ماذا بعد وقف هبة السعودية؟

فوجئ اللبنانيون بقرار السعودية إعادة النظر في علاقاتها مع لبنان ووقف الهبة العسكرية له، والبالغة أربعة مليارات من الدولارات، نظراً "للمواقف اللبنانية التي لا تنسجم مع العلاقات الأخوية بين البلدين". وقد حرّكَ هذا القرار مجدداً المخاوف الرسمية والشعبية من تداعياته على اللبنانيين في الخليج ومصالحهم.

بعد أيام من خطاب الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الذي تهجّم فيه على المملكة العربية السعودية واحتمال تدخلها البرّي في سوريا، وكذلك بعد سياسة لبنان الخارجية وعدم تضامنها مع الرياض في المحافل الدولية وإدانة إيران على خلفية التعدي على البعثات الديبلوماسية السعودية في طهران اتخذت الرياض “قرارات” بعد مراجعة “شاملة” لعلاقاتها مع الجمهورية اللبنانية “منها” إيقاف المساعدات المقرّرة لتسليح الجيش اللبناني وقدرها ثلاثة مليارات دولار “وما تبقّى من مساعدة المملكة المقرّرة بمليار دولار المخصّصة لقوى الأمن الداخلي”. وهي الهبة التي تعد الاكبر في تاريخ تسليحه ومن ثم هبة المليار دولار.

لكن الامر لم يقف عند حدود وقف الهبتين فحسب، بل تجاوزه الى المضمون السياسي للقرار السعودي الذي فنده مصدر مسؤول عبر وكالة الانباء السعودية “واس” الرسمية.  وبرزت طلائع الصدمة في قرار وقف الهبة عاصفة تداعيات راسماً الكثير من المخاوف والتساؤلات القلقة في ظل الاطار الصارم الذي عبرت عنه السعودية مدللة على جدية غير مسبوقة في المضي في نهج جديد من المواجهة مع الاتجاهات التي يتبعها حيالها “حزب الله” والديبلوماسية اللبنانية.

–          الأول يتمثل في اعتقاد ان القرار يشكل صدمة جراحية قاسية ورسالة واضحة بأن ترك لبنان عرضة لهذه السياسات لن يمر من دون أثمان.

–          الثاني يذهب أبعد من الصدمة الأولى الى التخوف من تطوير هذه الاجراءات بما يطاول الدعم المالي للدولة المتمثل بودائع في مصرف لبنان وكذلك موضوع اللبنانيين العاملين في السعودية ودول الخليج.

ولم تقتصر المخاوف على مستقبل الاغتراب اللبناني بل انسحبَت على مصير الاستحقاق الرئاسي في ضوء الحراك الذي نشَط بعد عودة الرئيس الحريري إلى لبنان، وعلى مصير غيره من الاستحقاقات، وكذلك على مصير القرار الإقليمي ـ الدولي بالحفاظ على الاستقرار في لبنان، والذي كانت الهبة السعودية إحدى مرتكزاته الأساسية.

اقرأ أيضًا: هنيئاً لوزير «المقاومة» وقف الهبة السعودية

سلام يؤكد الانتماء العربي

هذا القرار، استدعى وفق “المستقبل” تمنيات لبنانية بإعادة النظر فيه كان أبرزها من رئيس مجلس الوزراء تمام سلام الذي أمِلَ “إعادة النظر بالقرار الخاص بوقف المساعدات عن جيشنا وقواتنا الأمنية”. وأضاف أن لبنان “العربي الهويّة والانتماء حريص أشد الحرص على علاقاته الأخوية مع أشقائه العرب وبخاصة مع السعودية”.

الحريري يعوّل على “الأخ الكبير”

ودعا الرئيس سعد الحريري المملكة لأن تنظر الى ما يعانيه لبنان “بعين الأخ الكبير، ونحن على يقين بأنها لن تتخلّى عن شعب لبنان”، متفهماً قرار وقف المساعدات المقرّرة للجيش والقوى الأمنية الذي تلقّاه اللبنانيون “بمشاعر الأسف والقلق”، باعتباره جاء ردّاً على “قرارات متهوّرة بخروج لبنان على الإجماع العربي وتوظيف السياسة الخارجية للدولة اللبنانية في خدمة محاور إقليمية”.

جنبلاط على “عطف المملكة”

بدوره تمنى رئيس “اللقاء الديمقراطي” النائب وليد جنبلاط عبر “المستقبل” أن تستمرّ المملكة في “عطفها على لبنان الذي احتضنته منذ عشرات السنين، من الحرب الأهلية مروراً بمؤتمرات باريس واحد واثنين وثلاثة وصولاً الى عدوان 2006 وغيرها الكثير من المحطات”.

جعجع يحمل “حزب الله” المسؤولية

إلى ذلك، حمّلَ رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع “حزب الله” المسؤولية عن “خسارة لبنان مليارات الدولارات مِن جرّاء تهجّمِه الدائم على المملكة العربية السعودية”. ودعا الحكومة إلى “الالتئام على الفور واتخاذ التدابير اللازمة إنْ لجهة الطلب رسمياً من حزب الله عدمَ التعرّض للمملكة من الآن فصاعداً، أو لجهة تشكيل وفد رسمي لزيارة السعودية والطلب منها إعادةَ العمل بالمساعدات المجمّدة”.

اقرأ أيضًا: دعوة سعودية لطرد اللبنانيين من المملكة

“حزب الله” يرد بعنف: نفاق سعودي

لكن رد “حزب الله” جاء عنيفاً إذ رأى انه قرار متخذ منذ فترة طويلة بسبب “الأزمة المالية الخانقة داخل السعودية”، مكرراً هجومه على المملكة ومدافعاً أيضاً عن وزارة الخارجية اللبنانية، فيما لم تصدر الوزارة أي رد او تعليق على القرار السعودي:

–          أشار إلى أنّ “العالم بأسره، واللبنانيين خصوصاً والمؤسسات المالية المحلية والعالمية تَعلم علمَ اليقين بأنّ السعودية تعاني من أزمة مالية خانقة بسبب حجم النفقات الضخمة لعدوانها الآثم على اليمن الشقيق وبسبب مؤامرة انخفاض أسعار النفط في السوق العالمي والتي تقف السعودية وراءها، وقد أدّت هذه الأزمة المالية إلى إجراءات تقشّف غير مسبوقة داخل السعودية “.

–          قال إنّ “جوقة الكذِب والنفاق المحلّي التي سرعان ما تنخرط في حملة الاتهامات الباطلة والتزلّف الرخيص لن تؤدي بدورها إلى حجبِ الحقيقة التي يعرفها اللبنانيون، ولن تؤدّي إلى تغيير الموقف السياسي الثابت لـ”حزب الله” من التطورات والأحداث في المنطقة”.

–          اعتبَر أنّ قرار السعودية “يكشف زيفَ ادّعاءاتها في مكافحة الإرهاب”.

 

السابق
دوريات للعدو الاسرائيلي في الجانب المحتل من مزارع شبعا
التالي
النفايات والحائط المسدود