لم يطلب خاطفو «الطبيب الشل» فدية و «ياغي» يؤكد أنّ الخطف سياسي

لم يعد الطبيب صالح الشل (71 عاماً) يوم الثلاثاء (6 أيلول) إلى منزله في بعلبك، فساعة الثامنة مساءً لم تتزامن وصوت المفتاح الذي ينبئ بوصوله، الطبيب صالح الأب لأربع فتيات، وطبيب القلب المشهود له أخلاقاً وإنسانية، تعرض لاختطاف لم تعرف بعد دوافعه.

لم تصل القوى الأمنية إلى جديد في ملف اختطاف المدير الطبي لمستشفى ابن سينا، باستثناء العثور ليل أمس الأربعاء (7 أيلول) على سيارته (البيك آب) محروقة بالكامل في خراج بلدة الطيبة البقاعية.
في سياق أخر، أشارت معلومات صحافية في الساعات الأخيرة عن مداهمة الجيش اللبناني لأحد المزارع في بلدة بريتال بحثاً عنه.

فمن هو صالح الشل؟

باختصار هو الطبيب والمواطن البعلبكي الذي لم يغب عن الرأي العام، فترشح للمقعد البلدي في بعلبك دورة (1998-2004)، وهي الدورة الانتخابية التي انتصرت فيها التنمية على السلاح والفلتان، فحصدت لائحة المحامي غالب ياغي السلطة البلدية، محققة انتصارا على لائحة حزب الله.
ولأن طبيبنا، صاحب قضية ألا وهي المجتمع، كان لأهل بيته نصيب من رؤيته، فشهدت لائحة “بعلبك مدينتي” التي يرأسها صديقه في الكفاح المحامي غالب ياغي، ترشح ابنته المهندسة مايا الشل في الانتخابات البلدية قبل اشهر.
هذه اللائحة التي لم يحالفها الحظ أمام الحزبية وشعارات المقاومة وسطوة المال الانتخابي كانت صوت الشعب، كما كان الطبيب الشل، صوتاً واضحاً، متفرداً بآرائه، حراً بتعبيره، مؤمناً بالدولة وببعلبك.

“هو بالعادة يذهب يومياً بعد الظعهر إلى مزرعتنا في تلال عمشكي المطلة على مدينة بعلبك حيث يهتم بالأشجار ويعمل على سقايتها”، هكذا بدأت المهندسة مايا الشل ابنة الطبيب صالح الشل حديثها لـ”جنوبية”.
مردفة “غير أنّه يوم الثلاثاء قد تأخر حتى الساعة التاسعة فشعرنا بالقلق عليه، بداية ظنناه قد زار أحد الأقارب ولكن بعد أن قمنا بالاتصالات لم نجده عند أيّ منهم، فما كان منا إلا أن ذهبنا وتفقدنا الأرض لربما أصابه مكروه، وهناك أبلغنا الناطور أنّه قد رحل بسرعة جنونية في سيارة الـ (بيك آب) وفي اتجاه معاكس للذي يسلكه بالعادة”.
وتابعت الشل “عند العاشرة مساء بدأنا نشك أن خطباً ما قد أصابه وأنه على الأرجح مفقود فأبلغنا القوى الأمنية ومن ثم تقدمنا في اليوم التالي ببلاغ رسمي، إذ تبين لنا أنّ ما حدث هو بالفعل عملية خطف فجميع أغراضه تركها في المزرعة كما كانت كل المحركات لا زالت تعمل”.
وأكدت أنّه حتى اللحظة “ما من معلومات جديدة، وكل ما علمناه صباح اليوم أنّ سيارته الـ(بيك اب) قد وجدت محروقة“.

السيارة المحروقة للدكتور صالح الشل
السيارة المحروقة للدكتور صالح الشل

وأشارت في حديثها عن والدها وعلاقتها بالأخرين انّه “لا أعداء له عموماً ولا يوجد أيّ مشاكل فالجميع هنا على علاقة طيبة معه، كما لم يتعرض لأيّ تهديد، ولم يكن هناك أيّ أمرٍ غير اعتيادي”.

إقرأ أيضاً: «بعلبك مدينتي»: المرأة والسياحة بمواجهة التكليف الشرعي
أما عن تقديرها للهدف من هذه الحادثة فوضعت الشل الإجابة محط تساؤل مبينة أنّه “لم تظهر ايّ مؤشرات للسرقة إذ لم ينقص أيّ شيء فحتى السيارة أحرقوها، نميل أكثر لكون الحادثة خطف وفدية، غير أنّه لم يتصل بنا أيّ أحد حتى الآن للتفاوض، وهذا ما جعل الأخرين يفكرون باحتمالات أخرى يصعب كثيراً أن أتخيلها”.
من جهته رئيس بلدية بعلبك السابق المحامي غالب ياغي أوضح لـ”جنوبية” أنّ “الطبيب صالح الشل كان عضواً سابقاً في البلدية (1998 – 2004) ويتمتع بمناقبية وهو شخص مثقف وإنساني، إضافة لكونه طبيب”.

غالب ياغي
مضيفاً “وهو لم يكن يوماً ما لديه موقف صادم ضد أي أحد وإنّما لديه رأيه الشخصي فيما يتعلق بوضع بعلبك والمنطقة، وكان يبديه بكل صراحة وجرأة، فهو مع خيار الدولة العادلة، وجميعنا هنا نرفع الصوت ضد الفلتان في المنطقة ونطالب الدولة أن تقوم بدورها”.
وأكّد ياغي أنّ “الفلتان الأمني تفاقم في المدينة، وجميعنا معرض لأن يواجهه ما حدث مع الشل، فمتى يدرك الجميع أننا جميعاً في بلد ديمقراطي، وأنّه لا بد به من احترام الاختلاف في الرأي، واحترام التعددية، وعدم تصنيف المختلف في خانة الأعداء والعملاء”.
ولفت أنّ “الطبيب صالح الشل من خيرة أهل البلدة ولديه رأي مثله مثل أيّ شخص حر وديمقراطي ولم يكن له عداوة شخصية مع أحد”.

إقرأ أيضاً: معركة بعلبك البلدية كانت «أم المعارك»!
أما بالنسبة للدوافع وراء حادثة الخطف، فقد اعتبر ياغي أنّ “ما حدث مع الدكتور هو بسبب قناعاته، وليس موضوعاً مادياً، فهو لديه رأيه كما أنّ ابنته قد ترشحت معنا في الانتخابات البلدية الأخيرة، وربما تكون القناعات والأفكار التي يطرحها الطبيب الشل في الجلسات الخاصة والعامة هي السبب، إذ لو كان قد خطف لغاية مادية لإتصل الخاطفين بعائلته وحددوا مطالبهم”.

وختم ياغي “القصة ليست مادية وإنّما عبارة عن موقف سياسي، وأتمنى أن يتم التوصل إلى صيغة سريعة، فما حصل مع الطبيب الشل زعزع الأمن لاسيما وأنّ علاقته بالذات كانت من الجميع طيبة”.

السابق
بالصورة: مقتل القائد العام لـ «جيش الفتح» في ريف حلب
التالي
إيران من منع فريضة الحج إلى تأدية «وقفة عرفة» في كربلاء: العراق يستقبل مليوني زائر إيراني