بدأ العد العكسي للإنتخابات النيابية المقبلة بعدما وقع وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، على أن تجري العملية الانتخابية يوم الأحد في 6 أيار 2018 في كل لبنان. أما في دول الانتشار فستتم خلال يومين مختلفين.
مع هذا الإعلان يسقط كلّ توقع حول تأجيل الانتخابات، وتتجه الأنظار نحو صناديق الاقتراع مع القانون النسبي بالصوت التفضيلي الذي أقرّ مؤخراً.
هذا ويتوقع المراقبون أن تكون هذه المعركة الانتخابية معركة “كسر عظم”، لاسيما في مدينة طرابلس والتي تعد الثقل السني والكفة الراجحة.
حيث ستشهد طرابلس المعركة “حامية”، وأسهم تيار المستقبل التي ارتفعت مع استقالة الرئيس سعد الحريري والظروف التي حاوطت تواجده في السعودية، تراجعت بحسب ما تؤكد مصادر متابعة لـ”جنوبية”.
وإن كان “المستقبل” ينفي ذلك، معولاً على مزاج الشارع الذي يتماهى معه، إلا أنّ موازين القوى لن تصب في صالحه، إذ تتحدث أوساط عن لائحة جامعة لكل الأقطاب الطرابلسية “اللواء أشرف ريفي – الوزير السابق فيصل كرامي – دولة الرئيس نجيب ميقاتي – إضافة إلى الكتائب”، وستتسع هذه اللائحة إلى عكار حيث النائب خالد الضاهر.
ويتوقع أيضاً أن تضم هذه اللائحة النائب أحمد فتفت الذي غرّد مؤخراً خارج سرب المستقبل، إضافة إلى القوات اللبنانية في حال اتجه المستقبل إلى التحالف مع التيار الوطني الحر.
في المقابل تؤكد الأوساط أنّ توجه المستقبل إلى تشكيل لائحة مع ما كان يسمى بفريق 8 آذار وفي مقدمتهم التيار الوطني الحر والمردة، لن يصب في مصلحته شمالاً.
في هذا السياق أكّد المستشار السياسي للرئيس نجيب ميقاتي الدكتور خلدون الشريف لـ”جنوبية” أنّه من المبكر الحديث عن التحالفات، لافتاً إلى أنّ اللقاء الذي جمع الرئيس نجيب ميقاتي مع اللواء ريفي، سبقه غداء مع الوزير السابق فيصل كرامي.
وأشار الشريف إلى انّ ما يتم حالياً هو محاولة بحث وسبر أغوار، وهناك احتمال وإمكانية للتحالف مع الجميع.
وفي تعليق له على إمكانية عقد لائحة جامعة لكل الأفرقاء في طرابلس، قال “علينا أن نرى القانون النسبي كم سيعطينا، وكل شيء مرتبط بالحسابات وجميع الاحتمالات واردة، ونحن سندرس الاحتمال الذي سيؤمن أكبر قدر من الفوز وسنتجه إليه”، مشدداً أنّ علاقة الرئيس ميقاتي ممتازة مع كل من اللواء أشرف ريفي والوزير السابق فيصل كرامي، وأنّ العلاقة مع الحريري ليست عاطلة من جانب ميقاتي على الأقل.
هذا ولفت شريف إلى أنّ هناك انفتاح على الأسماء المستقلة مؤكداً أنّ تبنيها في لائحتهم هو أمرٌ وارد جداً.
من جانبه أوضح مستشار اللواء أشرف ريفي الصحافي أسعد بشارة لـ”جنوبية” أنّه “منذ البداية إلى النهاية معيار التحالفات لم يتغير، ليس هناك من تحالفات تكتيكية، هناك تحالفات على أساس التوافق على مبدأ سيادي وعلى قناعات وثوابت، وبالتالي كل من يكون في الموقع السيادي والإصلاحي في مقاومة دولة الفساد والوصاية الإيرانية ومشروع حزب الله، هو حليف طبيعي للواء أشرف ريفي”.
مضيفاً “اليوم هناك تواصل مع الكثير من القوى السيادية والإصلاحية والمجتمع المدني، وهذا التواصل هو تحضير لإطار وطني يعارض نهج السلطة الحالية بشقيها، شق التبعية لمشروع حزب الله والشق الآخر الذي هو شق الفساد”.
ليؤكد بشارة أنّ هذا هو معيار التحالفات بين اللواء أشرف ريفي وأيّ شخصية سياسية.
وفيما يتعلق بشعبية تيار المستقبل وحظوظه في طرابلس، لفت بشارة إلى أنّ “طرابلس هي عاصمة الشمال ومركز الثقل، وهي المدينة التي رفدت ثورة الاستقلال بكل الدعم، أبناء طرابلس هم مع الخط السيادي، وبالتالي هذه التسوية التي صيغت مع حزب الله مرفوضة مع تأكيدنا على هذا الواقع الذي عبّرت عنه طرابلس بكل محطاتها الانتخابية، حيث قامت المدينة باستفتاء على سيادة لبنان والقضية السيادية”.
متابعاً “نحن نثق بأهل طرابلس ونحترم خياراتهم وبالنهاية الكلمة لهم وللأرض، لأنّ طرابلس ليست مدينة معزولة هي جزء من حالة كبرى في لبنان ترفض الوصاية الإيرانية على لبنان وأن يكون لبنان في المحور السوري – الإيراني”.
وشدد يشارة أنّه “ليس الهدف للواء ريفي في الانتخابات النيابية فقط ربح المقاعد بناء على تحالفات مصلحية، الانتخابات بالنسبة إليه هي استفتاء وطني على خيار الثوابت”.
وعمّا إن كنا سنشهد مفاجآت قبل الانتخابات على صعيد العلاقة بين اللواء أشرف ريفي وتيار المستقبل أم أنّ الأمور وصلت إلى طريق مسدود، قال:
“لا يوجد شيء اسمه طريق مسدود إلى النهاية، واللواء أشرف ريفي مدّ اليد بعض الاستقالة وقال للرئيس سعد الحريري كتفي إلى كتفك، وأنّه يتبنى مضمون الاستقالة. ولكن للأسف تمّ الرد على اللواء ريفي بحملة تخوين شعواء وظالمة، وقد قام فريق الرئيس الحريري بشن حملة إعلامية وسياسية في اللحظة التي بادر فيها اللواء ريفي، وهذا أمر يثير الانتباه كثيراً وكأنّه هناك من يريد أن يشق الصف الداخلي ولا يريد العودة إلى خيار الثوابت”.
إقرأ أيضاً: تحالف «الحريري – فرنجية – عون » يعزل «القوات» في دائرة الشمال الثالثة
لافتاً إلى أنّ “اللواء أشرف ريفي قد عارض التسوية وجهاً لوجه، وما قاله في وسائل الإعلام يقوله في الغرف المغلقة وما قاله في طرابلس وبيروت يقوله في أيّ مكان من العالم، هناك موقف واحد للواء ريفي حيث اتخذ قراراً بمواجهة ما سمي بالتسوية والتي كانت نتائجها لاحقاً كما توقعناها تماماً حيث سيطر حزب الله على القرار اللبناني بشكل كامل”.
وفي سؤال له حول العلاقة مع دولة الرئيس نجيب ميقاتي، أكّد بشارة أنّ “العلاقة الشخصية بين الرئيس نجيب ميقاتي واللواء أشرف ريفي جيدة جداً، ولم تتأثر يوماً”.
موضحاً أنّ “هذه العلاقة اليوم تنصب على فصل السياسة عن الإنماء في طرابلس والعمل المشترك مع كل قيادات طرابلس التي تحب أن تعمل لخير المدينة لدعم البلدية وتفعيل عمل مجلس البلدي لخدمة طرابلس”.
إقرأ أيضاً: الانتخابات الفرعيّة في طرابلس وكسروان: برّي «يترحم» والجميل «يتساءل»!
وبالعودة إلى التحالفات التي سيعقدها تيار المستقبل في طرابلس في الانتخابات النيابية، تواصل موقع “جنوبية” مع منسق عام التيار في طرابلس الدكتور ناصر عدرة الذي أكّد أنّ موضوع التحالفات يحدده الرئيس سعد الحريري بشكل شخصي.
مضيفاً “نحن نستعد لهذه الانتخابات، والماكينات الانتخابية جاهزة”.
ولفت عدرة فيما يتعلق بواقع شعبية المستقبل إلى أنّ “الحالة شعبية للمستقبل وللرئيس سعد الحريري موجودة في مدينة طرابلس وتعبر عن نفسها في جميع المناسبات وقد شهدنا مؤخراً خلال الأزمة التي رافقت الاستقالة التضامن الشعبي الكبير حول دولة الرئيس”.
وعند سؤاله حول تراجع هذه الأجواء المتضامنة عقب التريث والتراجع، أوضح أنّ “التريث والتراجع كان لهما أسبابهما، والرئيس الحريري يقدم مصلحة الوطن عن أي مصلحة ثانية، وهو لم يعد عن استقالته إلاّ وفق ثوابت معينة تمّ التأكيد عليها بقرار من مجلس الوزراء وليس ببيان وقد صرّح مراراً أنّه سيتابع تنفيذ هذا القرار”.
ليخلص عدرة بالقول عند سؤاله عن تبدل موازين القوى في طرابلس “نترك هذا الموضوع لخيارات أبناء مدينتنا طرابلس وهم الذين يستطيعون تحديد هذه الخيارات أكثر مني، والناس على وعي كافٍ لتحديد خياراتها”.
