لبنان وخطر الاستبداد

فقرة الصحافي علي الأمين في برنامج "على مسؤوليتي" على صوت لبنان.

تحضروا ايها اللبنانيون لمرحلة توافق أهل السلطة، استعدوا بكامل مشاعر الحب والتبجيل وصفقوا للقادمين اليكم بشعار النأي بالنفس عن حقوق الدولة حق الدستور على الحكام، حق القانون، حقوق المواطنين على السلطة.
هيّئوا انفسكم والعيون لمشاهدة الخواء، افرحوا واستبشروا بالأمن الذي يتنزل علينا كآيات بيّنات، الأمن والاستقرار وماذا تريدون بعد؟ يجب ان تشكروا وتزيدوا من الحمد على النِعم التي تُنعم السلطة عليكم بها، لا هم ان كان هذا الأمن وهمي ولا تفكروا كثيرا اذا كان مستندا الى قواعد واسسٍ ثابتة، ولا تشغلوا بالكم ان كان الأمن مبنيا على ارادة حكامنا او لغاية في نفس الخارج الذي اقتضت حساباته ان ينحينا جانبا وسط الحروب والأزمات التي يعيشها محيطنا العربي.

إقرأ أيضاً: أحمد الأيوبي ما زال موقوفاً.. والسبب «نادر الحريري»

الذي يتسلل الينا كلبنانيين من هذا التوافق، ليس الوعود بتثبيت قواعد وشروط الدولة، ولا خطط التنمية التي تكافح الفقر والعوز والبطالة، ولا الوعود باعتماد وسائل مكافحة الفساد او معاقبة من ينهشون من قوت المؤسسات والشعب مالا حراما، ولا هذا التوافق نفسه الذي قد يخيل للبعض انه في سبيل استنقاذ المواطنين من مهالك الفوضى والمحاصصة الخبيثة والبذيئة والمدمرة.
نحن اللبنانيون امام عملية مصادرة لئيمة لما تبقى من معنى للبنان، اي مصادرة الحرية تلك التي باتت اليوم هدفا وجوديا لسلطة لا تستطيع البقاء من دون الالتفاف عليها وخنقها، سيف السلطة يشهر اليوم في وجه كل من يتجرأ على المسّ بهذا التوافق المشبوه، المسّ او التحذير من مصادرة حق المواطن بأن ينتقد الفساد، حق المواطن بأن يرفض ويحتج على استخدام القانون من اجل قمع حق الاختلاف، يراد للبنانيين اليوم ان يكونوا مستسلمين لكل قرارات السلطة التي تهددهم بسيف التوافق، وتستفزهم بسيف القانون المشبوه، والعدل الذي صار ميزان مختل في يدها.

ازاء كل ما يواجه لبنان اليوم من اخلال بالسيادة واستباحة للدستور والقانون، ومن افقار للمواطنين، ومن فساد بات لا يخفى على احد، فان الحرية التي تكفلها القوانين هي المادة الأولية لمواجهة نزوع السلطة نحو الاستبداد، الحرية هي الوسيلة لحماية انفسنا كمواطنين من تغول السلطة، والاستهانة بهذا الحق كفيل بأن يحولنا الى مجرد كائنات تفتقد هويتها الانسانية وميزتها المواطنية.

إقرأ أيضاً: من مرسال غانم إلى أحمد الأيوبي: نتن الفساد وجرح العدالة

لبنان امام خطر الاستبداد اليوم، هذا ما تعدنا به سلطة التوافق اليوم، وهذا ما نلمسه في تحريك النيابات العامة ضد اصحاب الرأي ولا نراها تتجرأ على من ينهش في جسد الدولة، على من يصادر الاملاك العامة من اصحاب السلطة او زبانيتها، على من يحول هوائنا الى امراض من أجل صفقة مشبوهة في النفايات، الى من يستخدم مرافىء الدولة ومعابرها لمآرب سياسية وامنية وللتهرب من الضرائب.
يكفي اللبنانيين ليتحسسوا الخطر على ابسط حقوقهم، ان يراقبوا كيف تستخدم هذه السلطة بكل مكوناتها وبعنوان التوافق، سلطة القضاء في مواجهة اصحاب الرأي اما المجرمون الحقيقيون بحق الدولة فلا يزالون في كنفها بلا مساءلة ولا محاكمة.

السابق
إحباط محاولة اغتيال رئيسة وزراء بريطانيا
التالي
النأي بالنفس يعود بالحريري عن استقالته بانتظار عودة حزب الله من معاركه