فابياني يؤرّخ: «فرنسا وفلاسفتها في مئة عام»

عن "دار الفارابي" في بيروت، صدر للباحث الفرنسي جان لويس فابياني كتابه الجديد، والذي هو بعنوان: "فرنسا وفلاسفتها في مئة عام (المفاهيم وحياتها الاجتماعيّة)"، (في طبعة أولى 2015). وترجم هذا الكتاب إلى العربيّة، وجيه البعيني، وراجعه غازي برو. ويتألف هذا الكتاب، من مقدِّمة، وثلاثة أقسام تشتمل على تسعة فصول، تليها خلاصة.

ويحلّل الكاتب موضوعه بمقاربات متتالية: فعمد في الفصول الثلاثة الأولى، إلى عرض أوضاع يتاح الإنتاج الفلسفي في إطارها (صف الفلسفة، مجال المسيرة المهنية والمفاهيم، ديناميّة الظروف والنّزاعات).

اقرأ أيضاً: أحمد بزُّون… وملحميّةُ الاحتفاء بالجسَد الأُنثويّ…

وفي الفصول الثلاثة اللاحقة، قام الكاتب بتحليل البُعد “الفرنسي” النوعي للإنتاج الفلسفي، عبر تأكيد عقلانية من نمط خاص، واستمرار فلسفة التجربة الذاتية، وبناء الكونيّ انطلاقاً من مستورداتٍ فكريّة وترحيلات ثقافية. وحدَّد الكاتب في الفصول الثلاثة الأخيرة أشكال التمفصل النوعي التي تربط الفلسفة بمجالات فكرية أخرى وتعيد تشكيلها جزئياً، والدِّين والعِلم والفن.كتاب

فــ”هذا الكتاب يقدم بحيوية غير عادية وجريئة قراءة متاحة للجميع، في الحياة الفكرية الفرنسية عبر أبرز ممثليها وصناع تميّزها ألا وهم فلاسفتها. من أين يستمدون هؤلاء هذا المقام الاجتماعي الذي تميّزت به فرنسا بتخصيصه لهم؟

ما يقدمه جان لويس فابياني في كتابه هي إجابة عن هذا السؤال يستحضر فيها بدايات تكوّن هذا الدور فيعرض علينا المفاهيم والأنساق التي انبنى عليها، وكذلك الحياة الاجتماعية للأفكار منذ بدايات الجمهورية الثالثة وحتى نهاية القرن المنصرم. ويتتبع فابياني أيضاً التغييرات التي شهدها هذا الاختصاص في الخطاب والممارسات طوال قرن من الزمن، طارحاً على نفسه – بصفته عالم اجتماع متخصصاً في الحياة الاجتماعية للمعارف والأفكار – السؤال التالي: هل أنه بالإمكان مقاربة الفلسفة بأدوات علم الاجتماع؟ وكيف يمكن مقاربتها شأنها شأن أي نشاط اجتماعي أو ثقافي؟

اقرأ أيضاً: حسن داوود 1/2: الماضي هو الذي دفعني إلى الكتابة

في خلفية السؤال أن الفلاسفة كانوا منذ فترة طويلة يرفضون محاولات المؤرخين وعلماء الاجتماع توسيع نطاق الاستجواب. الأمور مختلفة اليوم ويمكن أن نقترح طريقة أخرى لكتابة تاريخ الفلسفة، تحفظ الاحترام للمفاهيم وتحرص في الوقت ذاته على الكشف عن حياتها الاجتماعية من خلال أساليب وجود كتب الفلسفة، والأجهزة المؤسسية التي تثبت هذا الاختصاص في العالم الاجتماعي، كما تحرص على تبيان انخراط الفلاسفة في منازعات عصرهم. والقصد من ذلك الأمر هو التفكير في وحدة الممارسة الثقافية على مرّ الزمن. وفسح المجال في الوقت عينه أمام تظهير ما ينشأ من تجديد ومن انقطاعات أيضاً طوال المسار.

السابق
ريما فقيه تعتنق المسيحية وتتزوج في بكركي في حفل مهيب
التالي
ما هي الاضافات الجديدة لـ«فيسبوك» التي تنتهك الخصوصية؟