الفساد في لبنان أصبح طريقة حياة وليس آفة

يتحرك المجتمع المدني يوميا للقضاء على ملفات الفساد، ولم ييأس المنضوين تحت خيمة

في بيان صادر عن حملة #بدنا_نحاسب امام التفتيش المركزي جاء فيه: “وفقاً للتصنيف الدولي للبلدان التي يضربها الفساد يحتلّ لبنان درجة متقدّمة إلّا أنّ ما يميز لبنان في هذا الخصوص هو أن الفساد أصبح مؤسسيًا بحيث تحوّل الفساد إلى عمل “منظّم” ومخطَّط له يستمر فيه أركان السلطة بمراكمة ثروات غير مشروعة، بل أصبح طريقة حياة وأصبح جزءاً أساسياً مقيتاً من صفة السلطة السياسية، تضاف إلى أهم عناوين هذه السلطة أي العنوان الطائفي والمحاصصة الطائفية.

إقرأ أيضا: «بدنا نحاسب»: مواصلين في الاعتصام ومستمرين في المعركة لمواجهة الفساد

إنّ هاتين الصفتين هما سبب استمرارية هذا النظام يتغذيان على بعضهما البعض وأي ضعف في واحدة منهما هو ضعف للأخرى.
من هذه المعادلة عرفنا أنّ مواجهة الفساد هو مواجهة للسلطة في استمراريتها، وعرفنا أنًّ المواجهة صعبة وطويلة وخطيرة لأنه يصيب هذه السلطة في مقتل. وإن الدليل على ذلك هو أن أكثرية السياسيين تنتابهم حالة من الخوف والهلع والحساسية المفرطة كلما ذكر مصطلح فساد، فأصبحوا في البداية لا يطيقون سماع هذه الكلمة ويدعون إلى ضرورة إعدامها وإزالتها من القاموس السياسي المتداول ومواجهة مطلقيها.

ولما لم تنفع محاولاتهم حيث بدأت تتحول مواجهة الفساد إلى مواجهة شعبية تكبر في شتى المجالات، لجأت القوى السياسية المتورطة في الفساد منذ اتّفاق الطائف حتى الساعة إلى رفع شعار وجوب مواجهة الفساد والمفسدين، في لعبة قذرة، المقصود منها تبرئة أنفسهم من جرم ما زالوا يرتكبونه واختلاط الأمور على المواطن حتى لا يعود يميز بين من يريد مواجهة الفساد ومن يريد أن يسستمر بالفساد ولكن بخطاب الشفافية.

إن هذا الوضع لم يمنعنا من إكمال مسيرة مواجهة الفساد إنما حتّم علينا تصعيد المواجهة وتعميم الوعي والمعرفة بالفساد والمفسدين والعمل على حماية الأجهزة الرقابية وتفعيلها وتطهيرها من أزلام السلطة الذين هم الشريك الأكبر في تعميم الفساد.

عود على بدء، ومن إيماننا المطلق أنه لا مواجهة للفساد إلا عبر الأجهزة الرقابية، عدنا مرة جديدة ، ولو أصبحت ألف مرة، إلى التفتيش المركزي لنعلن اللاآت التالية:
– لا لتعطيل الأجهزة الرقابية
– لا لاستهداف تلك الأجهزة
– لا للفاسدين في تلك الأجهزة
– لا لتعطيل هيئة التفتيش المركزي
– لا للتقاعس عن قيام ديوان المحاسبة (خصوصًا النيابة العامة فيها) والتفتتيش المركزي ومجلس الخدمة المدنية عن دورهم.
– لا لإخفاء الأجهزة الرقابية لملفات الفساد التي بحوزتها من وزارة الأشغال، المهجرين، الشباب والرياضة المالية والطاقة، الصحة ومجالس الإنماء والإعمار والجنوب وصندوق المهجرين.
– لا للتوظيف عن طريق شراء الخدمات والتي هي شراء للذمم وتوظيف المحسوبين خارج إطار مجلس الخدمة المدنية. وليس أدل على ذلك من اللجان الإدارية التي يكلفها وزير الصحة بقرار منه لإدارة المستشفيات الحكومية ضمن صفقات ما بين أصحاب السلطة، وهي لجان مخالفة للقوانين والأنظمة المرعية الإجراء عدا عن تفويض تلك اللجان بحقّ التوقيع على سحب أموال المستشفيات الحكومية من مصرف لبنان دون حسيب أو رقيب.
– لا لتسييب الإدارات والوزارات دون حسيب ورقيب نتيجة تخلي ديوان المحاسبة والتفتيش المركزي عن دورهما.

هذا غيض من فيض اللآت وجزء بسيط من عملية تدمير الأجهزة الرقابية ومنعها من القيام بدورها وليس أدل على ذلك وضوحًا من تمنّع رئيس التفتيش عن دعوة هيئة التفتيش للانعقاد (رغم مخاطبتنا مجلس الوزراء بذلك في 16/1/2016) في موقف لا قانوني ولا أخلاقي، مستندًا إلى حماية سلطة الفساد التي سمحت بهذه المهزلة لا بل بهذه الجريمة لتغطية جرائم كبيرة سرق فيها المال العام في وضح النهار.

علنًا نقولها: من يمنع انعقاد هيئة التفتيش هو فاسد وهو أداة بيد سلطة الفساد.
نقول لهذا إما أن تقوم بدورك المنصوص عنه قانونًا أو إرحل إلى غير رجعة لنضع صورتك كحامي الفساد والمفسدين.
إننا ومن هنا نخاطب رئيس الجمهورية لا باعتباره ينتمي إلى حزب سياسي، وليس بوصفه طرفاً في التركيبة السياسية. نخاطبه من موقعه كمؤتمن على الدستور وتطبيقه، ونخاطبه انطلاقًا من قسمه على الدستور، هذا القسم الذي يُعدّ التزامًا وجوبيًا عليه دون سواه من رؤساء السلطات الدستورية في الدولة لما فيه من معاني ودلالات والتزامات، ونخاطبه من حرفية خطاب قسمه عندما قال:
“إن هذا الإصلاح الاجتماعي الاقتصادي لا يمكن له أن ينجح إلا بإرساء نظام الشفافية عبر إقرار منظومة القوانين التي تساعد على الوقاية من الفساد وتعيين هيئة لمكافحته، وتفعيل أجهزة الرقابة وتمكينها من القيام بكامل أدوارها”.

نطالبه بتنفيذ ذلك الخطاب والإسراع بتعيين هيئة مكافحة الفساد، إطلاق حملة لمكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين مهما علا شأنهم حتى لو كانوا من بيته السياسي، والبدء بتفعيل أجهزة الرقابة من خلال إطلاق يدها وحمايتها وتنقيتها من الأزلام والفاسدين وحماية إستقلاليتها بإعتبارها السلطة الرابعة؛ هذا الالتزام وجوبي على فخامتكم وعدتم فيه وننتظر تطبيقه وبداية التنفيذ بالنسبة لنا إلزام رئيس هيئة التفتيش المركزي بعقد إجتماع هيئة التفتيش بأسرع وقت والبدء بالبت بملفات الفساد التي بحوزتها وهي كثيرة.

إقرأ أيضا: بالصور: بدنا نحاسب تبدأ الحراك وهذه هي شعاراتها

وأخيرًا، حتى لا يظنّن البعض أننا لن نتقدم خطوة إلى الأمام فإننا نعلن أن حربنا على الفساد ستكون مواجهة مفتوحة على كل الأصعدة، ومن أجل ذلك نعلن أننا سنطلق في القريب المرصد الشعبي لمكافحة الفساد حتى تأخذ محاسبة الفاسدين مشروعيتها الشعبية وإطارها الشامل وفق آليات محددة وندعو كل الشرفاء في هذا الوطن إلى الإسهام، كلّ من موقعه حتى يبقى لنا لبنان.

لا خيار أمامنا إلا أن نخوض معركة مواجهة الفساد.

السابق
«السحر الأسود» متهم بطلاق انجلينا جولي وبراد بيت!
التالي
الأهلية اللبنانية المفقودة