هل نكره المقاومة؟

سؤال قد يبدو "لا منطقي" أو ربما "على حد من البساطة والغباء"، ولكن في ظلّ كل التباعد بين المحور اللبناني - السني خاصة، ومحور حزب الله، كان لا بد من طرحه...

هل نكره السيد حسن نصر الله؟ أو لأكون أكثر دقة… هل يكره شعب طرابلس السيد حسن!
قبل أن أجيب اسمحوا لي أن أسرد بعد التفاصيل التي عايشتها كإبنة “طرابلس”.
ففي سنوات الدراسة الأولى لم أكن أعلم أني “سنية” وأنّ السيد حسن نصر الله “شيعي”، لم أكن أدرك أنّ المقاومة هي لحزب وليست لوطن..
في هذه السنوات كان 25 أيار عيدنا الوطني، ومع أني كنت في مدرسة اسلامية سنية، إلا أنّ الإشارة الصفراء والاحتفالات في هذا العيد كانت تقليداً.
لم أسأل يوماً والدي (طيلة هذه المرحلة) لماذا لديه أناشيد للمقاومة الإسلامية، وإنّما كان من المألوف أن ننشد للمقاومة، وأن نحب السيد حسن، وأن نتابع جميع خطاباته كزعيم لبناني، لم أسأله عن سبب عشقي لأغنية جوليا بطرس “غابت شمس الحق” ولماذا حينما تردد “هو قلنا يا جنوب يا حبيبتنا يا جنوب” أشعر كأني ابنة تلك التربة واشعر بأقصى معاني الإنتماء.
كان ولاء بيتي لخط المقاومة أكثر بمراحل من الإهتمام بالحريرية السياسية، فأنا لم أتدرج من بيت سياسي أو يأبه بهذه المنزلقات، وإنّما من بيت عسكري وطني يعشق كل من هو يقاوم ومقاوم.

في العام 2005، استشهد الحريري، كنّا على يقين في البيئة الطرابلسية أنّ الوصاية وراء الإغتيال ورفضنا كل اتهام سيق في حينها لحزب الله، ولكن تفاجأنا حينما قرر الحزب المقاوم الرافض لكل الاحتلال أن يصطف مع الوصي المحتل ضد الشعب اللبناني، هذا الموقف سبب جرحاً عميقاً لأهل طرابلس، فمجازر جيش النظام في هذه المدينة ما زالت دماؤها على الأبنية وعلى الثياب، وإن تخطينا الحرب الأهلية لن يتخطى أهل الشمال بيوم ما صنعه بهم أزلام النظام السوري.
ذلك الموقف جعلنا نعيد النظر بمفهوم المقاومة، إلا أنّ إعادة النظر لم تفقد المقاومة شرعيتها و لم نغلق أبوابنا في حرب تموز، ولم نترك أهلنا في الجنوب، كنا نسمع الشتائم، كان البعض (وأشدد على البعض) يتعمدون شتم الصحابة على مسامعنا، وكتابة العبارات المسيئة على الجدران، ولكن لم نكن نبالي، هم أهلنا والاحتلال يقصف الجنوب ونحن مع المقاومة.

في العام 2008، وصف سيد المقاومة (سابقاً) 7 ايار باليوم المجيد، هذا اليوم الذي أعطى به الغطاء والمباركة للقمصان السود لإجتياح بيروت وبيوتها والإعتداء على أهلها!
البيوت نفسها التي احتضنت شعبه، بل احتضنت أهلها بالجنوب؟!
في 7 أيار تساءلنا “هل يرانا السيد أعداء”، وهل أصبحت قرارات لبنان اسرائيلية، هل أصبحت المقاومة ضد اللبنانيين في الداخل.

7 ايار
في العام 2011 بدأت الثورة السورية، نحن الشماليون أيدناها قلباً وقالباً، وكيف لا ونحن أكثر من أدركنا أيّ نظام لا أخلاقي هو، أيّ نظام فاشي وطاغي، غير أنّ ما جعلنا نعيد كل الحسابات هو “حزب الله” هو موقف سيد المقاومة ضد الشعب ومن ثم انخراطه لقتاله ومؤازرة من يقتل الأطفال بالبراميل، هذه الثورة التي ما زالت مستمرة حتى اللحظة، يصنفها الحزب المقاوم على إنّها إرهاب.
سيد حسن، هي إرهاب؟؟؟ إذاً هي إرهاب الحق؟

إقرأ أيضاً: لماذا عقوبات «التنابل» مؤذية لحزب الله؟
يخجلني التفكير أو حتى المقاربة أنّ من قطف ثمرة المقاومة في عام 2000 هو من جوّع مضايا وشعبها وأطفالها عام 2016.
ولكن هذا جعلني، بل جعلنا جميعاً، ندرك حقيقة واحدة، أنّ المقاومة ليست حزب ولا طائفة ولا مذهب، المقاومة خط، هذه المقاومة وجدت قبل حزب الله مع كل ثائر ومع “جمول”، هذه المقاومة التي انخرط بها حزب الله وآمن قضيتها، وكم أحببناه وأحببنا سيده “قاهر آل صهيون”.
إننا ندرك اليوم، أنّ ما تبقى من مقاومة الحزب هو شعارات يتواطأ بها لقمع الثورات ولتمرير استراتيجيات ولتحقيق ايديولجيا مرتهنة، إننا ندرك أنّ حزب الله أصبح حزب بشار، وأنّ من قاتل الاسرائيلي لم يعد يأبه إلا بمحاربة الطفل السوري الذي يريد حريته.

ما أشبه سوريا اليوم بفلسطين، وأخجل أن أقارب بين الحزب وبين عدوه الاسرائيلي، ولكن كلاهما في الحربين، جهات محتلة!

إقرأ أيضاً: نصرالله يقلب الطاولة: اليمن قبلتنا
ببساطة، نحن (كنا) نحب نصر الله، نصر الله المقاوم المناضل صاحب القضية، (كنا) نحبه حينما كان يرفض الظلم والطغيان والاحتلال، وحينما تعلمنا منه أنّ المقاومة هي الوقوف مع الظلم ضد الظالم، ولكن عذراً، نحن لم نكن نحب اسماً بلا قضية، القضية هي التي أججت عشقنا للسيد.
هي القضية التي تخلى عنها اليوم امين عام حزب الله ونصر من يظلمون العباد، ونصر قتلة الأطفال.
نصر الله اليوم بأعين طرابلسية لم يعد مقاوماً، وإنّما محتل لسوريا وشريك لقاتل، ولأننا لا نقدس الأشخاص ولأننا لا نقدس الرموز وإنّما صنائعها، لم نعد نقدس سيادته!

الثورات يا سيد نصر الله لا تختلف، أما أنت فناقضت قضاياك، أحببنا قضيتك الوطنية أما في هذه المرحلة فنكره رائحة الدماء التي باتت تفوح من عباءتك.

السابق
أردوغان يدعو لإيواء النازحين الفارّين من قصف نظام الأسد
التالي
صحيفة إيرانية تهاجم «الحريري »: السعودية كالأسد الذي لن يجدي زئيره إيران