لا تجعلونا لقمة سائغة بفم ايران…

العرب وايران
استوقفني تحميل رئيس الحكومة تمام سلام مسؤولية كل ما يجري بعد القرار السعودي بوقف تسليح الجيش وقوى الامن الداخلي، وكأنه هو الامر الناهي في حكومة يعرف القاصي والداني أن كل وزير “يفتح على حسابه”.

يعلم الكلّ في لبنان أن هذه الحكومة تشكلت بعد مخاض عسير نتيجة تسوية خارجية لبسها لبنان “فرحاً” بتوقف مفاعيل الفراغ في سلطته التنفيذية وتم تقاسم الحصص الوزارية بشكل يرضي الجميع، حتى ذهب البعض إلى تسميتها بحكومة “صقور 14 آذار”.

إقرأ أيضاً: عندما يصبح لبنان مستعمرة إيرانية

صقور دون مفاعيل، بالحد الادنى، ومما يعنيني قوله هنا أن هذه التشكيلة الحكومية حازت على رضى الخارج الذي يتحمل هو أيضاً مسؤولية ما يحصل في لبنان، طبخة الحكومة تمت برضى سعودي، التنازل في 7 أيار وصولاً إلى اتفاق الدوحة تم بتوافق سعودي، لا اسعى هنا لذم المملكة، مملكة الخير، التي وقفت مع لبنان في كل ظروفه ولكن تحميل “اللبنانيين” مسوؤلية مواجهة حزب الله بشكل فردي هو لأمر لا يمكن فهمه أو استيعابه.

ما وصل الحزب الى هنا إلا نتيجة سياسات “الدبلوماسية الناعمة” التي اعتمدها الملك عبدالله بن عبدالعزيز (رحمه الله) فيما كانت ايران توسع نفوذها في لبنان واليمن وسوريا والعراق، تخطط وتمد فروعها بالاسلحة والعتاد، وأن لبنان الحالي وصل لهذا الوضع نتيجة سياسات الاسد الاب وضغوطه أثناء الحرب الاهلية وبعدها، وما نجم عن اتفاق الطائف والوصاية السورية كان بسبب السياسات عينها.

انتفض اللبنانيون بعد اغتيال الشهيد رفيق الحريري، طردوا وصاية تحكمت بمفاصل الدولة، بينما كان العرب يراقبون لبنان يئن. ومع ذلك ورغم الاكتساح والمشهدية الايقونة في 14 آذار خسرت هذه القوى كل وجودها بشكل متتالي لانها رضخت وقبلت المساومات بإتفاق عربي وخليجي تحديداً من جهة، وافتقارها هي إلى رؤية واضحة ومقاربة واقعية، أخطأت كما أخطأ العرب مراراً في الاستهانة بالخصوم.

السياسة ليست سوى بناء إما أن تملك فيه القوام والاسس للاستمرار أو أنه سينهار على رأس الجميع، وهو ما حصل فعلاً عندما سمع العرب تباهي ايران باحتلالها 4 عواصم عربية، صدموا أن سياستهم وصلت إلى ههنا، فقرروا خوض المواجهة التي تغيرت بالفعل مع الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي قرر وقف سياسة المهادنة والانتقال لخطة المواجهة التي لمس الجميع بدايتها مع انطلاق عاصفة الحزم في اليمن.
يسعني هنا القول إن اليقظة العربية مطلوبة، ولو أتت متأخرة، ولكن لا يمكن لهذه المواجهة ان تتم بين ليلة وضحاها ولا يمكن اليوم بعد هذا السبات الاستيقاظ لاخبار اللبنانين أنهم باتوا تحت حكم ايراني وان عليهم المواجهة، يواجهون كيف وبماذا وبدعم من؟ أليسوا هم من واجهوا مفاعيل قرارات 5 ايار والتي نجم عنها 7 أيار بصدور عارية وبأسلحة فردية بوجه حزب منظم وماكينة اعلامية قوية ضدهم..

قبل اللبنانيون باتفاق الدوحة على مضض، تحملوا كل ما نجم من اشتباكات وخلافات وصولاً للازمة السورية وتهجير الطفيل وشن حملة على عرسال، سكتوا وهم يرون اخوانهم العرب في اليمن والعراق وسوريا يقتلون نتيجة سياسات عرجاء وصحوة متأخرة، ولكنهم ما كانوا يوماً الا اوفياء للمملكة العربية السعودية، أوفياء لدول الخليج ليس منّة ولكن ايماناً ان عروبة لبنان هي هوية، هي جزء لن نتهاون بأن نساوم عليه لصالح ايران.

إقرأ أيضاً: السيد محمد حسن الامين في ذكرى الثورة في ايران (1): يتذكّر الامام الخميني

اخيراً ان استهداف لبنان الرسمي لا يضر الا اللبنانيين العاديين اولئك الذين لا احد يدعمهم، لأن حزب الله تدعمه دولة تحظى اليوم بلهفة اوروبية وانفتاح اميركي، لديه تمويل خاص ومؤسسات ومدارس وجامعات، لديه كل ما يجعله بمنأى عما يحصل. الضرر الفادح يقع على عاتق لبنان الوطن..على لبنان الذي لا نرضى يوماً بأن يكون خنجر أو شوكة في ظهر الدول العربية ولكن هي عليها أن لا تجعلنا لقمة سائغة بفم ايران…

(نافذة لبنان)

السابق
لأننا عرب… فلنوقع!
التالي
استقالة ريفي ووقف الهبة السعودية: نهاية الحقبتين الحريرية والسعودية؟