استقالة رياض سلامة؟

في ظل الانتخابات البلدية وتطوراتها، لم يتسن للناس والرأي العام التركيز على موضوع العقوبات الأميركية على “حزب الله” وعلى خبر تهديد الحزب لبعض المصارف، وعلى خبر تم تداوله على لسان بعض الاعلاميين والوزراء، وهو استقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
أولاً: موضوع الاستقالة غير مطروح، ومرفوض أصلاً لأن الجميع يشهدون على أهمية الدور الذي يضطلع به رياض سلامة في استقرار لبنان المالي واقتصاده. وسواء كان ما تردد عن الاستقالة صحيحاً أو غير صحيح، فهذا ليس موضوعاً يطرح بهذه الطريقة، ولا مصلحة لأحد في تداوله.
ثانياً: أن يهدد الحزب بعض المصارف لأنها تطبق القوانين المفروضة دولياً، فهو أمر خطير، لانه حتى لو كانت ردة فعل “حزب الله” دفاعية فهي ايضاً تهدد سلامة الاستقرار الاقتصادي. ولا نعتقد ان لـ”حزب الله”، كما لجميع الاطراف وجميع اللبنانيين أي مصلحة في مسّ الاستقرار الاقتصادي والمصرفي الذي يشكل الركيزة الأولى للبنان وأبنائه. كما لا نظن ان وسائل معالجة الامور متعذرة، ويمكن الوصول الى مسالك للحل.

اقرا ايضًا: هذا ما طلبه حزب الله من رياض سلامة
ثالثاً: عندما أصدرت الولايات المتحدة في كانون الاول الماضي قانوناً لفرض أشد العقوبات الأميركية على “حزب الله” أو كل مؤسسة مالية تمثله، لم نر جدية من لبنان الرسمي لاستيعاب هذا الملف ومعالجته بالوسائل الناجعة، ولم نعلم بطريقة واضحة ما سيكون عليه مصير المصارف اللبنانية والأشخاص القريبين من الحزب، وما هي تداعيات هذا القانون وكيف سيطبق وبأي شكل، ومن كانون الاول الى اليوم لم نعرف ماذا حصل؟
وأصدرت كتلة “الوفاء للمقاومة” بياناً تبشر فيه بالانهيار المالي، ولم نشعر بجدية التعامل مع ملف بهذه الدقة والخطورة إلا حين فوجئ اللبنانيون بهذه المواجهة التي ما كان ينبغي ان تبلغ هذا المستوى من التخويف العلني. ولا نرى ضرورة للتذكير بأن طريقة التعامل مع ملفات مالية ومصرفية حساسة يجب ان تكون بغير الطرق التي يجري التعامل بها مع أمور سياسية تغلب عليها المزايدات.
رابعاً: السؤال المطروح هو عن جدية تهديد “حزب الله” لبعض المصارف اللبنانية التي تجاوبت مع القانون الى أقصى الحدود، فأغلقت حسابات كثيرة لأشخاص قريبين وليسوا مرتبطين مباشرة بالحزب. والأكيد أن المصارف اللبنانية ستطبق القرارات الدولية والاميركيةً لأنها ملزمة ذلك، لكن الأهم أن تدرس كل هذه الخطوات والمعطيات من الحكومة اللبنانية. لقد اتخذت الحكومة قبل أسبوعين قراراً بمعالجة الأمر. وعقدت لقاءات عدة لاحقاً بين مسؤولين مصرفيين و”حزب الله” ووزير المال وكل المعنيين. واذا كان واضحاً ان لا خيار للبنان الا التزام القانون الاميركي، فلا مهرب من معالجة وطنية ومنطقية وحازمة للامر بأقل الأكلاف.

(النهار)

السابق
إيران تجعل من لبنان «ضفة غربية»!
التالي
عن جبلة وطرطوس