لماذا تُرك حصانُ السنيورة وحيداً؟

ما قاله الرئيس فؤاد السنيورة يحاكي الضمير اللبناني الثائر المعارض على الوصاية، فهل تخلّى المستقبل عن أحراره؟

كان لافتاً صيام التيار الأزرق حيال الحملة الهجينة التي تعرض لها رئيس كتلة المستقبل النيابية، النائب فؤاد السنيورة، وما يزال.
فالبيان الذي صدر باسم الكتلة بتاريخ 25 تموز والذي شدد على أنّ قرار حزب الله في خوض معركة الجرود هو قرار إيراني لا شرعية له، حوّل الرئيس السنيورة في لغة بعض السفهاء ممن طغت تبعيتهم على وطنيتهم وقباحة قلمهم على ثقافتهم إلى عميل وخائن ومدافع عن جبهة النصرة.

هذا الهجوم على السنيورة ليس الأوّل من نوعه، فهو الندّ الأوّل لمحور الممانعة، وذلك لثبات الموقف ولكونه لا ينكسر لا لمشاريعهم ولا لمخططاتهم ولا يلين أمام ضغوطاتهم، إلا أنّ السابقة هو الهدوء والتعاطي مع هذا الهجوم من قبل التيار وكأنّ السنيورة هو على الهامش وليس في صلبه وليس من الذين أسسوا لثورة الأرز ولما يسمى بـ14 آذار.

الساخر في هذا التعاطي أنّ الشخصية التي شيطنت ودعشنت وخوّنت السنيورة هي “وئام وهاب”، وثُلّة من الأقلام الصفراء الممانعة التي تقبض من السفارة الإيرانية ما يجعلها تضخ فتنة وسماً.
وهاب الذي أسقط على الرئيس السنيورة قدحاً وذماً واتهاماً، والذي تعرض له بإساءات على المستوى الشخصي لا السياسي، كشف من حيث لا يدري أنّ رئيس كتلة المستقبل النيابية لا حاضنة له.

هذه الحملة وإن كان مطلقها لا ثقل سياسي له ونقصد أيضاً “وئام وهاب”، أكّدت أنّ اللبناني اليوم أمام خيارين، أو المضي في مشروع حزب الله، أو التغريد وحيداً.

واقع السنيورة يشابه واقع الشيعة المعارضين، أو شيعة السفارة كما حبّذ السيد حسن نصرالله في إحدى خطاباته توصيفهم، متهماً إياهم بالعمالة. ولعلّ هذا التقاطع بين الإثنين هو ما دفع بالإعلامي نديم قطيش وهو المقرب من دائرة الرئيس سعد الحريري إلى الكتابة عبر صفحته فيسبوك:
“فؤاد السنيورة … ضمير انتفاضة الإستقلال.. لم يرف ولن يرف له جفن..”.

إقرأ أيضاً: أعجب تداعيات رسالة «الرؤساء الخمسة»: توقيع فؤاد السنيورة ورد سعد الحريري ونهاد المشنوق

مفارقة أخرى قد تفسر ردود الفعل الباردة إزاء الشيطنة التي تعرض لها زعيم كتلة المستقبل، ألا وهي معارضته السابقة لترشيح سليمان فرنجية كما انتخاب ميشال عون، حيث أعلن في حينها من بيت الوسط عقب خطاب الحريري وتبنيه لترشيح الجنرال أنّه لن يصوّت له.
وإن افترضنا انطلاقاً مما سلف، أنّ ما يحدث في المرحلة الراهنة بين الإثنين “ليس قصة رمانة وإنّما قلوب ورمانة”، فهل يشفع هذا التمايز لتخلّي عن السنيورة وتركه في العراء لممانعة إيرانية تنهش به ولألسنة شاذة تناله!

وحدهم الناشطون كانوا أكثر وفاءً، وأكثر إيماناً بما تمثله ثورة الأرز ومع أنّهم أكّدوا دعمهم للسنيورة في ردة فعل عفوية إلا أنّ حملتهم المتضامنة سرعان ما تلاشت وذلك ربما لتبعية سياسية حذرتهم من خوض مهمة الدفاع، كما حذرتهم سابقاً في تعميم من انتقاد السلسلة.

إقرأ أيضاً: وهاب: المستقبل حثالة والسنيورة قوّاد!

في سياق كلّ ذلك، هناك من غرّد خارج السرب من داخل البيت الأزرق، فكان للنائب عقاب صقر بياناً أكّد فيه أنّ من يقود الحملة هم مجموعة من الصبية والمهرجين، ليعتبر أنّ “الهجوم المسعور عبر مختلف الوسائل لن يلوي عنق الحقيقة كما لن يفلح في الإيحاء بوجود شرخ متوهم داخل التيار الذي سيبقى شوكة في اعناق تطاولت وتتطاول على الدولة.”
فيما سجّل وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق موقفه من قصر بعبدا، إذ قال “الكلام الذي صدر في حق الرئيس فؤاد السنيورة لا يقبله عاقل ولا نناقش الخلاف السياسي بالشتائم”.

إلا أنّ هذه الأصوات وحدها لا تكفي، التخلّي عن السنيورة هو تخلٍّ عن المستقبل كما يراه اللبنانيون.. وتأسيس لتيار جديد لا يشبه نهج الحريري الشهيد بقدر ما يقارب خط حزب الله.

السابق
نديم قطيش: تحية سيادية للمعارضة الشيعية
التالي
بالفيديو: ستريدا جعجع للحكيم «أهلا وسهلا فيك يا حياتي ببيتك»