رحيل عصام العبدالله شاعر المحكية المتفوِّقة

عصام العبدالله
رحيل الشاعر عصام العبدالله.. الصوت العالي والمدوّي.

“ظَهَرَ” صوته عالياً، وذا دَوِيّ لافت، بل دويّ من نوع خاص، عندما قرأتُ في إحدى قصائده، وفي ذروة من ذُراه الشِّعرية الفريدة والمتفرِّدة، قوله صارخاً، وهو يعلن، وبوضوح باهر، هو أشدّ ما يكون غموضاً، على المستوى الإبداعيّ: “بوابة الموت أوطى من سقف تابوت”.

اقرأ أيضاً: عصام العبدالله: اتمنى لو انني فرعوني

ولقد حضرني هذا القول، الذي لازم حضوره في كياني اللوعة والحسرة، على رحيل قائله، الشاعر الراحل عصام العبدالله. ذلك لأن لحظة معرفتي بموت عصام العبدالله كانت لحظة فارقة فعلاً، لحظة وجودية أرجعتني زمناً طويلاً إلى معرفتي بهذا الشاعر الخلاّق، الذي كان – وبمبادرة شخصية منّي في محاولتي التعرّف عليه – على رأس من قرأوا نصوصي الشعرية الأولى، وكان أجدرهم، في الحُنُّوّ وإسداء النّصح “الأبوي” والأخوي لي، في كتابتي الشعرية، عموماً. ذلك لأن عصام العبدالله هو القامة العالية في التفوّق الشعري بالمحكيّة العربيّة، إذ هو أحد آباء المحكيّة اللبنانية والعربية في آن معاً، على صعيد الإبداع الشعري فهو الذي نراه في شعره، ومن خلال تمتُّلنا قوله الرائع، الذي غنّاه مرسيل خليفة: “مارِقْ عَسَهْلِ الجَمْرْ وبيعدّْ دعساتو…”.
أي أنه كان “متنخِّلاً” في شعره إلى أبعد الحدود. وهذا – برأينا – ما جعل شعره وهو الشعر المحكيّ، مضاهياً للشّعر الفصيح، مضاهاة تكافؤية، لا غبار عليها.

كان عصام العبدالله، لطيف المعشر، خفيف الظلّ، قويّ الحضور، بين عارفيه وأصدقائه ومحبّيه. وعزاؤنا – في النهاية_ أن حضوره الإبداعيّ سيظل قويّاً لدى قارئيه.
يا مَنْ كنت ممنْ أُحبّهم
ذكراك ستظلُّ
في وجداني شاهدةً
شامخة على ضريح
جَهْلِ أمتنا الأَرعنْ…

اقرأ أيضاً: الشاعر عصام العبدالله: أمشي مستقيماً في الشارع وفي الحياة

أعماله الشعريّة:
“قهوة مرّة” (دار الفكر اللبناني – بيروت)؛ “سطر النّمل” (دار الجديد – حارة حريك)؛ “مقام الصوت” (دار النهضة العربية – بيروت).

وري الشاعر في الثرى اليوم الأربعاء في روضة الشهيدين – الشياح. وسيقام يوم غد الخميس عزاء عن روحه الطاهرة في البريستول – الحمرا من الساعة العاشرة صباحاً حتى الساعة الثامنة مساءاً.
وسيقام نهار السبت ذكرى أسبوع في بلدته الخيام.

السابق
عهد الفلسطينية: من طفلة غاضبة الى شابة ثائرة
التالي
قمعُ الحرّيات قبل الإنتخابات؟