ما لا تعرفونه عن «شيعة السفارة»

أكثر من عام، وأنا منخرطة في هذا المجتمع الشيعي دون أن أتشيع، ودون أن أتخلى عن سنيتي، وبطبيعة الحال رغم كل ما يساق عن "طرابلس الدواعش"، وأنّها المدينة التي تكره الروافض، إلا أني لم أكن معبأة ذهنياً ولا أحمل تعصب لمذهبيتي ولا رفضا للآخر "الشيعي".

قد يكون غريباً، لسنية “طرابلسية – عكارية” أن تعمل في بيئة شيعية ولنقل تحت وصاية شيعية أيضاً..

أخص بكلامي “الشيعة”، حيث أنّ الشيعة في طرابلس أقلية الأقلية، والعائلات المنتمية لهذا المذهب محدودة وغير ظاهرة، فيما الطائفة المسيحية والمذهب العلوي لهما من الحضور ما يظهر، وهناك تعايش مشترك على الرغم من كل ما يروجه النفاق السياسي والإعلامي على حد سواء من صور مشوهة عن المدينة.

إقرأ أيضاً: هكذا تحيا إيران… ويموت أتباعها من الشيعة العرب…

عندما قررت هذه الخطوة (أي العمل في الحاضنة الشيعية)، ترددت قليلاً، وكنت أسأل نفسي عند أول لقاء ماذا تراني سأجد هناك في هذه البيئة، هل سأرى لباساً أسوداً، وحسينيات، وشعارات خضراء وصور للحسين؟

وكيف سأكون أنا السنية البعيدة عن كل هذه الطقوس.

أيضاً ممّا كان بهواجسي، هل سأجرؤ على أن أنطق إسم سيدنا عمر “رضي الله عنه” أمامهم، وهل سألزم بوضع لفظة “الإمام” قبل أن أتحدث عن سيدنا علي “رضي الله عنه” والذي هو بمذهبي الحنفي الخليفة الرابع وصحابي من الصحابة.

أسئلة كثيرة وخطوط عريضة حددتها لنفسي وأبرزها، ماذا لو “لعن” أحد من الصحابة أمامي أو ماذا لو سألت عن معاوية ويزيد والحسن والحسين، وكان قراري أن أتلافى أي حديث ديني لا سيما وأني لست من هواة التحادث لا بالفقه ولا بالشريعة.

السنة والشيعة في لبنان
السنة والشيعة في لبنان

ولكن المفارقة وبعد مضي عام، أنّ كل هذه التساؤلات لم أجدها، وأنّ كل ما استحضرته لم يكن إلا من بقايا ما تنقله شاشة المنار للمشاهدين، و وجدت أنّ الشيعة “وأقصد المعتدلين” ظلموا مرتين، مرّة من حاضنتهم والتي وصل بها سخف التهميش والترهيب والتهويل حد اتهامهم تارة بالسفارة وتارة بالتخوين وأخرى بالعمالة، هؤلاء الشيعة الذين ترفضهم حاضنة “الثنائية الشيعية” لأنّهم يقولون كلمة حق.

والظلم الثاني من الحاضنة اللبنانية التي لا تتبنى جلياً هذا الصوت المعارض الصحي الرافض لكل مظاهر السلاح، والمؤمن بالوطن لا بالولي الفقيه!

إقرأ أيضاً: الشيعة والأوطان

من هم الشيعة؟

هذا سؤال كنت أعجز عن صوغ إجابة عليه قبل عام، أما اليوم فأقول وبكل سلاسة، هم الصوت اللبناني الذي يتقاطع مع كل المعتدلين في كل الطوائف، هم من تخطوا ما حصل بين يزيد ومعاوية والحسن والحسين منذ 1400 عام وأكثر، ولم يحاسبوا سنة اليوم عليه.

هم من أكدوا أنّ المقاومة ضد الكيان الصهيوني لا ضد أطفال سوريا، ومن شددوا على أنّ الثورة حق على كل طاغية!

الشيعة الذين أتحدث عنهم هم من جعلوني في مراحل أقول “يا ليتني شيعية” لا لغاية مذهبية وإنّما لما تفرضه المواقف الوطنية عليهم من أعباء مشرفة ومن تهم باطلة، تجعل كل ملتزم بالوطنية يندفع كي يناضل واياهم.

السابق
محمد عساف… ضحيّة احتقاره لحقوق المرأة
التالي
انتحار ولاية الفقيه 7 من 7