روسيا وإيران ستعانيان بسبب انخفاض أسعار النفط…

النفط في ايران وروسيا
استمرار هبوط أسعار النفط في الأسواق العالمية وثبات العرض في الأسواق، يظهر نتائجه السلبية على الاقتصاد الروسي في النصف الأول من العام 2016 والمتوقع لها أن تشهد أزمة اقتصادية حادة هي الأولى منذ تولي بوتين الحكم في موسكو

يشهد بداية عام 2016 توقعات باستمرار انخفاض سعر النفط الذي من المتوقع أن يلامس سعر النفط الخام في الاسواق العالمية ال 25 $ للبرميل الواحد أو حتى أقل من ذلك، وقد بدأت أسعار النفط بالانخفاض بأكثر من 60% منذ منتصف عام 2014 ليصل سعر برميل مزيج “برنت العالمي في شهر كانون الثاني الجاري إلى 31 دولارا للبرميل، لأول مرة منذ شهر شباط عام 2004، وذلك بسبب فائض النفط، وزيادة الإنتاج العالمي من الخام، وضعف الطلب العالمي على النفط.

إقرأ أيضاً: غطاء خامنئي واعتدال روحاني والعقوبات والنفط و«الربيع»

فالمملكة العربية السعودية المتزعمة منظمة «أوبك» بصفتها أكبر دولة من دول المنظمة والعالم انتاجاً للنفط، ترفض خفض إنتاجها من النفط الخام، أو التدخل لإعادة التوازن للسوق الذي يعاني من التخمة.
هذا الهبوط الأكبر لأسعار النفط منذ تسعينيات القرن الماضي يعود لثلاثة أسباب أساسية وهي:

أولاً، انخفاض الطلب، مقابل إغراق السوق وإخراج المنافسين إبان دورة انكماش الاقتصاد العالمي. فالأزمة الإقتصادية التي تعاني منها الصين التي تعتبر أكبر الدول استهلاكًا واستيرادًا للنفط، إضافةً إلى الضعف في اقتصادات أوروبا والدول النامية، أدّت إلى انخفاض الطلب مقابل الثبات في نسبة النتاج وبالتالي العرض.

ثانيًا، ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة، فقد ارتفع إنتاج النفط الصخري الأميركي بمقدار الضعف تقريبا خلال الست سنوات الماضية. وعليه تحولت الاستراتيجية السعودية لمواجهة خطر استغناء الغرب وخاصة واشنطن عن نفط الخليج واستبداله بالنفط الصخري، من أجل إضعاف صناعة النفط الصخري الناشئة، انطلاقًا من كون كلفة استخراجه تفوق كلفة استخراج النفط الخليجي.

إقرأ ايضاً: تدهور سعر النفط يؤلم ايران وروحاني يهدد السعودية والكويت‏

ثالثًا، محاصرة ايران وروسيا اقتصاديًا، اللتان تعتمدان في ميزانيتهما على بيع النفط. مع مؤشر ارتفاع سعر صرف الدولار بالنسبة للعملات الرئيسية تدريجيا منذ بداية عام 2014.

إقرأ أيضاً: انخفاض أسعار النفط سيف ذو حدّين للاقتصاد اللبناني

وانطلاقًا من هذه المؤشرات، ما هي التوقعات الإقتصادية لموسكو في ظل الاستمرار في تراجع سعر نفط، خصوصًا أنّها تعتمد في ميزانيتها على 44% من تصدير الطاقة؟

فقد حذر رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيدف في وقت سابق من هذا الأسبوع من أن انخفاض أسعار النفط قد يجبر بلده على إعادة النظر في ميزانيتها لعام 2016. وأكد أنه «يجب أن تستعد بلاده للسيناريو الاقتصادي “الأسوأ” إذا استمرت أسعار النفط في التراجع».

وكانت الميزانية الاتحادية الروسية جرى إقرارها في تشرين الأول بناء على سعر 50 دولار للبرميل في عام 2016، وهو الرقم الذي وصفه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، حينها بأنه “غير واقعي”. ويذكر أن البنك المركزي الروسي يفترض قيمة سعر برميل النفط عند 35 دولارا للبرميل، ويتوقع انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تتراوح بين 2% و3%، ونسبة التضخم عند مستوى 7%..

وكان مصرف “سبيربنك” الروسي، أكبر المصارف العاملة في السوق الروسي، قد بدأ بوضع سيناريو يتمثل في أن يكون سعر النفط عند مستوى 25 دولارا للبرميل، وأن متوسط سعر صرف الروبل الروسي سيعادل 80 روبلا للدولار.

المحلل السياسي مصطفى فحص
المحلل السياسي مصطفى فحص

وفي الاطار نفسه توقّع الكاتب والصحافي مصطفى فحص في حديث لـ«جنوبية» أن « تشهد روسيا أزمة مالية حادّة في النصف الأول من العام 2016، وذلك يعود لأسباب عدّة وهي:

– انخفاض سعر النفط الى 25 دولار للبرميل الواحد

العقوبات الغربية على روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية

– دخول روسيا في الحرب السورية والذي من المتوقع أن تطول مما سيزيد الأعباء على الخزينة الروسية

– التوقعات أن يصل سعر صرف الدولار الأميركي إلى 100 روبل

– أغلب العقود العسكرية الروسية الموقعة بين موسكو والدول الحليفة لها، مبرمة بعقود طويلة الأمد لأسباب سياسية. مما يصعب على روسيا تعويض خسارتها من انخفاض سعر النفط ببيع الصناعات العسكرية».

هذا بالنسبة لروسيا أمّا في ايران، فيرى المراقبون أنّ انخفاض سعر النفط هو ضربة كبيرة للإقتصاد الايراني خصوصًا بعد رفع العقوبات عن ايران والانفتاح مع الأسواق الغربية كانت تتوقع ايران أن يزداد مدخولها، إلاّ أنّ انخفاض سعر النفط بدّل كل التوقعات، وبالتالي فإن إيران أيضاً لن تستفيد من إنفتاحها على أسواق النفط العالمية.

إقرأ أيضاً: النفط «الداعشي» ينشر «السرطان» ويلوث الأراضي السورية

في المقابل، ثمة من يشير إلى أزمة خليجية أيضاً بفعل إنخفاض أسعار النفط، وخصوصاً المملكة العربية السعودية، لكن بحسب ما قالت مصادر خليجية لموقع “جنوبية” فإن السعودية هي التي تلجأ إلى هذه السياسة، وبالتالي لإضعاف روسيا وإيران ولإجبار واشنطن على تخفيض إنتاج النفط الصخري، وهي لن تتأثر على المدى القصير بإنخفاض أسعار النفط، أولاً لأن ميزانيتها لهذا العام لحظت إنخفاض أسعار النفط إلى 25 دولاراً للبرميل، بالإضافة إلى إحتفاظها باحتياط عال جداً من العملات الصعبة، تصل إلى 800 مليار دولار، وهذا من شأنه أن يبقي السعودية بمنأى عن أي أزمة على الأقل لثماني سنوات على الأقل، خصوصاً أن في يدها الكثير من أوراق القوة، للتعويض عن خسارة الإنخفاض بأسعار النفط، إن عبر زيادة الضرائب في الداخل السعودي، أو اللجوء إلى إقتراضات من البنك الدولي أو مصارف أخرى.

السابق
الحريري «لن نقف مكتوف الأيدي»… وريفي «المحكمة العكسرية تكافئ الإرهاب»!
التالي
آخر خطاب كبير لرئيس أميركي كبير