سمير فرنجية.. رحل قديس الميثاق وإمام الحوار

رحل سمير فرنجية بعد صراع طويل مع مرض خبيث. ابن زغرتا ونجل الوزير الراحل حميد، رجل لبنان وسليل الميثاق وابن الصيغة التي نشأ عليها لبنان. رحل سمير فرنجية من دون أن يهدأ أو يستسلم لفكرة هزيمة الميثاق أو تصدع الصيغة، ظلّ المدافع عنها والذاهب في تجلياتها إلى الأقصى حيث لبنان الحلم وطن نموذجي وفكرة خلاقة ومبدعة. لعله قديس لبنان وراهب الميثاق والمناضل في سبيل الإنسان، لم يهدأ منذ عرفته، رجل يحمل قنديله في عتمة القلوب ليضيء درب السلام اللبناني، كان مثال القدرة على خرق المتاريس وفتحها بين العقول قبل المناطق، يعرفه الجنوب كما الشمال، الجبل وبيروت كما البقاع، بصماته في كل لبنان، صنو الراحل السيد هاني فحص في هذا المنوال، هواة في الحب ونشر الحكايا اللبنانية وإمامان للحوار اللبناني ونموذجان أو نموذج واحد في مدرسة العيش المشترك.
فرنجية انخرط في تجارب شتى أغنت رصيده المعرفي والنضالي، من اليسار إلى النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي إلى مواجهة الوصاية السورية إلى تيار 14 اذار الذي قام على لبنات وضعها فرنجية.
من قرنة شهوان إلى اللقاء اللبناني للحوار إلى كل منابر الحوار وساحاته كان فرنجية يصوب قلبه قبل عينيه وعقله.
هذا الرجل أعطى لبنان وأعطاه لبنان ولم يبخس وطنه حقه ولم يدر له لبنان ظهره. لعل سمير فرنجية رحل في مرحلة لا يزال لبنان بحاجة إليه. لكنني على ثقة بأنّ الرجل أدى الأمانة هو الذي سار على طريق الجلجلة وترك لنا تراث لبنان والعيش المشترك ولمعات الحوار وفلسفة التسويات. كلما فكر لبناني كيف يساعد في الإعلاء من شأن لبنان سيجد سيرة سمير فرنجية طريقاً ..وهذا وحده يكفي لرجل لم تضف إليه البكاوية ولا صفة البك الأحمر شيئاً هو من أضاف ليبقى اسم سمير فرنجية كنية لكل لبناني خالص للبنانيته وللحوار وللعيش المشترك.

 

السابق
في طرابلس: الأب والعم يتحرشان بالقاصر
التالي
تيلرسون: نأمل أن لا يكون بشار الاسد جزءا من مستقبل سوريا