شكراً موقع «جنوبية»…

علي الامين
أثناء دخولي إلى محل لبيع الحلويات بادرني صاحبه قائلاً: "معقول بتنزلوا مقال بتهاجموا فيها حزب الله بهل شكل". نعم معقول جداً طالما الدستور اللبناني يكفل لنا حرية الرأي والتعبير.

عندما يكبر مشروع، يصبح مسؤولية وينتشر في الوجدان ويصير الأمل والحياة صيرورة نحياها يومياً ومع كل لحظة، كأم تحمل طفلها بحنو أو كولد ينتزع حقه من جميع الأطفال للإستحواذ على اللعبة المفضلة لديه. «جنوبية» هي المحاولة الأولى لكسر الخوف من ثنايا الخوف والحواجز الإسمنتية السوداء التي تنتشر بين شوارعنا والمجازفة للموت فوق فكرة الإنكسار لا تحتها ولن تكون الأخيرة.

شكراً للصحافي علي الأمين ولموقع جنوبية على خرق جدار الممنوع الممتد إلى ألاف الكيلومترات. شكراً لجنوبية لأنك تجرأتِ على ما لم يتجرأ عليه الآخرون وأطلقت معركة حرية الكلمة من معقل الـ”نعم” لكل أنواع الفوضى والتبعية والتذاكي والتباكي والخنوع والركون.

شكراً وهذا ليس شعاراً يعبر سبيله بين مجموع الشعارات الفاقعة وهو ليس إدعاء بل لأنك تنجزين يومياً مشروع “الصرخة” ودق الأجراس لإحياء مسار ومصير طائفة كانت قد أنجبت سابقاً عشرات الكتاب والمفكرين أما اليوم إكتفت بخلق الزعرنات والـ”بلطجة”.

شكراً علي الأمين لأنك أمسكت بيدنا نحن الشباب وجعلتنا نحاول.. ولو محاولة لخوض معركة إثبات الإعتراض من داخل مأساة القعر والإنحدار وقلة الأخلاق وإزدواجية المفاهيم والمعايير والتخبط في قراءة المستقبل وإستشعار المخاطر. شكراً للرفض ولكلمة “كلا” ولإرادة الإزعاج، وللتصويب على المفياوية والإنتهازية المستخفة ببساطة المواطنين.

شكراً دون “تبييض” ولا جرح “الشهادات” في محيط يعيث به الغالب على المغلوب فساداً وإنتقاماً ويتاجر بقضاياه كـ”بسطة خضرة”.

شكراً، تغرد بعيداً عن الإصطفاف السياسي المزعج السائد في لبنان ولأن المصالح والتلاقي الإقليمي والدولي يبتلع جميع المحاولات للخروج إلى الضوء، فإن وضع الإعتراض الشيعي لا يحتمل إصطفافاً سياسياً بقدر ما يحتمل تثبيت الأماكن بوجه الثنائيات الحزبية والثلاثية القذرة المتمثلة بـ”فقر وفوضى وسمسرة”.

شكراً لمرحلة المراهقة. فالإعتراض ممتاز عندما يبلغ المراهقة. قد يطلق عليه أسماء أخرى غير هذا الإسم، ولكن على الإعتراض أن يعترف بينه وبين نفسه بالحقيقة الكاملة في أنه لم ينضج بعد كخطوة أولى لتحقيق لمعة إستثنائية.

إقرأ أيضاً: «السعودية» تعلن رسمياً وقف المساعدات العسكرية و«إيران» تبادر

ربما الـ”لا” تنشط الآن كجناح مكسور، ولكن في السنوات القادمة في الخمس سنوات القادمة، في العشر سنوات القادمة، سيصنع رفضنا إنقلاباً فكرياً بين الجماعات البشرية التي ستفهم أنه لا يليق بها الفقر ولا العوز ولا الجهل الذي يحول ظهرها إلى ظهر حمار فيركب أشباه الفرسان على أوجاعها.

إقرأ أيضاً: مقربون لجنوبية: هذه هي الاسباب الحقيقية لاستقالة ريفي

لا يليق بنا الحرمان ولا تلك الخطابات الرّنانة ذات الوطيس العالي، دون ذكر همومنا وشجوننا وتَغريبنا عن أرضنا وتزويجنا بالإكراه لكل ما يحبل بمسخ القهر.

السابق
العسيري: حريصون نحن على عروبة لبنان
التالي
حزب الله ينعي «شهيدي واجب جهادي» سقطا في سوريا