السفير تطوي بغيابها مرحلة من تاريخ الصحافة ولبنان

أصبح إقفال صحيفة السفير أمراً محسوماً، فبعد 42 عاماً، اتخذ المسؤولين بها قرار التوقف عن الصدور بسبب الأزمة التي يعانيها قطاع الإعلام اللبناني.

لصحيفة السفير سواء اختلفت مع خطها السياسي أم اتفقت ذاكرة من لبنان، وقلّة من الصحافيين هم الذين لم يمرّوا بها، فيما الأسماء الأبرز على ساحتنا، كانوا من بين حروفها، وكانت محطة في تاريخهم.

صباحٌ بلا صحيفة “السفير”، فكرة لا يحبذها الكثيرون، حتى الذين ينتقدوها، يرون بها جزءٌ من الإعلام الذي لا بدّ لها من الإستمراية.
العديد تضامنوا مع السفير، تفهموا الإقفال فالأزمة حاضرة بين أروقة جميع الصحف، العديد اتفقوا على نعي السفير، وكأنّهم ينعون أنفسهم غداً في واقع إعلامي لا ركيزة له ولا ضمانة.

في صحيفة الأخبار وتحت عنوان “وداعاً «السفير»؟”  كتب الصحافي بيار أبي صعب مشيراً إلى أنّ “هذه المرّة قد تكون الثابتة للأسف، والخبر بات رسميّاً: «السفير» تعيش آخر أيّامها”.
توقف أبي صعب عند حال الزملاء، والمسرحية التراجيدية التي عنوانها “يوميات موت معلن”، كما أكدّ أنّ “وزارة العمل تبلّغت هذه المرّة حسب الاصول، و«سيأخذ الجميع كامل حقوقه». الجميع، أي ١٢٠صحافياً وتقنياً وفنياً وإداريّاً”.
وتابع “علينا الآن أن نتهيّأ لمواصلة حياتنا من دون جريدة «السفير» التي ستغيب حتّى عن العالم الافتراضي”.

ليتساءل أبي صعب عن “مستقبل الصحافة المكتوبة في لبنان”، خاتماً “هل نمشي في جنازة شقيقتنا «السفير» عاجزين، مطأطئي الرؤوس؟ اليوم كلّنا في الدوامة صحافيين وقرّاء. أي بلد هذا الذي لم تعد فيه صحف؟”.

 

السفير

 

أما النهار فقد كتب الصحافي غسان حجار تحت عنوان “السفير تتخذ قرار الإقفال: لا صوت لمن لا صوت لهم؟”، مشيراً إلى اتصاله بصديقه الدائم الصحافي نصري صايغ ليسأله عن شائعة الإقفال ليدرك من تبرة صوته أنّ الشائعة خبراً.

تحدث حجار عن “ألم خسارة “صوت الذين لا صوت لهم”، ألم فقد “السفير”، الذي نتشارك فيه”.
وتابع أن تتخذ “السفير” قراراً نهائياً بالاقفال، وان تعيش “النهار” أزمتها الخانقة التي تشكل خطراً على استمرارها، فهذا دليل على وهن في الجسم اللبناني كله، وعلى تراجع فاضح في وطن القراءة (!) والثقافة (!)”.
وتساءل حجار “هل يمكن أن تصدق أن يكون صباح لبنان بلا صحيفة محترمة؟ هل يمكن دولة، أي دولة في العالم، ان تفرط بهذه الصناعة الوطنية، وبهذا الإرث الوطني؟”.

ليختم “نخاف كثيراً من إقفال “السفير” لأننا نفقد بذلك منافساً شريفاً، ومهنياً، فلا نقول لـ”السفير” وداعاً، بل ربما الى اللقاء”.

أما موقع الميادين فتوقف عند مسيرة السفير التي ناهزت الـ42 عاماً، معتبراً أنّ النهاية “تشكل صفعة قوية للإعلام العريق الذي تغلغل عميقاً في ذاكرة شعبه ومحيطه”.
ليتابع “هكذا إذا، يتّجه صرح صحفي عريق ليصبح من التاريخ، هكذا يطوي الزمان ومتغيّراته رمزاً ترسّخ في وجدان وذاكرة الملايين من القرّاء”.

إقرأ أيضاً: السفير.. ليست حكاية حنين

من جهته الصحافي في جريدة السفير ربيع بركات كتب عبر صفحته فيسبوك معلقاً:
“قبل سبعة أشهر، دخلت جريدة “السفير” نفقاً على خلفية قرار بالإقفال لم يتمّ.
ما حصل كان تأخيراً لإعلان القرار، بعد محاولات إنعاش لم تفلح.
اليوم، في اجتماع تم ظهراً مع إدارة التحرير، أُبلغنا بأن “السفير” لم تتمكن من تجاوز عثراتها المالية، وبأنها ستتوقف عن الصدور نهائياً مع ختام هذا العام.
ليست هذه صدمة تماماً، لكن هضمها يحتاج إلى بعض الوقت.
سنكتب (الزملاء وأنا وبعض الكتّاب المنتظمين السابقين والحاليين) عن تجاربنا في عدد الجريدة الأخير قبل رأس السنة، الذي يسترجع كذلك عبر 48 صفحة أرشيفاً كاملاً من 42 عاماً من عمرها، الذي سيتغيّر بعده ملمحٌ آخر من ملامح بيروت.
ملاحظة: القرار لا يؤثر على حقوق أي من الكتّاب المساهمين”.

إقرأ أيضاً: هكذا تخلّى حزب الله عن جريدة السفير.. لصالح «الأخبار»

فيما علّق الإعلامي في قناة المستقبل نديم قطيش شاكراً طلال سلمان إذ قال:
“مع اقفال “السفير” نهاية العام أودع شيئاً من نفسي ومن تاريخي الشخصي في المهنة. شيء من نكهة الصحافة والسياسة اللبنانية سيتغير بلا شك.
‏لا مزاج لي في الرثائيات، واعتقد ان اقفال السفير هو جزء من مسار تطور مهنة الصحافة، بعد ان أدت قسطها في الريادة. وربما تكون هذه الخاتمة فرصة لولادة شيء جديد اقدر على العيش والاستمرار.
شكراً طلال سلمان لأنك أتحت لي فرصة المرور في السفير، وشكراً لأنك حاولت بصدق ان تتحمل فارق السقوف بيننا، وان كنت تعرف منذ البداية ان قدرنا الافتراق.”

السابق
وئام وهاب يشمت بتفجيري تركيا ومصر: هذا ثمن رعاية الإرهاب
التالي
إيران تغري مساجينها الأفغان بالقتال في سوريا مقابل العفو عنهم