طريق القدس تمرّ في مشفى حلب أيضًا!‏

حلب تموت، كما مضايا، كما الغوطة وإدلب، كما القصير ودرعا، كما سوريا "الأم" المغتصبة المنتهكة المرمية بين أنياب وحوش البشر وكفرة الإنسانية..

في سوريا، تُختبر الإنسانية ويُسأل الإنسان (العربي)، إن كان إنسانًا؟
لبنان “الشقيق”، يبصر توأمته تحتضر، يبصر دماء اهلها أرضًا، جثث الأطفال لوحات معلّقة تخنق الشعب تسمم الضمير، تلك العجوز تنظر إلينا بهدوء لا انفعال قد ماتت ليس روحًا ماتت بـ حلب.
ذلك العجوز الجالس على حطام بيته ويبحث تحت الحجارة عن جثث أطفاله، “جثث”، يعلم أنّهم أموات ولكنه يبكي جسدًا باردًا خاف عليه من الرماد.
أما الطفل، “مشروع الشهيد” يبكي أخيه الطفل الشهيد، لربما قد همس له “انتظرني، فجميعنا سوف نموت، جميعنا شهداء حلب”.

تلك الرضيعة، لم يغتالها النظام، المبنى المتهالك عانقها أبعد عنها شظايا الموت، لتحيا، في وطن ميت، في عائلة نصفها ميت، في رائحة الدم وطعم الدم ونزف الدم.

إقرأ أيضًا: لأجل حلب.. الناشطون يصرخون #اقتلوا_الاسد
مشاهد، حضرت لبنانيًا سابقا، قليل منها تجرأ الإعلام على كشفه، والكثير تداولته مواقع التواصل الاجتماعي، أشرطة مصورة، صور بالدماء، بقايا أجساد، هذا المخاض الدموي لم يستقبل في الانقسام اللبناني إنسانيًا وإنّما طائفيًا ومذهبيًا وعنصريًا.

الوجع المتجسد بـ”حلب” لم يوقظ ضمير الممانعة، لم يؤلم سلاح المقاومة، لم يحوّل بوصلة السيد حسن نصرالله نحو فلسطين الحقيقية، ولم يستعد طريق القدس المباع.
مستشفى القدس من وجدوه فقصفوه ودمروه، أصبح الدم أكثر من المستطاع وصمتت المساجد بأوّل جمعة لم تنعم حلب بالصلاة، ولم تمتلك حق الدعاء.

حلب تحترق
حلب تحترق

في نزيف حلب، الشريك الآخر بالوطن يبقى حيث هو شاهد زور، صامتًا عن الانتهاكات مبررًا بالإرهاب، وأنّ المعركة “حق”، وبشار لا بد أن يظل فوق جثامين الشعب رئيسًا شرعيًا للبلاد، إعلام هذا الشريك تحوّل بدوره لبوق عربدة يقلب الموازين يتاجر بالأطفال يشوّه صورة الجريمة، ويُسمع بين الفاصل والفاصل وعبر الصفحات وحيث الممانعة بأسدها أولاً وثانيًا وأخيراً “لبيك سيد من القصير لمضايا لحلب”.

إقرأ أيضًا: الطوفان القادم وقيامة حلب
حلب، كرست الانقسام اللبناني شطرته لنصفين متباعدين، القضية لم تعد ممانع وموال للثورة، ولم يعد يهم بقاء بشار أو إسقاطه، ولم تعد حرب حزب الله مهمة في سوريا أو الإنسحاب منها، القضية “إنسان”، ومقاومة، وأخلاق..

القضية هي الهوية، العروبة وإن كنّا فعلاً نحن حاملين راية الله وإن كنا حقًّا صورته على الأرض.

فمن يراقب حلب بصمت بقبول ببحث عن مبررات بإدانات للشهداء، لا يشبه الإنسان الذي يفترض ان يشبهنا، ولا ينتمي إلى الله “الكلّي” الذي يجمعنا.

السابق
الإعلامية السورية مجددًا: شذوذٌ أم إدمان الجريمة؟
التالي
نديم قطيش لم يخطئ.. يا ليت اسرائيل في حلب