معالجة معضلة «السلاح» واجب وطني وليس خياراً

لأنّ حزب الله حزباً يقدم نفسه على أنّه حزب اقليمي، أي أنّه وبحسب ما تعلن قيادته هو حركة جهادية لا تقف الحدود بين الدول عائقاً أمام حقّها في نصرة المستضعفين في كل الدول أو الساحات، لذا هو حزب لا يستقيم “جهاده” أو “التكليف الشرعي” الذي يحدد مشروعية أيّ عمل يقوم به، إلاّ بمزيد من تطويع القاعدة أو الدولة التي ينطلق منها نحو “ساحات الجهاد” بما يتلاءم مع طبيعته، لا أن ينسجم هو مع مقتضيات الدولة.
إيران نفسها، أي مركز الولي الفقيه ودولته، لا تعطي شرعية للخروج عن سلطة الفقيه الذي يكتسب صلاحيته من الدستور الإيراني، فهذه التي يتربع على عرشها الولي الفقيه، والذي يكتسب شرعيته من الانتخاب، ولو شكلاً تعاقب وجود أيّ فرد أو فئة أو حزب فضلاً عن قوة عسكرية، تأتمر بسلطة أو مرجعية من خارج نظام السلطة التي يمثلها المرشد.
حتى الثنائية التي تتمثل في الجيش-الحرس الثوري، هي ثنائية في الشكل، أي أنّ مرجعية الطرفين تبقى الدولة الإيرانية وعلى رأس هرم السلطة فيها مرجعية المرشد، إذ لا يستقيم أمر السلطة والدولة إن لم تقم على حق احتكار العنف.

إقرأ أيضاً: هذه وظيفة سلاح حزب الله

ما يريده اللبنانيون من حزب الله، هو ما تتبعه إيران وولي الفقيه نفسه على الأراضي الإيرانية، أي رفض أيّ ثنائية على حساب سلطة الدولة ومرجعيتها، سواء كانت هذه المرجعية اسمها الدستور أو ولي الفقيه، فاحترام الدستور اللبناني والالتزام بمقتضياته، مبني على العقد الاجتماعي الذي يقوم بين الشعب والسلطة، وهذا العقد هو المقيد لكلا الطرفين والناظم عبر الدستور والقوانين، لشروط إدارة الشأن العام.
هذه من البديهيات في كل الدول سواء كانت دينية أو لا دينية، لا فرق، فلا دولة من دون حق احتكار العنف، ومهما حاول حزب الله إضفاء البعد الديني على سياساته وسلوكه على صعيد تجاوز شروط الدولة، فهذا يبقى من محاولات الهيلمة والمصادرة والاستقواء بل الاستكبار على اللبنانيين، فليس من الدين أن تعطي لدولة حتى لوكانت دينية حقوقاً في دولة أخرى تخل بدستورها وقوانينها، وتمنع هذا الحق المفترض من أن يستخدم من قبل الدول الأخرى على أرضك. هذا يتنافى مع العدل إلاّ إذا كانت الدولة الأخرى هي دولة عدوة وهذا شأن آخر وموضوع ليس مجاله لبنان وإيران.

إقرأ أيضاً: العودة إلى ما بعد اغتيال الحريري وماقبل حرب 2006: سلاح حزب الله

النقاش بكيفية معالجة معضلة سلاح حزب الله، ليس حقّاً مشروعاً لكل لبناني فحسب، بل واجب وطني، في سبيل تعزيز الشراكة الوطنية وحمايتها، وترسيخاً للدولة وشروطها، وللتأكيد على المساواة بين المواطنين.
المقاومة ياعزيزي فعل شعبي لمواجهة احتلال أرض الوطن، وليست مقاومة تلك التي تستدعى إلى كل ساحات الحروب الأهلية وغير الأهلية في المنطقة، وبمعزل عن أحقية هذه القضايا أو عدم أحقيتها.

السابق
بين حماس باسيل وفتور همة المغتربين: 92 ألف مقترع تسجّلوا ولن يؤثِّروا
التالي
بعد إخلاء سبيله مقابل 5 ملايين.. الأيوبي لـ«جنوبية»: القضية «كيدية» وشكراً لكل من تضامن معي