ماذا تريد تركيا واسرائيل وروسيا من تطبيع العلاقات بينها؟

لم يمض شهر حزيران الفائت الا وكانت التحالفات والتفاهمات الدولية والاقليمية في المنطقة قد اعيد تطبيعها وترتيبها بشكل فاجأ الأوساط السياسية والإعلامية من جميع الاتجاهات، فالمشثرك بين دول روسيا وتركيا اسرائيل انها تملك نفوذا وسيطرة وأدوات تحكم على الساحة السورية تستطيع من خلالها الوصول الى حلّ متوازن للأزمة فيها ان ارادوا ذلك.

اسرائيل تقرّبت من روسيا عبر سلسلة من الزيارات كان آخرها زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الى موسكو في السابع من شهر حزيران الماضي التي احتفى فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فقال ان روسيا واسرائيل ستكونان “حليفتان من هذا المنظور” حول مصالحهما في المنطقة وحول مكافحة الارهاب، ليكتمل ثالوث التقارب والتطبيع بعد ذلك مع اعلان تركيا رغبتها في عودة العلاقات الى مجاريها مع موسكو، مرفقا من قبل الرئيس التركي أردوغان باعتذار عن اسقاط سلاح الجو التركي للسوخوي الروسية في الأجواء السورية نهاية العام الفائت 2015، جرى ذلك بالتزامن مع اعلان وزارتي خارجية اسرائيل وتركيا عن توقيع اتفاق جرى في 28 حزيران من شأنه أن يمهد لإعادة التطبيع بين البلدين بعد قطيعة استمرت ست سنوات.

ولكن لماذا التحالفات والتقاربات وتطبيع العلاقات بين هذه الدول الإقليمية الكبرى الثلاث في هذا الوقت العصيب من الزمن الذي تشهده منطقتنا العربية وتشهده سوريا تحديدا؟

اسرائيل تركيا

ومن أجل الاجابة على ذلك لا بد من معرفة ما تريده هذه الدول من وراء التقاربات فيما بينها، وما هي أولوياتها ومصالحها في المنطقة وكيف تتخيل مستقبل سوريا؟

فتركيا التي انخرطت في دعم عدد من الفصائل الاسلامية المقاتلة في سوريا ضد نظام الرئيس الأسد كحركة أحرار الشام وجيش الفتح، وغضت النظر لسنوات عن تحركات داعش وجبهة النصرة على حدودها في سبيل منع الاكراد من اقامة كيان أمر واقع، يبدو بذلك ان هدفها واضح وهو تغيير نظام الأسد، ومنع حزب العمال الكردستاني من التحرّك في سوريا والعراق لشن هجمات عبر الحدود على جيشها تمهيدا للمطالبة باقامة دولة كردية.

اقرأ أيضاً: أردوغان… والعودة للّعب مع الكبار

أما روسيا التي قدمت بسلاح جوها المتطوّر لإنقاذ النظام البعثي ومنعه من السقوط بعد ان وصلت قوات المعارضة الى حدود مدينة اللاذقية حيث تقبع قاعدتها البحرية، فقد قامت بمهمتها على أحسن وجه، ليعود الدور الاقليمي الروسي من جديد، وليمسك بوتين بالملف السوري فارضا أجندته في المنطقة على الحلفاء والخصوم، مشيرا لأميركا انها لن تفلت بما فعلته في أوكرانيا من دعم صريح لخصومه هناك، وان من يود ان يحلّ الأزمة في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط عليه التوجه الى موسكو قبل أي شيء.

وبالنسبة لإسرائيل صاحبة العلاقة العريقة والتاريخية مع تركيا قبل عهد العدالة والتنمية الاسلامي، فانها تركت أردوغان يغرق في المستنقع السوري الايراني السعودي في المنطقة ليظهر له ان لا غنى عن الدولة العبرية في سبيل تحقيق الاستقرار فيها وتأمين مصلحة الجميع عبر استراتيجية الردع العسكري والتوسع الاقتصادي، القائمة على استبعاد اي دور اقليمي لإيران ولإبنها الشرعي حزب الله في المستقبل خارج لبنان، فايران الداعمة لحركة حماس وغيرها من التنظيمات المقاتلة في فلسطين هي ايضا عدو عقائدي طبيعي، قدم من الشرق ليقتطع حصة لا يستحقها في سوريا بعد اقتطاعه الحصة الأكبر في العراق.

إقرأ أيضاً: تركيا تعود الى الحضن الدولي… واميركا ترحّب

وبذلك يتضح ان الخاسر الأكبر من وراء هذا الحلف الاقليمي الدولي الثلاثي (روسيا وتركيا واسرائيل) سيكون ايران دون شك، وقد بدأت تظهر بوادر هذه الخسارة على الأرض في جبهات حلب ودمشق والرقة، مع احجام سلاح الجو السوري عن التدخل في المعارك مفسحا المجال لهزائم متتالية تلقاها حزب الله والقوات الايرانية والجيش السوري في تلك الجبهات، مما ينذر وينبىء ان القرار في سوريا أصبح روسيا فيما يتعلق بمعسكر النظام الذي تأخذ بناصيته روسيا نحو الحل الذي سوف يتفق عليه بين شريكيها التركي والاسرائيلي بما يحفظ سياسة التوازنات في المنطقة المتفق عليها مسبقا مع أميركا والمحددة منذ مؤتمر جنيف حول الازمة السورية قبل عامين.

السابق
ريفي للجديد: تشبهون المسلسلات المكسيكية… والرد عليكم لا معنى له
التالي
زهرا: حزب الله انزعج لأننا لسنا ذمية له.. وحينما حملنا سلاح كان المتنطحون رضّع‏