التفاؤل يعمّ أجواء «الرابية».. فيما الرئاسة «مكانك راوح»!

العماد ميشال عون
كل الملفات الداخلية معلّقة على خط التوتر العالي، فالسياسة متأرجحة بين الانقسامات، والنفط البحري يتقلّب على نار المزاجيات، والموازنة تتقاذفها هبّة ايجابية باردة بإمكان إعدادها قريباً وللمرة الاولى منذ العام 2005، وهبّة سلبيّة ساخنة بتعطيلها وقطع الطريق عليها نهائياً، وامّا المفتاح الرئاسي فيبدو انه ما يزال ضائعاً في قعر التعقيدات المحلية والخارجية.

لا يزال المفتاح الرئاسي ضائعاً في قعر التعقيدات المحلية والخارجية، على الرغم الكلام الذي تردد مؤخراً عن محاولات حثيثة لإنضاج الملف الرئاسي في الاشهر القليلة المقبلة.

اقرأ أيضاً: حقائق ومعلومات بالأرقام تفضح فسادا في «ملف النفط»

إضافة إلى حركة الاتصالات كثيفة التي كانت تجري ولا تزال عبر القنوات المحلية والخارجية، وبوتيرة اسرع ممّا سبق، الّا انها ما زالت في الاطار الاستطلاعي لا أكثر، من دون بلوغ أي خطوة إلى الأمام تكلل هذه المحاولات. ويبقى القاسم المشترك في حركة الوفود الغربية التي تكثفت في الآونة الأخيرة، انها لا تنطوي على اية مبادرات جدية، بل هي كناية عن تمنيات تَحضّ اللبنانيين على التوافق في ما بينهم وإنجاز الاستحقاق الرئاسي في اقرب وقت ممكن، مع مباركة اي جهد داخلي يخدم الإسراع في انجاز الاستحقاق كما تحذيرات وتمنيات مجلس الأمن على لبنان امس. إلا أنه لا يمكن أيضًا تحييد مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري وجلسات الحوار التي حددها في آب، وكذلك على الطرح الذي يسوقه رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط للوصول الى تسوية رئاسية.

الرابية… تفاؤل

وفي ظل هذه المراوحة، اللافت هو الأجواء التفاؤلية التي تسود الرابية، بالتزامن مع كلام يتردد في اوساط قريبة من انّ حظوظ رئيس تكتل “الاصلاح والتغيير” النائب ميشال عون قد ارتفعت رئاسياً. ويلاحظ زوّار الرابية شعوراً بالتفاؤل الجدي، والقريبون من عون يغمرهم شعور بإمكانية بلوغ إيجابية ملموسة على هذا الصعيد، في وقت ليس ببعيد.

وكان لافت ما أبلغه بعض زوّار الرابية لـ “الجمهورية” قولهم: “رياح التفاؤل تضرب الرابية، وتبدو مرتاحة جداً الى الاجواء المحيطة بالملف الرئاسي، وهي على يقين بأنّ الامور مهما لَفّت ودارت ستعود الى الجنرال عون”. ويلفت الزوار الانتباه الى انّ الرابية تعوّل على تبديلٍ ما في موقف الرئيس سعد الحريري، بعدما ابدى جنبلاط استعداده للسير بترشيح عون. وهي تتوقع دخول الحريري في حوار مع المسؤولين السعوديين لحسم الموقف خصوصاً انّ المملكة لا تضع اي فيتو على ترشيح عون. وإذ يشير هؤلاء الى انّ الاتصالات مع “بيت الوسط” مستمرة ولم تنقطع يوماً، فإنهم لا يبدون ايّ خوف ممّا سمّوه “تقلبات جنبلاطية”، خصوصاً انهم يعتبرون انّ جنبلاط يقرأ المرحلة جيداً وهو رأى انّ مصلحة لبنان اليوم هي السير بترشيح عون.

اكد وزير الداخلية نهاد المشنوق أن الحوار مع رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون مستمر لأنه " حقق الكثير من الايجابيات". واشار المشنوق عقب لقائه رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون في الرابية، الإثنين الى ان الحوار مع عون مستمر ولن يتوقف. وأضاف أن هذا الحوار قد حقق الكثير من الايجابيات منها الاستقرار الحكومي والاستقرار السياسي في البلد"، مردفاً أن انتخابات الرئاسة بحاجة الى المزيد من النقاش بين الافرقاء لانتخاب رئيس توافقي. واوضح انه "لم يأت حاملا رسالة، مع انه ممثل تيار المستقبل في الحكومة، والحوار حقق الاستقرار الحكومي وساهم في اقرار الخطة الامنية، وقد ساهم هذا الحوار في العديد من الانجازات"، مؤكداً أن "لا خلاف حول الية عمل الحكومة في ظل الفراغ الرئاسي". ونفى المشنوق مناشدته رئيس الحكومة تمام سلام تشكيل "حكومة مصغرة"، لافتا الى ان النقاش يدور حول تشكيل خلية ازمة. ودخل لبنان في الاسبوع الرابع من الشغور الرئاسي بعد فشل النواب في انتخاب رئيس جديد ورفض الرئيس السابق ميشال سليمان تمديد ولايته والقى خطاب الوداع في 24 أيار. ووفق الدستور فإن الحكومة مجتمعة تتولى صلاحيات رئاسة الجمهورية في حال الفراغ.

بكركي وطرح جنبلاط

الى ذلك، تؤكّد مصادر كنسية أنّ البطريركية المارونية تواكب عن كثب حركة الإتصالات الرئاسيّة الداخلية مع القوى الفاعلة محلياً، والخارجية مع فرنسا وبقية الدول الفاعلة. وقالت إنّ “الرئاسة تحتاج الى معجزة، فكلّ المبادرات لم توصِل الى الحلّ المطلوب”. ولفتت الى انّ النائب جنبلاط وخلال لقائه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، لم يطرح حلاً كاملاً، بل قدّم أفكاراً بإمكانها المساهمة في التسوية، والبطريرك الراعي يؤيّد كل ما يمكن ان يساهم بانتخاب رئيس سريعاً، لكن يبدو انّ الأفق ما زال مسدوداً، خصوصاً انّ التجارب السابقة لم توصِل للنتيجة المرجوّة. وبالتالي، فإنّ اية مبادرة حالياً ومن ضمنها أفكار جنبلاط يجب أن تتمتّع برضى داخلي أولاً، وبقبول إقليمي ودولي ثانياً، خصوصاً انّ الازمة الإقليمية والنزاع السني- الشيعي هما ما يؤخّر انتخاب رئيس جمهورية لبنان.

ما سبب إستعجال جنبلاط التسوية

إلى ذلك ينقل عن جنبلاط تساؤله ما اذا كان دونالد ترامب قد سمع بدولة تدعى لبنان، خصوصاً أنه شديد القلق حيال انتخاب المرشح الجمهوري الذي يعتبر هنري كيسنجر بمثابة مرشده الاستراتيجي، وهو الذي كان يرى في لبنان فائضاً جغرافياً يمكن استخدامه لتسوية ازمات المنطقة بما فيها الازمة الفلسطينية – الاسرائيلية.

اقرأ أيضاً: هل تكشف المستور في ملف الكهرباء «لجنة تحقيق برلمانية»؟

ورأت أن ترامب قد “يخربط” كل قواعد اللعبة في المنطقة التي قد تدخل في متاهة اخرى، وعلى هذا الاساس يفترض باللبنانيين، وكما يقول جنبلاط، ان ينتبهوا الى ما يمكن ان يحصل اذا ما دخلت المنطقة في مرحلة اكثر تعقيداً من الاضطراب الاستراتيجي، مع التشديد على استعجال التسوية.وتشير المعلومات الى ان رئيس مجلس النواب نبيه بري على توافق تام مع جنبلاط في وضع المتحاورين في عين التينة امام الاحتمالات، مع التأكيد على ضرورة عدم الاخذ ببعض النظريات او بعض الدعوات الى انتظار الادارة الاميركية الجديدة.

السابق
إما مقتول أو قاتل
التالي
إحراق سيارة رئيس بلدية الميناء