ما هو الذي لم يُعلن من زيارة بان إلى لبنان

كالعادة التي اصبحت معروفة لكل المراقبين والمتابعين , أنه كل ما جاء مسؤول دولي رفيع المستوى لبنان , يلتقي بالمسؤولين ,  ومن ثم يخرج المجتمون ليصرّحوا بكلام لم يُناقش في الداخل ,وتكون تصريحاتهم ديبلوماسية بامتياز , لا يُفهم منها واقع الحال ومن شانها أن تصرف ذهن المستمع عن الحقيقة التي دارت النقاش حولها ,

فما صُرّح به أمس من كافة المسؤولين ومن الزائر نفسه , لم تكن هي الهدف الاساسي للزيارة , حيث أن موضوع التوطين السوري في لبنان هو ضرب من الخيال لن يحصل ابدا , ولا خوف من أن يحصل , بحكم الواقع الجغرافي السياسي بين لبنان وسوريا , وعدم وجود اي مؤشر عنصري بين الداخل والخارج  , وبين المكونات السورية , وهذه الهجرة الآنية هي هجرة طبيعية في حالة الحروب والنزاعات , بالإضافة الى  وطبيعة وشكل السلطة التي ستتركب في سوريا المستقبل , والتي ستكون من نفس النسيج الثقافي السوري مهما كان شكلها , ولا تصح المقارنة بين سوريا وفلسطين , وبالتالي بين المهاجر الفلسطيني وبين المهاجر السوري , لأن كل شيء مختلف بينهما من حيث أسباب الهجرة أولا , ومن حيث ماهية الحكم والسلطة الاسرائيلية في فلسطين , فثمة إشكاليات معقدة على الساحة الفلسطينية , تتمثل , بالدين والثقافة والعادات والتقاليد وبكل جوانب الحياة الفكرية التي تمنع من العيش المشترك بين ثقافتين متناقضتين .

أما على مستوى الدعم المالي الدولي للبنان , كما قيل فهذا ليس جديدا ودائما كان الدعم المالي والعسكري والسياسي للبنان مشروطا , لأنه من المؤكد أن المجتمع الدولي ليس جمعية خيرية , وعلى مستوى رئاسة الجمهورية فكان واضح الكلام من الزائر أنه تمنى من اللبنانيين إنتخاب رئيس , وهو يعلم أن موضوع الرئاسة ليس لبنانيا , إلا من حيث جنسية الرئيس , وهذا يعني أنه ليس من صلب الزيارة .

أما الذي لم يُصرح به وهو صلب الزيارة ومن أهم أهدافها , ولعله الهدف الوحيد , حسب ما أكدت مصادر دبلوماسية رفيعة لـ”العربي الجديد”، أنه من ضمن الملفات التي يطرحها بان كي مون في بيروت، موضوع رئيسي متعلّق بالثروة النفطية المشتركة بين لبنان وإسرائيل في البحر المتوسط. وتضيف هذه المصادر أنه سيتم التطرّق إلى هذا الملف على هامش الحديث عن تطبيق القرار 1701، الذي أنهى العدوان الإسرائيلي في يوليو/ تموز 2006 على اعتبار أنّ إقدام الأخيرة على استقدام الغاز من الجيوب النفطية المشتركة مع لبنان قد تكون مادة لخلق توتّر إضافي بين البلدين، هذا هو الذي لم يُعلن من الزيارة وهدفها , أمن إسرائيل , وإقتصادها , ومصلحتها فقط لا غير , لا لبنان ولا التوطين السوري ولا رئاسة الجمهورية , ولا مصلحة لبنان ابدا , والغريب أيضا هو أن المجتمع الدولي يتعامل مع المسؤولين اللبنانيين كأولاد , يُملي عليهم ما يجب أن يفعلوه

(لبنان الجديد)

السابق
شعبٌ لا يوّحده إلا الشتائم… فإشتمي يا «أحلام» !
التالي
العالم يلفه الحزن على ضحايا الهجمات الإرهابية في بروكسل