محادثات جنيف: بين البِقجة والبَقجة والزبدة ضاع المترجمون والصحافيون

خلال المؤتمرات الصحفية فوجئَ مترجمو الأمم المتحدة ،وهم عدة لبنانيات وسورية ومصري، بكلمات تصعُب ترجمتها:
إنتقد بشار الجعفري رئيس وفد النظام مثلاً تعليق وفد المعارضة الرئيسي مشاركته في المحادثات فاستخدم مصطلحاً باللهجة العامية أعْجَزَ المترجمة، إذ قال:
“من يحرد فليأخذ بقجته ويمشي (البقجة هي صُرّة الثياب أو الأمتعة)، وعندما لاحظ إرتباك المترجمة قال لها: بقجة يعني bundle بالإنكليزية، ضحِكَ صحافيو إعلام النظام وتمتمَ صحافيو إعلامِ المعارضة بكلام إستنكاري.

إقرأ أيضًا: جنيف… مازال الطريق طويلاً

لاحظ دي مستورا أنه أطال الشرح حول نقطة معينة وأن عليه الإختصار فقال: لننتقل إذن إلى الbottom line ، متوجهاً للمترجمة اللبنانية: كيف ستترجمين ذلك؟ فقالت ضاحكةً :
الbottom line يعني “الزبدة”( والزبدة هنا تعبير مجازي يعني الخلاصة أو الإستنتاج). ضحك الصحافيون المشارقة، من لبنان وسوريا وفلسطين، أما المغاربة وهم قلّة، من المغرب والجزائر وتونس، فطلبوا النجدة وقال أحدهم: بين البِقجة والزبدة
نحتاج إلى ترجمة المُتَرجَم.

إرتكبت إحدى المترجمات خطأً أثار دهشة الجميع، إذ إنتظرت نهاية جملة قالها دي مستورا كي تترجمها إلى العربية وبدل أن تفعل ذلك قرأَتْ على الصحافيين بالإنكليزية الجملة نفسها التي قالها المبعوث الأممي وباللغة التي قالها فيها، فكان دي مستورا أول الضاحكين فارتبكت المترجمة(المقتدرة جداً في العادة) وتلعثمَتْ بعد ذلك مراراً قبل أن تحِلَّ محلّها زميلة لها لترجمة ما تبقى من المؤتمر الصحفي.

إقرأ أيضًا: جنيف: مفاوضات على أشلاء السوريين

لم يكن المبعوث الأممي نفسُه بمنأى عن الهفوات فراحَ يتحدث للصحفيين ونسيَ أن عليه أن يتوقف قليلاً ليُتيح الوقت للترجمة، راحَتْ المترجمة تنظر إليه باستغراب للَفْتِ انتباهه دون أن تقاطعه أمام الكاميرات، وعندما إنتبه إلى عينيها الجاحظتين نَزَلَ من على المنصة ليعتذر منها وقبّلها على جبينها ، وطالَتْ ال”بَقجة”(كلمة عامية تعني بالفصحى القُبلة)، وهكذا يكون ذلك النهار قد بدأ ب”بِقجة” المعارضة لينتهي ب”بَقجة” دي مستورا

في طريق عودتي بالقطار من جنيف إلى باريس، طلبَتْ مني شرطية فرنسية إبراز تذكرة القطار وعلى غير عادة طلبت بطاقة هويتي، فأبرزتُهما. طلبَتْ الشيء نفسه من سيدة عربية محجبة كانت تجلس إلى جانبي فأبرزَت السيدة وثائقها لكنها بقيت تراقب الشرطية لتتأكد من أن الأمر لم يكن تمييزاً ضدنا، وعندما تأكدَتْ أن طلب الهوية يسري على جميع الركاب من ضمن إجراءات أمنية جديدة في القطارات إرتاحت وجلسَتْ في مكانها ، فقلتُ في نفسي:”تجنَّبَ القطار حادث تصادُم…. بين الحضارات”.

وإلى حلقة مشاهدات مقبلة

السابق
بالأسماء والعناوين: شركات وافراد «حزب الله» الذين ستشملهم العقوبات المالية
التالي
كاغ للمشنوق: الثامن من أيار موعد للحياة اليمقراطية