المرجع الشيعي «نكونام»… يُجلد ويُسجن في إيران!

وصلت العلاقة بين النظام الايراني الإسلامي وبين الحوزة في قم الى حد البطش بأفرادها وعزلهم والاطاحة بهم.. فماذا جرى مع المرجع محمد رضا النكونام، وهو الثاني بعد شريعتمداري؟

أيدت محكمة الاستئناف في 17 ايلول الحكم الصادر عن “محكمة رجال الدين في قم”، والقاضي بسجن المرجع آية الله العظمى الشيخ محمد رضا النكونام (70 عاما) وجلده 50 جلدة وسجنه 5 سنوات، مع مصادرة رسالته العملية ومنع توزيعها لكونه نقد السلطات الإيرانية.

والمرجع النكونام أحد ابرز رجال الدين الإيرانيين الموسوعيين من تلامذة الإمام الخميني، ومميّز بتنوع نتاجاته العلمية حيث فاقت مؤلفاته المئتي مؤلفاً في مختلف الفروع المعرفية كالفقه، وأصول الفقه، والتفسير، وعلوم القرآن، وعلم الكلام، والفكر السياسي، والاقتصاد، والأخلاق، والعرفان والحقوق.

اقرأ أيضاً: خفايا حياة خامنئي (1): الوجه الآخر للزعيم الزاهد

وكان قد اعتقل للمرة الاولى عام 2015 بسبب حوار مع صحيفة (قانون)، أعتبر فيه ان الحكومة الايرانية حكومة دنيوية، لا يحق لها فرض الشريعة بحسب رؤيتها، واعتقل مرة ثانية عام 2016.

وفي اتصال مع الصحفي حسن فحص، الخبير في الشؤون الايرانية، للاطلاع على الموضوع قال “ليس الامر بمفاجئ، فقد عملوها سابقا مع الشيخ شريعتمداري، حيث وضعوه في الاقامة الجبرية وجردوه من مرجعيته عمامته عبر ما يُعرف بـ”محكمة رجال الدين الخاصة”.
ويتابع فحص، بالقول “في ايران العلاقة مع رجال الدين أكثر انضباطا، نظرا لما يجري في العراق، والسيد الصرخي إنموذجا، وهو الذي لا يزال خارج السجن. لكن في إيران يمكن لأيّ شيخ ان يعلن مرجعيته، لكن عمامته لا تحميّه من القضاء والقانون”.

و”سياسيا، يُستخدم القانون في ايران في القضايا السياسية، فالشيخ يدخل الى السجن بحكم جنائي بكل بساطة، وايضا يُحاسب اذا كان معارضا”.

ويردف بالقول “اذ الخلاف السياسي يؤدي برجال الدين الى “محكمة رجال الدين الخاصة”، وهذه المحكمة تثير جدلا في ايران حول قانونيتها، أو عدم قانونيتها. ولمن يجب ان تتبع للنظام؟ ام لولاية الفقيه مباشرة؟ كون رئيس السلطة القضائية يعينه المرشد الاعلى”.

“وهذه المحكمة تنظر أكثر ما تنظر فيه من قضايا هي القضايا السياسية، وحكمها مبرم لا عودة عنه”. وقد اشار فحص الى ان “الشيخ مهدي كروبي يطالب بمحاكمته بعد اقامة جبرية تمتد لأكثر من سبع سنوات”.

وتعود الخلافات حول موضوع هذه المحكمة الى ان “الجدل بدأ منذ انتصار الثورة أي منذ أكثر من ثلاثة عقود، حيث الجدل في ايران يدور هل ان الحكم دنيوي؟ وهل ان ولاية الفقيه تخضع لقانون مدني ام ديني؟.

ويشرح فحص، قائلا “منذ ان أُقر نظام ولاية الفقيه تم وضع القانون والدستور بناءً على اصول مدنيّة، والسؤال هل ان ولاية الفقيه خاضعة للقانون كونها جزءً من الدستور؟ ولما لا تكون تحت سقف الدستور؟ فولاية الدستور قانونية وتخضع لاحكام الدستور”.


و”هذه المحكمة التي اصدرت حكمها فيما يخصّ المرجع “النكونام” تدّل على أزمة في النظام الايراني“. ولا بد من القول ان “رجال الدين والمراجع هم مجموعة مكرّسة في قم المقدسة، مقابل مجموعة غير مكرسة وغير مرضيّ عنها”.

ويختم المحلل السياسي حسن فحص، بالقول “بالمقابل، في النجف هناك مراجع كُثر، لكن الحديث لا يدور الا حول 4 مراجع فقط. هذا هو الواقع الحوزوي، وهذه هي أزمة قم والنجف”.

وفي اتصال مع مصدر عراقي مقرّب من الحوزة في النجف، قال لـ”جنوبية”: “هذه الحادثة يمكن مقاربتها بما جرى مع سماحة المرجع الاعلى السيد كاظم شريعتمداري عندما تدخلت الحكومة الإيرانية في الثمانينيات، وانهت دوره المرجعي”.

اقرأ أيضاً: إيران: متى الإنقلاب؟

ويتابع “عندما ندرس الموقف سنجد ثمة مشتركات بين الحادثتين”. وبالمقارنة مع حوزة النجف، يرى هذا المصدر أن “النجف محميّة بثلاثة قوى حديدية: اولا: مرجعية سماحة السيد السيستاني الهائلة الحجم، وثانيا: قوة ونفوذ سماحة السيد الصدر المدّعم بجناح عسكري ضارب، وثالثا: بنفوذ وتأثير عائلة آل الحكيم بقيادة المرجع السيد محمد سعيد الحكيم”.

فـ”هذه القوى الثلاث جعلت سلطة ايران ضعيفة نجفيّا. وهي التي وجهت ضربة قاسية للنظام الإيراني بعدم استقبال أو زيارة أو لقاء محمود الهاشمي الشاهرودي، رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام قبل اسبوع من الان”.

السابق
محزن مشاهدة وسائل الإعلام العربية وهي تفضح بلدان بعضها بعضاً
التالي
كيف يعيش سكان الصين؟