إلا أن حدّة هذه جولة الاشتباك هذه تعكس انطباعات عن الأزمة ما زالت مفتوحة بين الرئاستين الأولى والثانية، ولن تنتهي فصولها قبل الاستحقاق النيابي حتى أن مجلس الوزراء لم يسلم من تداعياتها.

اقرأ أيضاً: أزمة بري – عون تتسع.. ووزير المال يهاجم رئاسة الجمهورية

جولة السجال الجديدة بين “ماريونت” الصراع تفجّر فتيله أمس مع إقترح باسيل “الغاء المذهبية السياسية لنحافظ على المناصفة”، داعياً الى الغاء المذهبية في الوظائف “على ألا يمس أحد بالتوازنات التي تحفظ حق الجميع ولنستعد بذلك مرحلياً للذهاب الى الدولة المدنية”. وبعدما شدد على ان “لبنان لا يعيش في ظل ثنائيات”، رأى ان “الاتهام بالانقلاب على الدستور يأتي ممن يخلقون أعرافاً جديدة لا من الملتزمين بالاعراف القائمة”.

وقد جاءه الردّ سريعا من وزير المال دون أن يسميه، فشدد على “إنّ الدستور هو ضمانتنا ولكنّه لا يتكيّف وفق الأهواء السياسيّة، والدستور ليس وجهة نظر كما القانون أيضاً لا يخضع للتفسير من غير صاحب الحق بالتفسير..”. واضاف: “سمعت كلاماً اليوم من أحد المسؤولين حول تفسير المادة 95 من الدستور. دعونا نكون مباشرين وواضحين، إنّ هذا التفسير يعيدنا 27 سنة إلى الوراء، لأننا ناضلنا كلنا كلبنانيّين لنطوّر نظامنا السياسي في البلد والذهاب به إلى الأمام وأن نحاول إلغاء كل هذه العقد المذهبيّة والطائفيّة ..” موضحا ” نحن اليوم كلنا طوائف متساوية… لا نستطيع أن نفسّر الدستور على طريقة المفتين الجدد الذين في مواقع مسؤوليّة والذين ورّطوا هذا العهد..|”

اللافت في هذا السجال المستجد بين الويزرين أنّه إتخذ طابعا دستوريا، مع مطالبته بإلغاء “الدستورية”، فماذا يقصد باسيل بطرحه “الغاء المذهبية” في بلد طائفي كلبنان، تجري فيه المحاصصة بين تلك الطوائف بشكل علني؟ وهل هذا أرنب جديد يخرجه باسيل في سياق السجال بين “أمل” و”التيار” كما يتهمه الفريق الأوّل؟

في هذا السياق، كان لـ “جنوبية” حديث مع الصحافي والمحلل السياسي نبيل هيثم الذي رأى أن ” المشهد يكرر نفسه، فبالعودة إلى فترة إعداد القانون الإنتخابي رأينا نفس الصخب السياسي والأرانب والطيور والبجع جميعها التي كان يخرجها باسيل!” وأضاف “الوزير باسيل يحترف الخصومات ولا يحترم مدّ الجسور والعلاقات الطيبة بين الأفرقاء السياسيين “. خصوصا أنه ” كان يدرك تمام أن إقتراح التعديلات الإنتخابية لا يمكن أن يتحقق “. وأضاف” عمليا لا يمكن لأحد أن يملي على الآخرين كل رغباته في الوقت الذي لا يقبل فيه أي إقتراح من الآخرين”.

نبيل هيثم

وفيما يتعلّق بما جرى أمس قال هيثم إن “رسالة باسيل تلقفها الرئيس برّي والوزير حسن خليل، ففيما هذا الطرح ليس له أكثرية لتمريره حتى باللجنة الوزارية، المقصود من قبل باسيل هو أن يمرر رسالة إلى اللبنانيين والمسيحيين بأنه الوحيد الذي يريد التعديلات والإصلاحات والآخرين لا يريدون ذلك “.

وأشار إلى أن هذا الإقتراح “يوضع بإطار الشعبوية والنكد السياسي، متسائلا إلى أين ستصل هذه الحملات السياسية فكل هذا لا يوصّل إلى نتيجة” . مؤكدا ” شاء أم أبى أي طرف سياسي فهو بحاجة إلى الطرف الآخر ومهما فعل باسيل في النهاية سيجلس مع الرئيس برّي”.

وفي سؤالنا، عن هل فعلا باسيل ورّط العهد كما قال الوزير قال “حتى العهد نسفه يعلم هذا الأمر لكن لا يقوله”. وختم هيثم بالقول “هذا المشهد غير مرضٍ ويعبّر عن نوع من سياسة جديدة تتمثل بـ ” أنا أو لا أحد”.

ومن جهة ثانية كان لـ “جنوبية” حديث مع عضو كتلة التغيير والإصلاح النائب زياد أسود الذي رأى انه ” الكلام فوق السطوح والكلام الذي لا يحفظ الهدوء في البلد غير مفيد وأضاف كل فريق لديه وجهة نظر مبررة إما قائمة على نصّ دستوري أو على ممارسة ، كما أن كل فريق يرى أن تجربته إتجهاها مفيد أكثر من تجربة الآخر”. مشيرا “لكن إذا كنا نريد أن نقيس تجربة الممارسة السياسية منذ 1992 عند نشأة حتى اليوم نرى أن النتائج ليست إيجابية بشكل كبير “.


وأضاف “على مستوى ممارسة السلطة والحياة العامة في ظلّ التعقيدات الحاصلة والتعقيدات في تطبيق الدستور وممارسة السلطة وتناغمها بين كل المؤسسات الدستورية نرى أننا نحن أمام مشهدية مقاطعات ضمن الدولة”. ونصح أسود إلى “ضرورة الهدوء والجلوس على طاولة واحدة للحوار”. وإعتبر أن “كل هذه السجالات الحاصلة والأخذ والرد أمر غير مفيد ولا يؤدي إلى إيجاد حلول”.

اقرأ أيضاً: معركة صيدا – جزين: تناتش المقاعد بين عون وبري.. وجاد صوايا يتقدم كاثوليكياً!

وفي الختام قال أسود “كيفية ممارسة السلطة الدستورية وكيفية إيجاد حلول والحكم في المسائل والتباينات الدستورية لا تحل باسلوب انه كلما تحدث وزير الخارجية جبران باسيل أن يرد طرف آخر عليه. الحلول تأتي بالحوار وليس بالسجال”.

مصدر من التيار الوطني الحرّ أكّد لـ “جنوبية” أن ما قاله الوزير باسيل واضح. التيار مع الدولة المدنية ـ وبما أن هذا الأمر متعذر في الوقت الحالي، فالوزير باسيل دعا إلى إلغاء المذهبية السياسية في الوظائف”. مشيرا إلى أن هناك حملات على باسيل وعلى التيار بإختلاق المشاكل وهو أمر غير صحيح وكل الإتهامات مردوة لأصحابها “. مؤكدا أن التيار ليس بوارد سجالات نحن فريق نعمل على إتجاز تفاهمات مع الجميع لأن الوطن يقوم على التفاهمات والشراكة الوطنية كما أيضًا الحفاظ على الدستور والقانون وهي مدرسة الرئيس عون”.

السابق
حزب الله وفارس سعيّد… والمقعد الشيعيّ ثالثهما
التالي
فيديو للوليد بن طلال من مكان احتجازه في «الريتز كارلتون»