عنصريتنا تطغى…وأبطالها ناشطون مدنيون!

لنتحدث أولاً عن العنصرية بشكل عام، فأن ترفض كل ما لا يشبهك فقط لأنّه لا يشبهك هذه هي العنصرية.

العنصرية هي أن تتعامل مع أيّ مختلف عن الجماعة بتخلف، فتتخذ موقف العداء والنفور منه إن لأسباب قائمة على الهوية الوطنية أو الدينية أو العرقية…

نكون مخادعين، إن حصرنا موقفنا العنصري الذي تجلّى لبنانياً بالوقت الراهن وبالمرحلة الحالية، فالعنصرية هي جزء من طبيعة اللبناني مهما ادعّى التحرر والانفتاح.

أحد الصديقات، ترفع منذ أيام لواء الدفاع عن اللاجئين، وعن كرامتهم، ممّا لا شكّ به قضيتها محقة، ولكنها نفسها منذ ما يقارب العدة أشهر انتباتها موجة من السخرية والضحك لأن مواطن من الجنسية السورية قد تقدّم لخطبتها!

صديقٌ آخر، تصرخ منشوراته بالانفتاح، وبحماية حقوق الضيف – النازح، هو نفسه حينما تجالسه على فنجان قهوة يشتمهم ويشتم من جلبوهم على لبنان.

نموذجان من كثر، عنصريون يواجهون العنصرية من خلف شاشة رقمية لا تكشف حقائقهم، ولنكن أكثر موضوعية فعنصريتنا ليست فقط ضد السوري بل أيضاً ضد أنفسنا، إذ أنّه عند الاحتكاك باللبناني نجد شريحة كبرى لا يستهان بها، ترفض الأخر المختلف دينياً، وتتذمر من صاحب البشرة الشديدة السمرة، ولنعد لأمثالنا ولنكاتنا التي تعكس هذا دليل.

منذ فترة شاهدنا أحد المثقفين، يمد قدمه بوقاحة وثقة أمام طفل “سوري” ليمسح له الحذاء، المشهد يحوي طابعاً عنصرياً، وآخر، يتذمر من الصليب الأحمر وكاريتاس ويصفهم “بالشحاتين” فيغلق زجاج سيارته بقرف حتى لا يتبرع له بقليل من القروش، أيضاً مشهد ثان يحوي لمحة من العنصرية!

إقرأ أيضاً: حلّوا عن سما اللاجئ السوري… يا عنصريين!

العنصرية التي هي استعلاء، وأن ننظر للآخر بدونية وانّه أقلّ شأناً منّا، فلا نوفر فرصة لتحقيره أو إذلاله أو التشهير به.. فقط لأنّه لا يشبهنا تماماً أو لأنّ طبقات اجتماعية تفصل بينه وبيننا، وهنا لا بدّ أن نذكر عنصرية الغني ضد الفقير، والتعامل المريض مع الخدم، وعقدة “السيد”، والكثير من النرجسية اللبناني… أصدقائي ،حقاً اللبناني عنصري، بالفطرة عنصري.

العنصرية ضد النازحين

هذا اللبناني الذي شتم السوريين عام 2005، وكسر وراءهم الجرّة، هو نفسه يدافع عن النازحين منهم بعد الثورة، نفهم الفروقات ونفهم أنّ من رحل حينها كان نظاماً فاشياً وأنّ من عادوا عام 2011 هم ضحايا كما كنا ضحايا، ولا شكّ أننا مع حقهم بأن تؤمن لهم الدولة اللبنانية بيئة آمنة بعيداً عن عنصرية جبران باسيل وبعض الإعلام وبعض الفنانين، ورواسب من يتشبهون بالحراك والمجتمع المدني.

فهؤلاء، قد امطروا اللاجئين بسمومهم .طبعاً لسنا أقلّ عنصرية منهم، ولكن الإنسانية سبقت العنصرية هذا ما جعلنا نتمايز وليس الفطرة.

اليوم، استوقفنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي صفحة اسمها “مرصد العنصرية”، قوامها سكرين شوت لأيّ منشور فيسبوكي أو تويتري يسيء للاجئ، هذه الصفحة ربما تحمل قضية ولكنها تنتهك الخصوصية، إذ تنقل صور لصفحات مخصصة، كما أنّها تساهم في نشر الفكرة التي تدحضها.

إقرأ أيضاً: لاجئ مش إرهابي‬

لكي نحارب العنصرية يجب أن لا نرصدها سيما حينما يكون الذي وراءها أشخاص عاديون غير مؤثرين، الصورة تصبح خدمة لأفكارهم وتساهم بنشرها.
وبالمناسبة.. يمكن بمكان ما أن نوصف اختراق الخصوصية عنصرية لمآرب لا جعلاقة لها بالقضية!

مواجهة العنصرية، تبدأ بمواجهة الذات، والاعتراف بأن ثقافتنا عنصرية، وبحاجة لعلاج ولثقافة عصرية تنسخ كل رواسب ما علق في ذهننا من اصطفائية تمجيد الذات ورذل الآخرين.

السابق
بالصور: مسلحون من آل جعفر يعترضون سيارة لنقل المساجين ويهرّبون السجين
التالي
جرحى القاع يقاومون الحروق… عظم الانتحاري علق في جسد ايلي!