إسرائيل تصالح تركيا وتحالف روسيا: سوريا هي الجبنة

لم تعد القضية الفلسطينية هي الأهم بالنسبة للعرب كما لحزب الله وإيران، وإنّما الأولوية هي للتمدد الإيراني ولنفوذه. فالحزب مطمئنٌ لحدودخ الجنوبية، أما استراتجيته في سوريا فهي لمآرب ايديولوجية بحتة.

يبدو أنّ روسيا هذه الأيام تستثمر حضورها السوري في كل الإتجاهات. فقد حقق الدخول العسكري الروسي إلى سورية جملة متغيرات تتسم بالإستراتيجية تجاه المنطقة عموماً وليس سورية فحسب. يكفي ألاّ يتطرق الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لا إلى الهدية الروسية لإسرائيل، تلك الدبابة الإسرائيلية الغنيمة، وألاّ يعلق على المناورات المرتقبة بين روسيا واسرائيل في المتوسط وفي الساحل السوري وربما اللبناني… هذه تبدو أموراً تفصيليةً لا يليق الحديث عنها في يوم القدس. ذلك أنّ يوم القدس، مع مدّة الإعفاء التي أعطاها الحرس الثوري لإسرائيل، أي 25 سنة كحد أقصى لتنتهي من الوجود، فهي المدة الزمنية التي تفصل بين إنهاء الجماعات الإرهابية التكفيرية واتباع الفكر الوهابي والقضاء عليهم قضاءً مبرماً، ثم الانتقال بعد ذلك إلى محاربة اسرائيل.

لا شكّ أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو صار مقرراً في الشأن السوري ولو من زاوية الأمن الإسرائيلي وضمان حدود دولته بضمانة روسية. وهو الذي ساهم بفتح قناة التواصل بين حلف الممانعة، من خلال روسيا، والحلف المقابل الذي أطلقت عليه أوصاف عدّة منها الدواعش والإسلاميين، ممثلاً بتركيا. اسرائيل صلّة وصل وفاعل خير بين أحلاف طالما كانت بعيدة منها أو معادية.

الدور الإسرائيلي محوري هذه المرة. روسيا تحتاجه في لعبة التوازن التي تديرها في سورية، وتحتاج أيضاً قوة الضغط الاسرائيلية على الإدارة الأميركية للحد من الضغوط الأميركية في أوروبا على الاتحاد الروسي. اللوبي الإسرائيلي يُراهن عليه في لعبة الضغوط هذه، لكن إلى جانب هذا وذاك نجد في اسرائيل أكبر جالية من أصول روسية في الشرق الأوسط. وثمّة مسؤولية معنوية. فروسيا تطلب منها حماية هذا العرق الروسي الذي امتدّ إلى اسرائيل ويتجاوز عديده المليون.

تركيا واسرائيل و روسيا

وتركيا التي طوت أزمة سفينة مرمرة مع اسرائيل فتحت آفاقاً جديدة من التعاون مع اسرائيل. ولسان حال إيران وحزب الله: لن نكون عرباً أكثر من العرب. هذه العبارة بدأت بالتداول في أوساط حزب الله. وهو ما يعكس تحولاً في النظرة إلى القضية الفلسطينية. إذ طالما نظّرت القيادة الإيرانية لفكرة أنّ فلسطين قضية إسلامية وليست قضية عربية. لكن في موسم التسويات مع الشيطان الأكبر تسود نظرية: إذا العرب تخلّوا عن فلسطين فماذا نفعل نحن هل نكون عرباً أكتر من العرب؟

هو موسم حيث لم تعد فلسطين وسيلة مربحة في الألاعيب السياسية، من استغلال هذه القضية لتحقيق مآرب أخرى. ذلك أنّ اسرائيل أصبحت في قلب اللعبة وطرفاً فيها والكل يطلب ودّها أو يتحاشى إغضابها.

إقرأ أيضاً: تركيا تعود الى الحضن الدولي… واميركا ترحّب

هذه المرة روسيا من سيزاحم الإدارة الأميركية على إدارة التسويات في المنطقة من خلال سورية. ويمكن القول أنّ اسرائيل ضمنت منذ الآن إخراج الجولان السوري من دائرة أيّ تفاهم أو تفاوض. الضمانة الروسية لن يعترض عليها النظام السوري ولن يرفضها حزب الله. ولسان حاله “إذا السوريين ما بدن الجولان رح نكون سوريين أكتر من السوريين؟”.

هذه اللغة وهذه العبارات قالها اللبنانيون أيضاً وأولهم مناصرو حزب الله. وخلاصتها أنّ “لبنان لن يكون منطلقاً لعمليات عسكرية ضد اسرائيل”. هذه العبارة هي التي عززت الاستقرار والأمن على الحدود اللبنانية الجنوبية، والتزام حزب الله بمقتضياتها وفرّ له المزيد من النفوذ الداخلي الأمني والسياسي. فلسطين لم تكن أولوية ولن تكون في المدى المنظور. الأولوية اليوم هي لحماية منظومة النفوذ الإيراني على امتداد المنطقة. وقد ثبت أنّ ايران اقتنعت بكون العلاقة مع واشنطن هي الطريق الذي يمهّد لحماية نفوذها أو ما تبقى منه.

إقرأ أيضاً: ماذا تريد تركيا واسرائيل وروسيا من تطبيع العلاقات بينها؟

العلاقة مع الدول العربية ليست هدفاً، بل إنّ إيران تستفيد من الضعف في العديد من الدول وتعمل على اختراقها أمنياً وسياسياً ومن خلال بناء جماعات تابعة لها وذات نفوذ أمني وعسكري وديني. هذه الحرفة الإيرانية لن تتوقف ما دامت واشنطن لا تشعر أنّ هذه السياسة تهدد مصالحها. وبالتالي ستجد إيران الطريق مفتوحة لها في العراق الشيعي، وفي اليمن الحوثي وفي لبنان الحزب اللهي، فيما سورية لم تزل عصية اجتماعياً على نفوذ إيراني إلاّ بالاقتلاع الديمغرافي الجاري برعاية إيرانية ومباركة نظام الأسد وبتنفيذ من حزب الله من الحدود السورية وصولاً الى العاصمة وشمالاً نحو حمص.

السابق
بالفيديو.. في جنوب لبنان: كاهن يؤذن ليفطر المسلمون!
التالي
رسالة الملك سلمان: الحريري هو الزعيم والخلاف معه خلاف مع المملكة