هل استطاع الجولاني نزع عباءة الارهاب عن جماعته؟

طلاق ودي بين تنظيم "جبهة النصرة" وتنظيم القاعدة قضى بإلغاء "النصرة" وتشكيل "فتح الشام" وإعلان فك الارتباط مع القاعدة، فما هي خلفية هذه الخطوة في فكر الجماعات الجهادية؟ وهل ستنجح النصرة بنزع وصمة الارهاب عنها؟

استبق تنظيم جبهة النصرة الإرهابي اتفاق موسكو وواشنطن في الشأن السوري القاضي بتصعيد الجهود لضرب “النصرة” أسوة بتنظيم “داعش” الارهابي، وكمحاولة منه لتغيير ملامحه وخلع ثوبه الارهابي المتطرف خرج زعيم “النصرة” أبو محمد الجولاني بخطاب مرئي كاشفاً وجهه للمرة الأولى معلناً فك ارتباطه بتنظيم القاعدة وتشكيل جماعة جديدة باسم جبهة “فتح الشام”، وكل ذلك بمباركة من زعيم “القاعدة” أيمن الظواهري.

وبالطبع لم ينسَ الجولاني التوجّه بالشكر إلى قادة تنظيم القاعدة على تفهمهم ضرورات فك الارتباط. إذ وجّه أحمد حسن أبي الخير، الذي عُرف بأنه نائب الظواهري، رسالة صوتية ودية إلى النصرة، تؤكد على توحّد الفكر والأيديولوجيا والأهداف بين الطرفين برغم انفصال العلاقة التنظيمية وأن الروابط بينهما “أهم وأعز عندنا من أي رابطة تنظيمية.” ووجه أبو الخير حديثه لجبهة النصرة قائلا “فإننا نوَّجه قيادة جبهة النصرة الى المضي قدمًا بما يحفظ مصلحة الإسلام والمسلمين.”

ابو محمد الجولاني

وبينما تعد جبهة النصرة أبرز الجماعات المتشددة في سوريا فلا يزاود عليها تطرفا سوى”داعش”، فان التساؤل هنا هل ينجح أسلوب “الحرباء” كما يقول اخصامها بتغيير وجه النصرة الارهابي بشكل يعترف بها المجتمع الدَولي، سيما بعدما رأى البيت الأبيض أن الخطوة مجرد تغيير مسميات، مؤكدا استمرار استهداف التنظيم المتطرف. فما هي خلفية الانفصال الودّي في فكر هذه الجماعات الجهادية؟

منسق التحالف المدني الإسلامي في لبنان والخبير في شؤون الجماعات الإسلامية الدكتور أحمد الأيوبي شرح لـ”جنوبية”خلفية فك ارتباط جماعة الجولاني عن تنظيم القاعدة في فكر الجماعات الجهادية، بداية أكّد على أن “التسمية العملية الصحيحة لما جرى هو فك ارتباط وليس انشقاق، وهذا الأمر يجب أن يكون بالنسبة لهم بطريقة “شرعية” وذلك بسبب مبايعة النصرة أمير القاعدة ولا يحلّ عقدة البيعة إلا الأمير”. مشيرا إلى أنه “صحيح أن ما جرى هو تفاهم على الطلاق، ولكنه طلاق في النهاية، حتّى ولو كان وديًّا وهو انفصال دائم”.

إلى ذلك، لفت الأيوبي إلى أن “فك الارتباط عن القاعدة هو كامل على المستوى السياسي، الفكري والعمل الميداني”. وأوضح أن “فكريا، القاعدة تنظيم عالمي يعتقد أنه يستطيع العمل في جميع انحاء العالم وكل البقع الجغرافية، أما جبهة فتح الشام حصرت عملها ونطاقها في النطاق الجغرافي السوري بحيث لا تقوم بأي عمل خارج هذا الاطار. وتابع، هي بذلك تشبه حركة حماس لافتا إلى أنها تتقرب من فكر الجماعة الاسلامية، إنطلاقا من شرعية القتال داخل الأراضي التي ينتمي اليها المقاتلون وهو قتال مشروع موجود في القوانين الدولية بإعتبار أنه دفاع عن النفس”.

وربط الأيوبي فك الارتباط في هذا التوقيت بالتطور في الساحة المحلية التي تخولهم بالقيام بذلك للتخلّص من وصمة الإرهاب، مشيرا إلى الخطوة الثانية التي أعلنها الجولاني الهادفة إلى توسيع التحالف مع أكبر قدر من الفصائل السورية لمواجهة النظام السوري والاحتلال الايراني والروسي.

إقرأ ايضاً: الجولاني يفك الارتباط بالقاعدة ويعلن الغاء العمل باسم جبهة النصرة

كما تطرق إلى المواقف الدَولية التي نتجت بعد فك الارتباط ومنها الموقف الأميركي الذي أعلن أن” تقييمه لجماعة جبهة النصرة لم يتغير على الرغم من أنباء قطع صلاتها بتنظيم القاعدة، ولكنها ستراقب وتنظر في تطوراتها على المستوى العقائدي والممارسات الميدانية”. وشبه الأيوبي هذا الموقف بـ”مسمار جحا” متسائلا هل تقييم الممارسات خاضع للنقاش فيجب أن لا ننسى أن قبل تصنيف النصرة ارهابية كانت موجودة لسنوات خارج نطاق الارهاب”.

احمد الايوبي

من جهة أخرى، رأى بأن “هذا التطور الكبير سيتيح خلط الأوراق في الداخل السوري وذلك بتحول جبهة الشام الحالية إلى فصيلة سياسية وهي التنظيم الأقوى بعد تنظيم داعش”. ويعتقد الأيوبي أن “جبهة النصرة بحلتها الجديدة ستحظى بتعاطف كبير في الداخل السوري”.

وبحسب الأيوبي هذه الخطوة سيكون لها انعكاس على الميدان السوري لأنه بذلك “جبهة فتح الشام” ستبعد نفسها عن الضربات الروسية-الأميركية عند انطلاق الحملة المشتركة ضد التنظيمات الارهابية. لافتا إلى أنه اجراء عاجل وخطوة موفقة .مضيفا ان “هذا التحول يأتي ضمن المراجعات التي تتعرض لها العديد من الفصائل السورية بعد التجارب “.

إقرأ أيضاً: الجولاني و«لعبة» فك الإرتباط عن القاعدة

ولكن السؤل بالنسبة للأيوبي يكمن بأنه “كيف ستستخدم هذه الفصائل دماء عناصرها وأعمالها في السياسة”. وتابع “داعش يحصر اعماله وانجازاته عسكريا دون التفكير بالشق السياسي وإذا استمر على هذا الحال فهو انتحار وسيقضى عليه ، أما النصرة فهي تقترب من السياسة للجلوس على طاولة المفاوضات لأنه يجب أن يكون لها إدارة سياسية وليس فقط أن تكون طرفا ميدانيا لا يستطيع استثمار أعماله”. وتابع “فتح الشام” وصلت إلى هذه القناعة وربما نراها على طاولة جنيف أو غيرها”.

و خلص الأيوبي على التأكيد أن “هذه الخطوة ايجابية وتنعكس باتجاه عقلنة الحركات الجهادية مشيرا إلى أهمية دعوة الجولاني في خطابه إلى الاستقرار وهو ما يكون في العادة غائبا في خطابات هذه الجماعات واصفا اياه بأنه خطاب جديد”.

السابق
حزب الله: اسقطنا مشروع الشرق الأوسط الجديد..والخليج سيدفع ثمنا باهظا
التالي
#الغضب_لحلب