الطائفية في جيش الأسد: الضباط السنة ممنوعون من الصلاة.. محرومون من الترقية

تنحدر الغالبية العظمى في الجيش السوري من «الطائفة العلوية»: طائفة الرئيس السوري «بشار الأسد»، بينما يعيش الضابط السني ـ المنخرط في الجيش السوري ـ وقائع مظلومية كُبرى؛ تطال امتيازاته المادية والاجتماعية، ومبادئه الدينية، والتي ـ بسببها ـ بات مُهددًا بالسجن في أي وقت.

وتنحصر مسؤوليات الضباط السنة ـ في الجيش السوري ـ في المهام الإدارية والخدمية، كما أنهم محرومون من التدريب العسكري المُتطور.

وتُرجح التقديرات بلوغ العدد الإجمالي للضباط السنّة ـ في الجيش السوري ـ بين 50 ألفًا و20 ألفًا، بينما تصل نسبة العلويين حوالي 85% من كل مجموعة مُتخرجة من الأكاديمية العسكرية.

الضابط السني.. ممنوع من الصلاة ومحروم من الامتيازات

تمثلت تبعات انحدار غالبية الضباط من الطائفة العلوية السورية، وسيطرتها على المناصب العليا؛ في سعي هذه الأغلبية في استثمار نفوذها لفرض نمطهم داخل المُؤسسة العسكرية، وترهيب كل مُخالفٍ لهذا النمط من الضباط السنة؛ بإحالتهم للمعاش، أو محاكمتهم عسكريًا؛ بتهمة «الإخلال بقيم النظام العام»: من خلال كتابة تقارير عنهم بواسطة الضباط العلويين، الذين يسيطرون على مكتب التفتيش العسكري في القوات المسلحة السورية.

ويتعرض الكثير من الضباط السنة، في أماكن خدمتهم، إلى الجوع الشديد؛ لأن كبار الضباط يُحوّلون الحصص الغذائية من المتعهدين لحسابهم الخاص.

ومن مظاهر التمييز ـ كذلك ـ حظر سفرهم في بعثات خارجية؛ على خلفية معتقدهم الديني؛ إذ يُعد المعتقد من شروط الاختيار للبعثات وفقًا لما يُنظمه كل من مكتب لشؤون الضباط وهيئة التدريب.

«من أجل التقدم في الترقية، على الضابط أن يكون رخوًا أخلاقيًا. في عام 1993، استدعاني ضابط استخبارات إلى مكتبه، وسألني: فيما إذا ذهبت لزيارتك، هل ستكون زوجتك حاضرةً؟ أوضحتُ بأنني من الريف السوري، وأنه ليس من تقاليدنا أن تكون المرأة حاضرة؛ عندما يكون الضيوف من الرجال، وليسوا برفقة زوجاتهم. قلت له بأنه، فيما إذا كان سيزورني دون رفقة زوجته، فزوجتي ستحييه، ولكنها لن تبقى برفقتنا، فردّ بأن هذه أخلاقٌ رجعية، ولا تليق بضابط».

تلك إحدى مرويات ضابط مُنشق عن الجيش السوري، في دراسة منشورة للباحث السياسي، «هشام بو ناصيف»؛ تكشف عن الوجه الطائفي للنظام السوري ومُؤسساته.

التقاعد الإجباري قبل رتبة «عميد»

إحدى الأسس التي بنى النظام السوري عليها الصلة التنظيمية بينه وبين الضباط السوريين السُنّة، هي أن الضابط السني يُحال للتقاعد قبل بلوغه «رتبة عميد»؛ ليتراوح سن التقاعد عند أغلبهم أواخر الثلاثينات.

من بين هذه الأسس أيضًا، اعتماد الانتماء الطائفي كأولوية؛ إذ إن تفضيل العلوي على السني في قبول أوراق انضمامه للأكاديمية العسكرية، وذلك منذ عهد «حافظ الأسد»، والتي تنعكس على طريقة المعاملة داخل الأكاديمية خلال الفترة الأولى من حياتهم العسكرية.

ومن مظاهر التمييز العسكري ـ أيضًا ـ ضد الضباط السُنّة، حرمانهم من استخدام الأسلحة الحديثة، بل التدريب عليها، فعلى سبيل المثال، يُحصر استخدام الدبابات الروسية القتالية «تي 80»، و«تي 90»، الأكثر فاعلية في الترسانة السورية، على فرق الجيش المحصور دخولها على أبناء الطائفة العلوية.

إقرأ ايضاً: السجون السرية في سورية «صندوق أسود» يخبئ فظائع نظام الأسد

وتُظهر الواقعة التي تسربت لوسائل الإعلام، عام 2006، تطبيقًا عمليًا للتمييز الطائفي بين الوحدات العلوية الخاصة والضباط السنة، إذ تضمنت مطالب لضباط الدفاع الجوي، في الحصول على صواريخ «أرض – جو» محمولة من نوع «إيجلا 9 ك 38»، لرفع أدائهم العسكري، وكان رد النظام السوري على هذا الطلب، هو شراؤها من القوات المسلحة الروسية، وتدريب «فرقة الحرس الجمهوري» عليها فقط، وهي فرقة عسكرية، لا تضم سوى ضباط علويين، فيما مُنع تعميم استخدامها على «وحدة ضباط الدفاع الجوي»، التي تضم عددًا كبيرًا من الضباط السنة.

اكتساح للعلويين

اعتماد رئيس النظام السوري، بشار الأسد، على سياسة الموالاة، والانتماء الطائفي، في تعيين قيادات القوات المُسلحة، تُعد امتدادًا لسياسة رسخها والده خلال فترة حكمه؛ إذ تُظهر الإحصاءات أن من بين 31 ضابطًا عينوا من جانب والده لقيادة القوات المسلحة السورية، خلال الفترة الممتدة بين 1970 و1997، كان هناك ما لا يقلّ عن 61.3% من الطائفة العلوية.

وتتشابه الإحصاءات خلال عهد بشار الأسد، مع الإحصاءات الواردة في عهد والده؛ إذ توضح الأرقام أن من بين 21 قيادة عسكرية لـ18 فرقة عسكرية، هم النواة الرئيسة للجيش السوري، يوجد قياديان فقط منتميان للطائفة السنية، وهما اللواء «محمد خيرت»، قائد الفرقة 17، واللواء «عمر ريباوي»، قائد الفرقة 10.

وتظل قيادة القوات الجوية، والبحرية، محسومة للقيادات العسكرية المنتمية للطائفة العلوية خلال عهد بشار الأسد، وكذلك جميع رؤساء الوكالات الأمنية المسؤولة عن السيطرة على القوات المسلحة، في عهده، وقادة الحرس الجمهوري، وقادة القوات الخاصة.

وكانت إحدى «التكتيكات» التي اعتمدها آل الأسد، هي شغل المناصب العسكرية العليا بأقاربهم؛ إذ بدأ حافظ الأسد ولايته كرئيس لسوريا، بتعيين شقيقه «رفعت الأسد» قائدًا لوحدات الدفاع شبه العسكرية (سرايا الدفاع) في دمشق، وشقيقه الآخر، «جميل الأسد»، رئيسًا لقسمٍ خاصٍ في وحدات الدفاع المكلفة بتأمين المناطق العلوية، وكذا «عدنان الأسد»، ابن عم الرئيس، قائدًا لسرايا الصراع، وهي وحدة شبه عسكرية أخرى في دمشق. وأخيرًا، كان «عدنان مخلوف» (أخو زوجته)، المسؤول عن الحرس الجمهوري.

إقرأ أيضاً: بالفيديو… الإنسانية المدعّاة من الأسد وزوجته: يزوران جرحى الجيش بحمص!

الأرقام المذكورة تعكس الكيفية التي استطاع من خلالها النظام السوري، إبعاد الضباط السنة عن مراكز ميدانية/قتالية ضمن الجيش، وحصر أماكن تواجدهم في وظائف إدارية، أو خدمية، أو أخذهم كخدم وسائقين شخصيين.

ووفقًا للدراسة المنشورة لـ«هشام بو ناصيف، فإن زيادة اعتماد الأسد على أقربائه وأبناء طائفته في القوات المسلحة السورية، كان مرتبطًا بشكل رئيس بتكثيف الصراع بين جماعة «الإخوان المسلمين» ونظام الأسد، إضافة للتدخل غير المؤيد شعبياً للأخير في لبنان، وهو الأمر الذي كثف الطبيعة العلوية لنظامه، بحسب الدراسة.

السابق
تركيا «الواقعية» … وداعاً لسياسة «رحيل الأسد ونظامه»
التالي
من هو اللبناني الذي ينقل الأموال إلى حزب الله شهرياً؟!