لماذا ذكر نبيه بري إسم السيد محسن الأمين في خطبته؟

نبيه بري
قد يكون الأكثر غرابة من الشعر والنثر والكلام المغنى والدلع المستعار والتلطيشات المستخدمة والغمز واللمز، خلو خطاب الرئيس نبيه بري وبعد 38 عاماً من اي معلومة جدية أو جديدة عن مصير الإمام المغيب السيد موسى الصدر.

أين وكيف غيب الامام الصدر ومن الذي غيبه ولمصلحة من تم تغيبه؟ خصوصاً وأن العائق الذي كان يقف في وجه الحقيقة وذلك الذي قد يقف في وجهها مستقبلاً قد زال، والقدرة اليوم على كشف الحقائق باتت يقيناً أسهل، لكن وعلى ما يبدو هو المنبر أخذ بصاحبه مجدداً، وكما جرت عليها العادة في كل مناسبة يحضرها الجمهور، إلى غير مطرح، لقد ذهب إلى “الآن”، إلى حيث يكون الإستاذ أستاذ ويكون الحق له ومعه ومنه وحده، لقد ذهب إلى الكلام الأنيق والجذاب، إلى البلاغة والإرشاد، إلى التوجيه والتحذير والسؤال، ولم يترك للغيره و لا لسواه إلا واجب التلقي والإنصات، كأن كلماته من وحي يوحى وما ينطق بها عن الهوا، وما ينطبق على غيره لا ينطبق عليه لأنه ببساطة نبيه ومنصبه دولة ولقبه أستاذ.

اقرأ أيضاً: هل صارت الشيعية السياسية عرابة «لبنان الكبير» ليقول بري الكلام العالي النبرة في صور؟

في السياسة لن يكون للناعت بالنسبة للمنعوت ذنب مغفور، للمنعوت أن ينتظر بحكم خبرته إلى ما بعد المناسبة ليحلل ما ورد منها في حقه من نعوت، فما قيل فيه نبأ عن ما قبل وتفصيل عن الآن وخبر عن ما بعد، وحصر الردود بموضوع الدلع فيه تعمية عن الكلام الأصل، في الصندوق رسائل لم تفتح بعد، عليها عناوين طبعت بالحبر، والواضح أنها وصلت إلى من يعنيهم الأمر، لقد أحرج الكلام الممثلين لأنهم تحولوا إلى سعاة بريد، وعليهم أن يتعاملوا مع ما قيل على انه بريد مضمون وعلى المستلم واجب التوقيع.

السيد محسن الأمين

وللقارىء نظلل هذا الجزء من النص وله أن يتمعن إن أراد الغوص في المضمون لأن المقصود من القول فاق التوقعات والوصف:

“اننا نرى ان هناك من يريد ان تتفرق أيدي سبأ مجددا وأن يقع العراق وسوريا واليمن في خضم صراع دموي لا يتوقف على حساب إقصاء القضية الفلسطينية. واقر واعترف انهم اقتحموا اسوارنا من خلال الفتنة المذهبية والاسلامية وفي العداوة نسوا اسرائيل وقالوا الى “ايران در”، اما آن للمسلمين ان ينتبهوا من هذا الموت قبل الموت؟ كما قال جمال الدين الافغاني الشيعي المتنور ذات يوم.

الا يعلمون ان بعض الاسلام لا يعوض الناس عن الاسلام كله؟ وان نصف الطريق الى الله لا يغني عن الطريق كله؟

لقد اضعنا القبلة السياسية في فلسطين واضعنا القبلة العربية بل والدينية. فهل وصلنا الى الزمن الذي يصبح القابض على دينه كالقابض على الجمر؟ او ينطبق قول المغفور له العلامة الحجة السيد محسن الامين ذات يوم حين قال: “ظل الشيعة والسنة يتجادلون ويتقاتلون حتى صار خليفتهم المندوب السامي الفرنسي” فمن خليفتنا الآن؟

اقرأ أيضاً: من خطف السيد موسى الصدر.. ولماذا؟

وبالمناسبة فإن السيد محسن الامين الذي أورد الرئيس إسمه و إستشهد بكلامه في النص هو لبناني الأصل وكان قد انتقل إلى مدينة دمشق مرجعا وعالما للمسلمين الشيعة فيها وسكن في أحد احايئها، قام بالعديد من الإصلاحات ونهض فكريا بالشيعة من خلال كتاباته المتنوعة، حارب العادات والتقاليد البالية وغيرها واهتم بإنشاء المدارس العصرية، كان له دور ومشاركة فاعلة في الثورة السورية الكبرى. وفي العام 1943 و بعد إعلان الإستقلال السوري ذهب رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والوزراء إلى بيت السيد محسن الأمين، وقال الرئيس شكري القوتلي حينها مخاطباً السيد: لقد جئنا نهنئك بالاستقلال وأنت العامل الأول للاستقلال، وقررت الحكومة السورية تسمية المنطقة كلها باسم “حي الأمين” بدلاً من اسم “حي الخراب” الذي كان يُطلق على المنطقة.

 

السابق
هل صارت الشيعية السياسية عرابة «لبنان الكبير» ليقول بري الكلام العالي النبرة في صور؟
التالي
جريحان في حادث خلال سباق رالي لبنان في البترون