كتاب يبحث: هل ما زال «التضامن الشعبي في العالم العربي»؟

اديب نعمة
صدر عن (دار الفارابي في بيروت، وبالتعاون مع and (شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية)، كتاب: "التضامن الشعبي في العالم العربي (من عصر النّهضة إلى الربيع العربي)". (في طبعة أولى 2016).

الكتاب من تأليف الكاتب اللبناني أديب نعمة، بمساهمة مِن (المدير التنفيذي “لشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية”) زياد عبد الصّمد، ومالك الصّغيري، ومحمد مرسال وهذا الكتاب هو نتاج تطور فكري، بنى مؤلفه تجربته الغنية، من خلال انخراطه العملي في المجتمع المدني، وفي المستويات الدولية والإقليمية والمحلية كافة. وهو يعبّر فيه عن مشاهدات لمحطات وأحداث سبقت الربيع العربي، فمهّدت له وربما صنعته، في محاولة لفهم العلاقات البين – عربية على المستوى الشعبي والمجتمعي وكيف أدت إليه. ولعل الأهم في سياق هذا الكتاب وبين سطوره، هو القراءة في التجربة التي ستساهم حكماً في بلورة الاتجاهات التي يفترض أن تسير علهيا هذه العلاقات كأحد الروافد الأساسية لقيام مشروع الدولة الحديثة المنشودة واستكمالها بمشروع التكامل العربي.

وهي التجربة الثانية في هذا الإطار، بعد كتابه “الدولة الغنائمية”، حيث يحاول المؤلف تشريح طبيعة الدولة العربية والعلاقات المعقدة بين مكوناتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ويذهب في عوامل انطلاق الربيع العربي ومن ثم في أسباب تعثره. وهو إذن، وتماماً كما أرادت شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية من الكتاب الأول أن يكون، مساهمة في نقاش تأمل من خلال نشره، في أن يحتل مكانه على جدول أعمال المؤسسات المدنية والناشطين في البحث والعمل، من أجل مستقبل أفضل للمنطقة ولدولها وشعوبها.

إقرأ أيضاً: «الأربعون ظلاًّ»… فلسفة شِعر إيهاب حمادة

وخلاصة ما بيّنه هذا النص (الكتاب) يمكن اختزاله في نقطتين:

النقطة الأولى، إن قاعدة التضامن الشعبي العربي حقيقية وواسعة، وهي تتجاوز الحزبيات والإيديولوجيات وإن تأثرت بها. وإن هذا التضامن الشعبي كان أحياناً ملحقاً بالقرار السياسي للتيارات السياسية وأحياناً يتحرر منه ويتجاوزه. وهذا التضامن يشكل رصيداً بالغ الأهمية في بناء أي مشروع للتكامل الحضاري بين شعوب البلدان العربية في المستقبل، الأمر الذي اكتسب أبعاداً جديدة بعد الربيع العربي.

النقطة الثانية: هي أن هذا التضامن العربي أصيب بعدوى الأمراض الهيكلية لمجتمعاتنا، وأنه استنسخ الاستقطاب السياسية والحزبية أحياناً كثيرة، وانطبع بالثقافة السائدة أحياناً أكثر. ومقاربة الحقوق والمكون الحقوقي والديمقراطي والليبرالي ضعيف الحضور نسبياً في التضامن الشعبي العربي، وهذا من نقاط ضعفه الأكثر أهمية التي سوف تعيق التكامل الحضاري بين شعوب البلدان العربية ما لم يجر الاعتراف بوجود هذا النقص، وفهمه، واقتراح الوسائل المناسبة لتجاوزه.

إقرأ أيضاً: هل نجح «كمال داوود» في«معارضة الغريب»؟

أما ما يجري في الموجة الثانية من ردود الفعل على الربيع العربي، ولا سيما تطورات عامي 2014 و215، سواء لجهة التوسع الكبير في الحروب التدميرية للمجتمع في سوريا والعراق وليبيا واليمن، بما في ذلك الصعود السريع (والانهيار السريع المتوقع) لتنظيم داعش – بصفته مثالاً متطرفاً عن حالة التفكك؛ أو عودة الحكم العسكري لمواجهة التطرف والفوضى، أو تراجع الدعوة إلى إسقاط الأنظمة للسبب نفسه، أو التجارب الخجولة للتحول السياسي وتغيير الدساتير والمؤسسات نحو المزيد من الديمقراطية بشكل سلمي… الخ، كل ذلك يشكل بيئة خاصة تتطلب بحثاً إضافياً في معنى التضامن الشعبي في هذه الحالات، وأشكاله، وأهدافه، مكملاً لما يتضمنه هذا النص الذي يغطي مراحل سابقة من تاريخ المنطقة الحديث، ويتوقف عند ما أظهره الربيع العربي في موجته الشعبي الأصلية من احتمالات جديدة، سواء بداياتها التي تحققت منها، أو ما تعثر، أو ما بقي كامناً يتحفز للتحقق.

السابق
أدوية جنيسة وعمليات وهميّة لاقتسام الجبنة..صحّة الوزارة للتجارة
التالي
رشا الخطيب بعد الانفجار: بهايم.. ويمنى فواز تعلق