«مجلس الشيوخ» جديد حوار الطرشان…ما هي صلاحياته؟

مجلس النواب
تفاجأ اللبنانيون أمس بطرح الرئيس نبيه بري في جلسة طاولة الحوار الذي طالب من خلاله انشاء "مجلس الشيوخ" تطبيقا لاتفاق الطائف، والسؤال هو انه بغض النظر عن الحاجة لهذا المجلس حاليا أم لا، ما هو الغرض من طرحه في هذا التوقيت من قبل رئيس المجلس؟

مع اشتداد الأزمات السياسية التي تعصف بلبنان مع دخول العام الثالث للفراغ الرئاسي، والعجز عن اقرار قانون انتخاب بعد التمديد لمجلس النواب مرتين، فضلاً عن الأزمات الحياتية التي تبدأ بأزمة النفايات المستفحلة ولا تنتهي بالأزمات التقليدية من كهرباء وماء وصحة، عادت بعض الأصوات للحديث عن إنشاء مجلس شيوخ كما أقرّ اتفاق الطائف على طاولة الحوار التي فشلت منذ بدئها بحلّ كل الخلافات التي تشكّل أزمات وطنية حقيقة، وأبرزها انتخاب رئيس للجمهورية!

فشل سلّة رئيس مجلس النواب نبيه بري وطروحاته، ودخول المتحاورين في مأزق من خلال «ثلاثية الحوار» التي أوهموا اللبنانيين أنّها ستخرج بنهاية سعيدة لأبرز الأزمات وهي انتخاب رئيس للجمهورية، جعلت من عرّاب هذا الحوار الرئيس بري المشهور بدهائه السياسي وحنكته أن يعاود طرح مسألة إنشاء مجلس الشيوخ، فخرج اليوم الثاني من الحوار بقرار تشكيل فريق عمل لدرس صيغ قانون الانتخاب الوطني والعمل على انشاء مجلس الشيوخ، وتطبيق اللامركزية الإدارية، علماً ان هذه المسائل يجب ان تتزامن في الوقت نفسه مع إلغاء الطائفية السياسية.

وشرح بري وجهة نظره في قانون للانتخاب «يحفظ قاعدة المناصفة وبأن كلمة وطني تعني ٥٠ بالمئة من المسيحيين و٥٠ بالمئة من المسلمين، رغم تفاوت عدد المسيحيين والمسلمين بين الداخل والاغتراب، وهو يؤدي الى خفض 90 في المئة من كوليسترول الطائفية»، كما شرح مفهومه «لمجلس شيوخ ينتخب على أساس المشروع الارثوذكس»، وفق ما ذكرت «النهار». ولكن هل هناك إمكانية حقيقة لتطبيق هذا الطرح؟

المحامي ماجد فياض أكّد في حديث لـ«جنوبية» أنّ «المادة 22 من الدستور اللبناني نصت على ما يلي: «مع انتخاب أول مجلسماجد فياض نواب على أساس وطني لا طائفي، يستحدث مجلس للشيوخ تتمثل فيه جميع العائلات الروحية، وتنحصر صلاحياته بالقضايا المصيرية»، هذه المادة التي أقرت في اتفاق الطائف ومن ثم أدرجت في الدستور عام 1990 لم تطبق حتى تاريخه، وذلك لأنّ الخلافات السياسية التي عصفت بالأفرقاء السياسيين المتنازعين على السلطة الذين عجزوا عن اقرار قانون انتخابي في مجلس النواب على أساس وطني لا طائفي، بحيث ينتخب النواب ويتمثلون على أساس الثقة الشعبية بهم وليس على أساس انتمائهم الطائفي والمذهبي».

وأضاف فياض «تطبيق هذه المادة هو خطوة من خطوات إلغاء الطائفية السياسية، باعتبارها هدفًا من الأهداف التي يجب أن تكون ضمن خطة الدولة، ولكن الهيمنة والوصاية السورية واستمرار المنازعات لقيام الدولة طالت الحال دون انتخاب مجلس نواب على أساس وطن، وظل الانتخاب على أساس التقسيم الطائفي، وبالتالي فإن الشرط الأساسي لم يتحقق حتى حينه».

الحوار

وهنا يطرح السؤال التالي هل يمكن تطبيق المادة 22 في الدستور في الوقت الراهن؟ رأى فياض «إنشاء مجلس شيوخ حاليًا أمر بعيد المثال، لأنّ الدستور لم يحدد بصورة واضحة وصريحة ما هي صلاحيات مجلس الشيوخ، وعبارة “تنحصر صلاحياته بالقضايا المصيرية” في المادة 22 من الدستور، لا تفيد شيئًا في تعريف القضايا المصيرية التي سيعالجها مجلس الشيوخ. وإذا كان الأفرقاء السياسيون يختلفون على ما هو أكثر وضوحًا في الدستور اللبناني كعجزهم عن انتخاب رئيس للجمهورية الذي حددت طريقة انتخابه بدءً من المادة 49 ومرورًا بالمواد 73،74،75 من الدستور، فكيف بنا أن نتأمل أن يتم تحديد القضايا المصيرية في مثل هذه الظروف القاتمة، خصوصًا أن تحديد هذا التعبير يقضي بانتزاع صلاحيات من مجلس النواب، أو أن يشكل مرجعية أخيرة لها».

وشدّد في النهاية الاستاذ فياض أنّ «البداية تكون مع إنشاء الهيئة الوطنية العليا لإلغاء الطائفية السياسية بموجب أحكام الدستور، وإقرار قانون انتخابات خارج القيد الطائفي».

اقرأ أيضاً: الحوار يضيّع الرئاسة وملفات الفساد… ويطرح مجلس الشيوخ‏

إذًا بات واضح أنّ طرح «مجلس الشيوخ» لا يعدوا كونه إلهاء للبنانيين الذين ملّوا من النظام السياسي الذي يعيش مأزقا حقيقيًا في ظلّ الخلافات الراهنة بين الأحزاب الحاكمة، وفي ظلّ الارتهان لدول خارجية وربط مصير لبنان بمصير الأزمات الاقليمية!

السابق
غارة اسرائيلية تستهدف قافلة لحزب الله بريف دمشق
التالي
سلة «الحوار» فارغة : قرار التعطيل اقوى.. فهل تنجح لجان بري؟