السعودية وقطر صراع قبلي بين صفقات السلاح الأميركي

هشام جابر
يبدو أنّ اللاعب الأميركي المحترف يلعب بحنكة عالية على الخلاف القطري – السعودي وكل ذلك في سبيل التحصيل المالي بحجة مكافحة الإرهاب.

بعد أن تمكن اللاعب الأميركي من أن يظفر من المملكة العربية السعودية بـ 500 مليار دولار، ها هو يلعب على وتر نية المصالحة الخليجية فيحصل من دولة قطر على 12 مليار دولار ثمناً لمقاتلات F15، تحت ذريعة مكافحة الارهاب. إضافة لترطيب الجوّ بينها وبين السعودية ولإقناعهما أن العدوّ المشترك هو الإرهاب.

اقرأ أيضاً: «حرب الجيوب والأفكار» في الخليج

وفي هذا السياق قد وقّع مؤخراً وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس ونظيره القطري خالد العطية في واشنطن الأربعاء الماضي، اتفاقا تبيع بموجبه الولايات المتحدة قطر مقاتلات “F-15” مقابل 12 مليار دولار.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية في بيان لها إنّ “المبيعات البالغة قيمتها 12 مليار دولار ستمنح قطر تكنولوجيا متطورة، وتعزز التعاون الأمني بين الولايات المتحدة وقطر”. مشيراً إلى أنّ كل من ماتيس والعطية قد بحثا خلال اجتماعهما قضايا أمنية في طليعتها مسألة مكافحة تنظيم “داعش” الإرهابي “وضرورة خفض حدة التوتر كي تتمكن كل الأطراف في الخليج من التركيز على الخطوات المقبلة لبلوغ أهدافها المشتركة”.

وفي متابعة لهذه التطورات، يقول العميد الركن الدكتور هشام جابر (رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة) في حديث لـ”جنوبية” “قلنا منذ أربعة أيام أنّ الخلاف بين قطر والسعودية ليس وليد الأمس فهو منذ 20 عاماً وتحديداً منذ العام 1995 لأن قطر بدأت تتخذ منذ ذاك الحين مع وصول الشيخ حمد إثر انقلاب على أبيه، سياسة إلى حد ما مستقلة عن السعودية خصوصاً في السياسة الخارجية وبدأت بالتالي تتراكم الخلافات”.
مضيفاً “الخلافات النفطية، خلافات تاريخية باعتبار قطر جزء من السعودية، وهي خلافات على الحدود والسياسة الخارجية، والجدير ذكره أنّ قطر قد أخذت خلال هذين العقدين الماضيين حجمها سياسياً إقلمياً، مالياً، دولياً، أكبر بكثير بعشرات الأضعاف من حجمها الجغرافي والديموغرافي وهذا الشيء لم يرضِ المملكة العربية السعودية التي تعتبر نفسها أنها لها الحق بأن تكون صاحبة الرأي الأول في دول الخليج”.


ويؤكد جابر أنّ “الذي حصل مؤخراً هو “القشة الذي قصمت ظهر البعير”. فقطر لديها علاقات جيدة مع إيران، وعُمان العضو في مجلس التعاون الخليجي لديه علاقات ممتازة مع إيران، والكويت لديها علاقات أكثر من جيدة مع إيران، وعليه فعندما طوّرت قطر علاقتها مع إيران انزعجت السعودية، وشعرت قطر أن السعودية التي لا يمكنها فرض هيمنتها على الكويت وعُمان ركزت عليها. ثانياً: القمة الإسلامية – الأميركية في الرياض ركزت على الإرهاب الذي اعتبرت منابعه إيران، حزب الله، حركة حماس، الإخوان المسلمين، وهؤلاء الأربعة لهم علاقات جيدة مع قطر؛ لذا اعتبرت قطر أن هذا البيان الذي صدر لم يُأخذ رأيها فيه وهي لم توقّع، وأساساً لا أحد وقّعه من خمسين دولة، لذلك بدأت هذه الأزمة بعد تسريبات وتصريحات”.
وتابع جابر “نحن نقول وقلنا صحيح أن الكويت لها دور في المصالحة لأنها دولة خليجية كبيرة، إلا أنّ قضية الخلاف بين قطر والسعودية دُوِّلت أي أصبحت دولية، كما رأينا أن روسيا وفرنسا وبريطانيا قد تدخّلوا دبلوماسياً وسياسياً بينما تركيا كان تدخّلها أكبر إذ أنه أوحى بتدخّل عسكري لحماية قطر”.
موضحاً أنّ “من لديه الرأي ومن لديه الحسم أو النفوذ والذي يُمسك بالخيوط في هذه المسألة هو واشنطن ولها مصالح في قطر كبيرة غير قاعدة العيديد العسكرية، فثمانين بالمئة من غاز قطر تستفيد منه شركات أمريكية ووزير خارجية أمريكا هو رئيس مجلس إدارة شركة “أوكسن”، كما أنّ الرئيس الأميركي ترامب هو رجل مال وأتى علناً يقول أريد المال، فذهب إلى أوروبا وقال لهم لن يكون هناك حلف أطلسي إذا لم تدفعوا، وحصل من السعودية على 500 مليار دولار، وجاء دور قطر. وقطر تعرف ماذا يريد الرئيس الأميركي لذلك وقّع بالأمس وزير الدفاع القطري عقد سلاح بـ12 مليار مع واشنطن وهذه أول دفعة على الحساب، وسوف توقّع قطر أيضاً وأيضاً على صفقات سلاح وحتى لو رمته في البحر لكونه أ لا يوجد مكاناً لتخزينه، ولكن المهم أنها تدفع”.

اقرأ أيضاً: الثورات العربيّة بين طلب الحرّية ووعيها

أما فيما يتعلق بموضوع إيران، فقد رأى جابر أنّه “صحيح أن أميركا معادية لإيران، وأنها تضغط على إيران بكافة الوسائل إنما الذي يعرف أميركا جيداً يتضح له بأنها غير منزعجة بشكل حادّ أن تكون لدى قطر “لينك” مع إيران، لماذا؟ لأن أميركا لا تريد أن تقطع “شعرة معاوية” مع إيران، ولا تريد أن تبقى موسكو الوسيط الأوحد بينها وبين إيران حتى لا تكون تحت رحمة موسكو. لذلك الذي يعرف الأميركان جيداً أنه وجود هذا “الاتصال” الذي تقوم به قطر لا يزعج أميركا أبداً”.
وخلص جابر إلى أنّه بعد توقيع هذه الدفعة ستتفكك الأزمة لأن أميركا لديها نفوذ لا يمكن إنكاره لا على قطر ولا على السعودية. فأميركا تستطيع أن تغيّر كل الأنظمة العربية، والدليل ما جرى في تونس ومصر وليبيا، فالذي لا تستطيع أميركا أن تغيّره من الداخل تغيّره بالحرب مثلما فعلت بالقذافي وصدام حسين.

السابق
رجل الدين ومحاذير التعاطي بالسياسة
التالي
من يحمي الفقير من السياسات الحمائية؟