هذه هي أسرار الانتفاضة السعودية تجاه لبنان؟

لبنان الملك سليمان
ما هو سرّ قلب الطاولة السعودية بوجه لبنان؟ وهل هي عصا ترفع بوجه المعارضة الخليجية؟ أم ان لمحاولات السيطرة الايرانية واتفاقها النووي علاقة؟ لا أجوبة حتى اليوم خاصة ان الحرب الإعلاميّة المتبادلة قد بدأت لكن بعيدا عن تهران التي تُدير ظهرها للخليج العربي اعلاميا نتيجة انشغالها بنتائج انتخاباتها الداخلية واتجاهاتها.

بسبب الصراع السعودي- الإيراني في المنطقة العربية تستعر الحرب المذهبية لتشكل الغطاء لكل خلاف او اختلاف قد يؤدي الى المزيد من الانقسام. فالصراع المذهبي كالنار في الهشيم انطلق مع إثارة مسألة سب زوجة النبي أم المؤمنين عائشة- وظهور التيار الشيرازي الاخباري الشيعي في كل من الكويت والبحرين- التي تعود مسألة خلافها مع الإمام عليّ في معركة الجمل- التي وقعت في البصرة عام 36 هـجرية بين جيش أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب والجيش الذي يقوده الصحابيّان طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام، بالإضافة إلى أم المؤمنين عائشة التي قيل أنها ذهبت مع جيش المدينة في هودج من حديد على ظهر جمل، وسُميت المعركة بالجمل نسبة إلى ذلك الجمل.

فهل الأسباب هي نفسها ام أن للأمر علاقة بالصراعات المعاصرة نتيجة اختلاف السياسة الخارجية لكل من ايران بعد الثورة عام 1979 وبين النظام السعودي القائم على أرض الحجاز منذ العام 1932.

الخلاف الإسلامي المذهبيّ نام نومة أهل الكهف طويلا نتيجة الصراع العالميّ والحرب الباردة بين الجبارين أي الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، وان كان قد أخذ هذا شكل الصراع اسماء مختلفة كالإمبريالية ضد الإشتراكية الاممية. حيث كانت الدول العربية منقسمة بين هذين الجبارين.

هذه الإنقسامات لم تمنع من ان يتفق الجباران على شرعنة إسرائيل الكيان الغاصب ودعمه والإعتراف به. ورغم هذا الاعتراف لم يتوّقف العرب عن تغذية خلافاتهم ولم ينتبهوا الى انهم وقود للصراع العالميّ، بعيدا عن أية مصلحة لهم فيه.

وانتقل الصراع من الحرب الباردة بعد انتهائه في موطنه الأصلي، الى الحرب الساخنة جدا وإن سُميت بالحرب الناعمة. واتخذ هذا الصراع أشكالا جديدة أدواتها الدين، ورجال الدين، والصراع السياسيّ انطلاقا من عهد الأئمة والصحابة.

اميركا وروسيا

 

فإيران، المُناهضة للولايات المتحدة، منذ تأسيسها، لم تجد بُدّا من البحث عن حلفاء لها سوى أبنائها الشيعة في الجنوب اللبناني المحتل حيث كان أهل الجنوب يعانون من الإحتلال، فدعمتهم وقوّتهم وحررّت أرضهم عبر تسليحهم، وكان القطاف ان بسطت سُلطتها على الساحة اللبنانية. الا ان السعودية لم تكن تعمل بالمستوى الذي يمكّنها فيه من تقوية حلفائها كونها كانت حليفة للولايات المتحدة التي دعمت ولا تزال اسرائيل. من هنا، اتخذ الصراع السياسي أشكاله المذهبيّة- رغم ان حركتيّ حماس والجهاد وكافة الفصائل الفلسطينية تتبنى المذهب السنيّ غير الوهابي طبعا عقيدة لها.

والإشكالية هنا ان غياب الدعم السعودي عن حركات التحرر الفلسطيني سواء الوطنية او الإسلامية، دفعهم باتجاه إيران التي وجدت في هذا الدعم يدا ممدودة لها داخل فلسطين ايضا. حيث صارت يدها، إقليمية بامتياز، مما دفع عنها التهمة المذهبيّة. ونجحت بنشر شعارات الوحدة هي التي تُبثّ باستمرار كتعليق على العلاقة مع أيّ فصيل غير شيعي في المنطقة.

ورغم كل ذلك، لم تبادر السعودية الى محاولة التعويض عن سحب بساط “السنّة” الفلسطينيين نحوها، بل انها حاربت الإخوان المسلمين بشتى الطرق، الذين هم أساس حركة حماس.

في حين لجأت إيران الى شباك جديد بل منفذ جديد وهو سوريا التي كانت في المحور الإشتراكي السوفياتي أصلا، ونتيجة سقوط الاتحاد السوفياتي عمدت الى افساح المجال للقوى الوطنية المواجهة لإسرائيل للعمل على الأراضي السورية، فالتقت الأهداف المحورية، ان صح التعبير، مع الأهداف الإيرانية التي تفتش عن فتحات وشبابيك لها في المنطقة لتحصّن نظامها الذي قاطعته معظم الدول الأوروبية والأميركية والعربيّة..

المفاوضات الايرانية الميركية
المفاوضات الايرانية الميركية

إذن، كانت المقاومة هي المنفذ والمتنّفس لإيران، فلم تستعمل السلاح المذهبيّ لمواجهة العرب.. لكن اليوم، ومع تحرير الجنوب اللبناني، وحربها على الأرض السورية كداعمة لأهم حليف لها في المنطقة وهو ننظام الأسد، ها هي تخوض الحرب … مما أدى الى انفجار القنبلة المذهبيّة هذه، على الأرض السورية كما اللبنانية التي ظلت حتى آخر لحظة محصنّة بسبب القرار السعوديّ والأميركي بدعم حليفهما خليفة الرئيس الراحل رفيق الحريري الشيخ سعد الحريري وتياره وحلفائهما.

إقرأ أيضاً: حزب الله يهدد موقع «جنوبية» أمنياً: هل بدأت سياسة الإلغاء الشامل؟

لكن ما هو السبب المباشر للإنتفاضة السعودية هذه، وما هو سبب قلب الطاولة على الحليف اللبناني اولا؟ والخصم الشيعي الممثل الشرعي للخصم الإيراني في المنطقة دفعة واحدة؟

هل للأمر أسبابه الداخليّة؟ أم هي الأزمة الإقتصادية السعودية؟ أم هي الإشارة الى أن سيطرة إيران بلغت مداها في المحيط العربي؟ أم هو رفض للإتفاق النووي الإيراني مع الدول الست، متأخرة شهور عن ذلك؟ أم هو نتيجة الصراع على الأرض السورية؟ أم بسبب الانفلاش التركي ودخوله على الخط السوري، الأمر الذي يخفف من السلطة السعودية تدريجيا مقابل عدم قدرة السعودية كدولة على ضمّ مصر الدولة التي كانت تمثّل السنّة المعتدلين الى صفها وبالتالي التأسيس لحلف سنيّ قويّ؟

إقرأ أيضاً:  يا من تقاتلون ما رأيكم بتقسيم سورية؟!

وهل من علاقة أو دور للمعارضة الخليجيّة الشيعية، وهي لا تزال ضعيفة تحتاج الى مسار طويل، رغم ان إعدام الشيخ نمر النمر أوحى بامكانية تحرّك الشارع السعوديّ قريبا؟ اضافة الى سجن كل من الشيخ علي سلمان والشيخ حسن مشيمع وحبيب المقداد وغيرهم من القيادات البحرينية؟

السابق
دول مجلس التعاون الخليجي تقرر اعتبار حزب الله «منظمة ارهابية»
التالي
ما هي الاسباب التي تدفع المرأة للسكوت على خيانتها؟!