عبد اللطيف الحرز ينتقد «وهم الإله» لـ دوكنز

كتاب
"موضوعنا الأساس هو وقفة نقدية إزاء جدوى توريط العلوم التجريبيّة كتاريخ الحياة الطبيعيّة على الأرض وجعلها دليلاً على نفي الإله وتقويض الإيمان". إنّ هذا التوضيح يورده الباحث والكاتب عبد اللطيف الحرز في النص التمهيدي (والمعنون بـ" "عجز الاختزال") لكتابه الجديد: (نقد "وهم الإله" (غرور النقد وإغراق الصنميّة العلمانوية)"، الصادر حديثاً كحلقة من "سلسلة غريب على الطريق"، (عن دار الفارابي في بيروت – في طبعة أولى 2016).

وفي هذا الكتاب يحاور عبد اللطيف الحرز، وينتقد “كتاب (وهم الإله)” لريتشارد دوكنز. ونثبت هنا النص التمهيدي لكتاب الحرز وعنوانه “عجزُ الاختزال” فيقول:

اقرأ أيضاً: حرائق مدينة آثمة حين يحل البارود مكان الورود

في مقابل التعصب والأصولية الدينية لدى بعض المؤمنين الذين يستبيحون كل مخالف لهم تبعاً لمقالة ابن سينا: (لقد ابتلينا بقوم يظنون أن الله لم يهدِ غيرهم)، هناك أصولية ثقافية وانغلاقية علموية لدى بعض الأكاديميين، الذين أغراهم انسجام ميولهم النفسانية مع الخطاب السياسي العالمي السائد، الذي بات جذلاً بانتصاره على اللاهوت والدين، ليتحول إلى آليات قمعية للمخالفين. فكأن ليس هناك غيرهم قرأ وتعلم الطب وكتب الفيزياء، وبالتالي كأن الذكاء حكر عليهم. وهو أمر ينتهي إلى مشكلة مكررة تتمثل بالسقوط في فخ التأويل الأرسطي للنظريات العلمية وإدخالها في صراعات استعمالية في إرادات استحواذات السلطة. وبهذا يتم صبغ و”مكيجة” الإبادة الخُلقية والمعنوية للإنسان، واعتبارها إطاراً معرفياً ونموذجاً أعلى يُحتذى للفهم، بما يمثل، كما أطلق عليه ريموند آرون، أفيون المثقفين. حيث ينقلب كل “إجماع” إعلامي أو علمي، في مرحلة ما، إلى بيرق إشهاري على الجميع الانجذاب إليه وترديده بوصفه ختام الحقيقة ونهاية التاريخ والوعي. وهو أمر يقلب العلم إلى ميثولوجيا خصامية. وقد كان كتاب (وهم الإله) لريتشارد دوكنز، وكتاباته الأخرى، جزءاً من هذه النماذج التي تخلط بين الإعلام والعلم، وتجنح بالبحث العلمي إلى سجالات جدالية عنيفة، ما كنا نستطيع محاورته ونقده إلا باستعمال منهجه بشكل معاكس.

كتاب

لذا لم نخرج في هذه المراجعة عن كتابات دوكنز نفسه، بعيداً عن تكثير الأدلة والدخول في عرض كتب اختصاصية مطولة، بل لم نجد ثمة حاجة حتى إلى استعمال جملة المصطلحات الأكاديمية في كل حقل، فطريقة دوكنز الجدالية المشحونة بخطاب عنيف واستهزائي أكثر من كونه استدلالياً، ونقلي أكثر منه إبداعياً، وتكراري أكثر منه امتيازياً، أغنانا عن كل ذلك وسهّل عملية تبسيط الكتاب والمحاجّة معاً. لذا اعتمدنا على ما كتبه دوكنز نفسه، مع ملاحظة أننا لسنا بصدد شرح الداروينية أو الرد عليها كما فعل جملة من الإسلاميين إلى مستوى بلغ تسطيحها وتشويهها واعتماد لغة التكذيب والمؤامرة، وبعض هذه المستويات مُحرج فعلاً في سذاجته وقصور معلوماته التي تبلغ انتقائية مثيرة للشفقة حقاً. ذلك أن موضوعنا الأساس هو وقفة نقدية إزاء جدوى توريط العلوم التجريبية كتاريخ الحياة الطبيعية على الأرض وجعلها دليلاً على نفي الإله وتقويض الإيمان.

اقرأ أيضاً: انعدام المادة الثقافية على الأقنية العربية: من المسئول وما هو الحل؟

أما من يرد توسعات أكثر فقد وقفنا في أكثر من كتاب مع ادعاءات خطاب الإلحاد، كي لا يكون التكرار جُهد العاجز، والقارئ الذي يمل كثرة المطالعة وطولها حري بأن يبتعد عن أصل المنافشة.

السابق
فنّ الانتقام في مدرسة الأسد و «الممانعة»
التالي
تصريحات جبران العنصرية ما موقف حزب الله منها؟