ستالينغراد الحلبية بين شرقية وغربية!

الأنباء التي تحدثت الأحد عن سقوط خمسين مدنياً في مجزرة نفذتها المقاتلات الروسية والسورية في حلب نقلاً عن “المرصد السوري لحقوق الانسان”، أثارت ذكريات سوداء في مخيلات اللبنانيين، وهم يقرأون بين السطور كلمات “حلب الشرقية” التي تسيطر عليها المعارضة و”حلب الغربية” التي يسيطر عليها النظام وحلفاؤه!
ذكريات سوداء يعرفها اللبنانيون وقد إحتاجوا الى أكثر من عقدين لكي ينسوا الحديث عن “شرقية وغربية” وقد أصبح نوعاً من الإثم بالنسبة الى الكثيرين، كل هذا ذكرني وعمّق إقتناعي بأن قصة حلب طويلة مثل قصة بيروت التي أستمرت ١٧ عاماً وربما أطول!
يتذكر اللبنانيون جميعاً على سبيل المثال ان عامين من القتال لم يتمكنا مثلاً من حسم ما سُمّي في حينه “حرب الفنادق”، التي كانت تجري عبر شارع لا يتجاوز عرضه ثلاثين متراً، وكان النظام السوري هناك أيضاً بمدافعه من عيار ٢٤٠ ملم وراجماته ومرتزقته، لكنه لم يكن يجرؤ على إستعمال الطيران وفق تفاهمه الأمين مع اسرائيل التي طالما سمّاها عدواً، ولا استعمل البراميل المتفجرة مع غاز الكلور كما يجري في حلب.
لكنه على سبيل الذكرى والتذكير أرسل مقاتلات “الميغ” لقصف القصر الجمهوري وطرد النائب ميشال عون الذي صار الآن حليفه ومرشحه للرئاسة ولم يكن يتحمّله رئيساً موازياً لحكومة الرئيس سليم الحص في ذلك الزمن الرديء.
اتذكّر كل هذا لأقول إن من يظن ان معركة حلب المدينة، التي كان يسكنها خمسة ملايين، ستنتهي غداً واهم، قصة حلب طويلة جداً بين شرقية وغربية، حتى لو تحوّلت بفعل الغارات والبراميل والصواريخ ستالينغراد العصر، والدليل انه بعد ثلاثة اسابيع من تمكُّن النظام من محاصرة المعارضة في الأحياء الشرقية، تعرض لهجوم معاكس كسر هذا الحصار وساعد المعارضين وهم عشرات من الفصائل] تماماً على طريقة الحرب اللبنانية التي عرفت تنظيمات مثل “التيوس” و”الشواكيش”] على السيطرة على مساحات من المدينة كانت تحت سيطرة النظام.

اقرا ايضًا: فيلق الشام: النظام لا يسأل عن أرواح جنوده…ومقاتلو حزب الله في الخلف
ذات يوم قال جورج شولتز وزير خارجية أميركا سابقاً “ان الحرب اللبنانية مثل مفاعل يعمل بطاقته الذاتية”، وتماماً هكذا الوضع في حلب، المدينة التي يلتصق إسمها بذلك الحصرم الذي يراه الجميع فيها، ولهذا منذ ان بدأ ستافان دو ميستورا مهمته الحلبية، وهو يراوح في الفشل وآخر طموحاته تمديد الهدنة أكثر من ثلاث ساعات لأنها غير كافية لإيصال المساعدات التي لن تصل في النهاية، وخصوصاً عندما يتحدث هو شخصياً عن هجوم بالغاز وقع في حلب.
من الخيال تصوّر العودة الى المفاوضات في “جنيف – ٣” نهاية هذا الشهر كما يأمل دو ميستورا وحتى بسمة قضماني عضو وفد المعارضة، لأن من الشرقية والغربية تطلّ قصة طويلة حلبية!

(النهار)

السابق
اردوغان يصالح الأسد.. أم خطأ في الترجمة؟
التالي
«حزب الله» والتصالح مع «داعش»