الرئاسة بين «الزوجة» و«العشيقة»

اذا أمكن لأي سياسي في أي مكان في العالم أن يستمع الى خطاب الأمين العام لـ “حزب الله” عن انتخاب رئيس لبناني، واذا استطاع أن يكمله الى نهايته، فبأي نتيجة يخرج: ان حسن نصرالله يقول لميشال عون وسليمان فرنجية: أنت عيني وأنت عيني الثانية؟.. لا، النتيجة هي الآتية: بلد بائس، شعب بائس، زعماء بائسون، لا دستور ولا قوانين ولا مؤسسات، والاستحقاق الرئاسي رهن كلمة من “السيد حسن”، والأكثر بؤساً أنه هو نفسه لا يدرك أن ربط الاستحقاق بشخص حتى لو كان شخصه، أو بحزب حتى لو كان حزبه، أصبح خزياً وعاراً للبلد.

اقرأ أيضاً: «الدولة» في لبنان تنهار.. والحلّ في أيدي العرب

نحو ساعة من الكلام كانت أشبه بثرثرة زوج انكشفت خيانته، ويريد اقناع الزوجة والعشيقة في آن بأنهما ستبقيان معاً حبّه الوحيد، الأول والأخير، ولن يختار بينهما إلا التي تتنازل عن مكانها ومكانتها للأخرى وبكامل الرضا ورحابة الصدر. وبالطبع لم تجد الزوجة أن هذه المعادلة لمصلحتها فلاذت بالصمت، أما العشيقة فاغتبطت لأنه وضعها على مستوى غريمتها فغرّدت: “سيد الكل…”. أخيراً صارت لصاحبة “الخطة ب” أولوية على من كانت دائماً “الخطة أ”.

ميشال عون
ما شأن اللبنانيين، بل ما شأن رئاسة الجمهورية بهذا النقار والنقير داخل عائلة “8 آذار”؟ وما شأن البلد بسباق شخصين الى رضا حزب لديه ترسانة سلاح للقتل والترهيب، وليست لديه قدرة تمثيلية برلمانية على ترئيس أي منهما إلا اذا نال أحدهما تأييد الفريق الخصم، أي “14 آذار”؟ لكن هذا الأخير انقسم للتوّ بانفراط تحالف “القوات” مع “المستقبل”. وإذ يفاخر نصرالله بأن المرشحَين المطروحَين هما من حلفائه، إلا أنه يتجاهل حقيقتين: الأولى، ان كون المرشحين من “8 آذار” يعني أنهما صالحان فقط لخدمة “حزب الله” وحلفائه وليسا صالحين للحكم وإلا لما تأخر انتخاب أي منهما حتى الآن. والثانية، ان نصرالله نفسه تعنّت في حصر الخيار في الجنرال عون فعطّل الانتخاب، والآن يحار في الاختيار بين عون وفرنجية فيزيد التعطيل تعطيلاً، ثم يدّعي العكس.
وما قصة “الديموقراطية الايرانية” هذه التي استفاض نصرالله في شرح عبقريتها، وخلال الاسبوع الماضي سبقه العديد ممن هم في خطّه لامتداحها، ثم ما علاقتها بالشأن اللبناني؟ لا داعي للغوص في التاريخ، فالأخبار الراهنة تقول إن عدد من تُرفض ترشيحاتهم لمجلسي الشورى والخبراء أكبر من عدد الذين يُقبلون، والمعيار سياسي: الاصلاحيون غير مرغوبٍ فيهم إلا اذا تعهّدوا خدمة خط المحافظين، كما يفعل روحاني. ماذا يسمّى هذا في ادارة الانتخابات؟ إنه تلاعب بالنتائج من خلال اجراءات الترشيح، أي أنه تزوير مسبق… فإذا طُبّق لبنانياً لا يكون استبعاد نصرالله أي مرشح آخر غير عون و / أو فرنجية تزويراً فحسب بل اعلاناً للنتيجة من دون تصويت، وبالتالي تكون ايران بدأت تصدير “الديموقراطية” بعدما أنجزت “تصدير الثورة”.

(النهار)

السابق
كريم مروّة (3\3): الأولوية لانتخاب رئيس للجمهورية
التالي
من جنيف «مع أطيب النيات»