فقاعة الإنتخابات

من السذاجة و أنت تعيش في بلاد الشرق أن تصدق أن أحد السياسيين أو أي منهم سيشاركك نصره في الأعوام التالية لفوزه، و إن حصل و تأملت في حصول ذلك فاعلم أنك لا تستحق أن تمتلك صوتك في المقام الأول.
الإنتخابات النيابية واقعة و الكل في فلكها يسبحون، هذا يشحد الهمة لحسن إختيار العناوين، وذلك لتبويبها و جدولتها بما يتلاءم ومقولة الجمهور “عاوز كده”. وحدهم خبراء الإيماءات و محللو اللغات الغير شفهية قادرين ومن معهم من المحنكين على فضح شيفرتها.
فهذا يبدأ عرضه بوضع يده على فمه، تدور أصابعه حول شفتيه تلامس أنفه، تراه يكرر فعله هذا بعد كل جملة ينطق بها، و ذاك يفرك عينيه، يلعب بشحمة أذنه يثنيها إلى الأمام، يلامس العنق و يرفع القبة و من ثم يسحبها، حركات فاقعة تفضح أصحابها وتكشف حجم الريبة و التخلي و العدائية التي يتمتع بها أكثرهم، مرشحون إعتادوا في مقابلاتهم تصليب اليدين و ضمها إلى الصدر، يحسبونها درعاً إفتراضياً واقياً ينجيهم من وعي الجمهور ومن قراره سحب الثقة منهم إذا ما انكشف له خداعهم و عدم صدقهم معه طوال الوقت.
حزب الله، حبّه كرهه دعمه أو إسقاطه، النازحون السوريون، رعايتهم إعادتهم حضانتهم أو ترحيلهم، عناوين رئيسية ستتصدر برامج الحملات الإنتخابية المفترضة. تبدلات فسيولوجية وظيفية و إضطرابات ستظهر وأوقات ممتعة سينعم بها الجميع قريباً ، أوقات سيتخللها بروز لعضلة النبرة العالية من جديد وإنتفاخ في الوجه و نتوء للصدر وهبوط المعدة وانتصاب لعامود الجسد وتحصنٌ بدرع ِالمذهبية وملازمةٌ للربع والعشيرة والأهل والأقربون ، ستكثر النعوت والصفات والكلمات مثل التكفير  الترهيب الإرهاب العمالة القتل  التبعية  الفساد  السرقة  الإجرام  التورط  الإتجار التبييض والماضوية  التي يستخدمها في العادة الكل عند كل إستحقاق لوصف الخصم وردعه والفوز عليه وهم بما لديهم فرحون.
اقرا ايضا: عون علّق الأزمة بتعليق عمل المجلس النيابي مدة شهر
هذا ينفض الغبار خيالياً عن كتفه و يسارع لإختيار معاداة ذاك ولو لفظياً مع أنه في السابق كان قد قدّره، تراه يغالي في معاداته، المظهر الخارجي لكليهما مضطرب، نزاع  الصاخة هذا يفضله هؤلاء، به يفرون من حلفائهم الأولين وممن كان بالنسبة إليهم في يوم من أقرب الأقربين في محاولة مكشوفة لإستمالة ناخب يبغض بالتراكم تصرفات خصمه العنيد وفئويته. هؤلاء المرشحون لا ينقصهم من المشهدية إلا صورة دعم و رعاية النازحين السوريين، التي وعلى ما يبدو تبدو مستحيلة مع وجود بيئة مقيمة تعاني بالأصل أكثر مما يعانون، بيئة تعيش بطالة وموتا وحرماناً مزمنا، دأب الساسة السابقون والحاليون على بقائها وإستمرارها فبها وحدها كما يظنون ويؤمنون، ويتم التطويع والتجيير وإستغلال الناس وفرض الخيارات عليهم.بالمقابل يصر  المدان بحمل السلاح والإدمان على  الحرب والقتال بمقاتلة الأشباح مع أنه وصانعهم بشرنا بإنتهاء تاريخ ومدة صلاحيتهم وبأن من تبقى منهم ملاحقٌ و صدر بحقه غيابياً مذكرات توقيف و بحث و تحري دائمين لأنه ببساطة أدرج على لائحة الإرهاب. حزب  لن يتوانى عن دعم أي مطلب أو تحرك أو فعل يحد من الوجود النازح أو اللاجىء ويضبطه، فوجوده أو استمراره مقلق ينبأ بيوم عظيم وبتغيير ديمغرافي ممكن الحصول يرهقه في المستقبل ويخرق ساحته وهو الساعي أصلاً للإنتقال مع راعاياه عنوة إلى بلادهم في محاولة مدروسة منه للتمدد و تحقيق مزيد من الغلبة و النصر المبين.أما مرشحو الأقليات العددية فصيحاتهم معاداة، خطاباتهم تزينها مفردات تستحسنها العامة مثل غبن، إستهجان، مصادرة،  إنتقاص،  تشكيك، إجحاف، خوف دائم و ارتياب.

مشكلة هذا اللبنان أو ما بقي مستقلاً من جغرافيته هو أن كل من سكنه أو سُكِن فيه هم أقليات، منها كبرى و أكثرها صغرى، الكبرى تاريخياً تقيّم إن مواربة دويلات و الصغرى  تدعو عنوة إلى فدراليات.

مصير الجمهورية بات في مهب قوانين الإنتخاب، الأكثري منها والنسبي و الصوت التفضيلي وبدعة المختلط والتهيئي، لقد أمست الجمهورية بفقاعات كثيرة والفقاعات معرضة دائماً للإنفجار.هستيريا جماعية التعصب فيها إستثمار وهو كما يقال لا يمكن للمستثمر فيه أن  يكون خسرانا، إغراء ومقامرة وشعوذة أبطالها قارئوا طالع يبتغون صرف فواتيرهم، تلك التي يحصلون عليها بفائدة متسلسلة الجنون… وهم الجماهير!

السابق
فرنسا وبريطانيا تنتقدان الفيتو الروسي لحماية نظام الاسد
التالي
موقع «جنوبية» يتراجع عن خبر العميد «أمين حطيط» ويعتذر