ليست الرصاصة الطائشة من قتلت «بيتي»

"بيتينا رعيدي"، كيف رحلت وما هي ثقافة الموت التي سرقتها...

لماذا لم تسمحوا لـ “بيتي” أن تحيا أكثر، لماذا لا تقتلوا الأشرار، ولماذا رصاصكم لا يصيب إلا الأبرياء، أسئلة نكررها عند كل ضحية، ولكن الموت واحد والرصاصة واحدة، وما بين بيتي وزهراء سلاح في يد الأغبياء، ودولة يحكمها السفهاء.

إقرأ ايضًا: ثلاثون طلقة… وطلقة!

ولكن لأكون منطقية وأكثر موضوعية من لغة العواطف ولغة الإنشاء، إذ ليست الرصاصة الطائشة وحدها من قتلت طفلة قدموس، وإنّما عائلتها، بأمّها وأبيها، فمدللتهما لا تحيا لا في برلين ولا في واشنطن ولا في دبي ولا جدّة، إنّها في لبنان…
لبنان بلد الرصاص والقتل، بلد الإحتفال بإحراق السماء، بلد جرّ الموت مع الموت، بلد القبر الذي حينما يفتح يصعب إغلاقه.

بيتينا رعيدي
الطفلة بيتينا رعيدي

عائلة “بيتي” أخطأت إذ لم تخفِ الطفلة عن سماء الرصاص، لم تبعدها عن شعب لا يفهم إلا أبجدية القتل العمياء، فـ”بيتي” أظنّها قد سمعت الأصوات ولربما حسبتها ببراءة ابنة الثماني سنوات ألعابًا نارية، ولربما أيضًا هرولت لتبصر تمازج الأضواء، وأرادت أن تنده لوالدتها “يا ماما تعي شوفي معي” فسقطت هي.
“بيتي” ضحيتنا، ضحية وطن لا يحاسب وقوانين لا قيمة لها أكثر من الحبر والورق، “بيتي” ضحية مجتمع صوته سلاح، ورجولة تقدّر بالرصاصة، وموت لا شرعية له، فحتى “الله” لم يرد ان تخطف الطفلة من جنتها اليومَ.

فالله، لا يشرّع موت الغدر، ولا سرقة الطفولة، كما لا يشرع رصاصة تصوّب إليه، ولكنّه عاقبنا أجل عاقبنا بـ”بيتي”، قال لأولئك الذي شرّعوا لأنفسهم حقّ الإنتقام بالرصاص في كل تشييع “انظروا ما صنعتهم”، قال لهم، رصاصكم لم يخدشني، وإنّما سرق الطفولة لتتحوّل لجثة باردة أمامكم.

إقرأ ايضًا: هكذا نجا الشيخ رميتي من رصاص ابتهاج نصرالله!

“بيتي”، اليوم ترقد في سلام، وتحرسها أجنحة الملائكة، “بيتي” تلقفها الله وهي شهيدته وهي ارتفعت اليوم إليه عروسًا لفردوس أجمل من لبنان ،أجمل من جبيل الحزينة بكل جوائزها ولكن هناك من سيشتاق لـ”بيتي”، وهناك قبران ما بين الهرمل وجبيل “زهراء” والطفلة، كلاهما من سيأثر لموتهما، ومن سيدفع الثمن؟

السابق
حزب الله يزرع المخدرات والقاعدة تهرب
التالي
اتهامات…أعجز من المسّ بسمعة أشرف ريفي