مجاعة مضايا: نصف المحاصرين أطفال

«سجن مفتوح حيث لا سبيل للدخول أو الخروج، وليس أمام الأهالي سوى الموت»، بهذه الكلمات وصفت منظمة «أطباء بلا حدود» أمس الوضع في مضايا حيث يفرض «حزب الله» وقوات بشار الأسد حصاراً تجويعياً قاتلاً على نحو 42 ألف شخص داخل البلدة، نصفهم من الأطفال الذين هم في أمس الحاجة للمساعدات الغذائية للبقاء على قيد الحياة، على ما أكدت منظمة «اليونيسيف».

وأعلنت منظمة «أطباء بلا حدود« أمس أن 23 شخصاً قضوا جوعاً في بلدة مضايا المحاصرة منذ الأول من كانون الأول والتي تستعد الأمم المتحدة لإرسال مساعدات إنسانية اليها.

وقالت المنظمة إن بين الأشخاص الـ23 الذين ماتوا جوعاً، ستة لا تتجاوز أعمارهم العام وخمسة فوق الستين من العمر. وأضافت أن الوفيات حصلت في مركز صحي محلي تشرف عليه المنظمة.

ورأى مدير العمليات بريس دو لا فيني في بيان أن «هذا مثال واضح على تداعيات استخدام الحصار كاستراتيجية عسكرية».

وأشار الى أن الطواقم الطبية اضطرت الى تغذية الأطفال بالأدوية السائلة لأنها المصدر الوحيد للسكر والطاقة، ووصف مضايا بـ«السجن المفتوح». وأضاف «لا سبيل للدخول أو الخروج، وليس أمام الأهالي سوى الموت».

ورحبت المنظمة بقرار النظام السماح بدخول المساعدات الغذائية، لكنها شددت على «ضرورة أن يكون إيصال الأدوية الضرورية لإنقاذ الحياة، أولوية أيضاً«.

وقالت المنظمة في جنيف إن قافلة المساعدات ستتوجه الى مضايا في الأيام القادمة رغم أن الترتيبات لم تُنجز بعد.

وقال المتحدث باسم مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة روبرت كولفيل «الوضع مروع»، مشيراً الى أن من الصعب التأكد من حجم المعاناة في مضايا بسبب الحصار.

وأكدت «اليونيسيف« أمس أن نصف المحاصرين في مضايا وعددهم 42 ألف شخص هم من الأطفال وأنهم بحاجة ماسة للمساعدات للبقاء علي قيد الحياة.

وقال كريستوف بوليراك المتحدث باسم المنظمة أن اليونيسيف ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تجهز في الوقت الحالي قافلة إغاثة ومساعدات تتجه إلي مضايا وكذلك إلى كفريا والفوعة.

وقال أدريان إدواردز المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن المفاوضات حول موعد وصول قافلة الإغاثة ما زالت جارية.

وأعطى النظام السوري أول من أمس الإذن للوكالات الإنسانية بإدخال مواد إغاثة الى البلدة، للمحاصرين الذين نزح كثيرون منهم الى البلدة من الزبداني المجاورة والتي تسيطر عليها المعارضة المسلحة.

وحذر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية استناداً الى تقارير تلقاها من داخل مضايا المحاصرة، من ارتفاع معدل الوفيات بين الأطفال وكبار السنِّ نتيجة ندرة الغذاء وحليب الأطفال والأدوية اللازمة لعلاج الأوبئة والأمراض الناتجة عن الحصار، مضيفاً أنه «يضع المجتمع الدولي، ومعه أصدقاء الشعب السوري، أمام مسؤولياتهم«.

ودعا الائتلاف الأمم المتحدة لتصنيف الوضع في مضايا ومعها الزبداني ومعضمية الشام (حيث 90 ألف مدني محاصرون) كارثة إنسانية وإقرار تدخل دولي إنساني عاجل، وتقديم المساعدات عبر الجو في حال مواصلة الميليشيات منعها من الدخول براً.

وطالب الائتلاف بدعوة مجلس الأمن لمناقشة الوضع الإنساني في مضايا والمدن المحاصرة لكونه يخالف قراراته السابقة ومنها القرار 2254، وتحمل المسؤولية في إنقاذ أرواح المدنيين، وبينهم أطفال ونساء.

كما دعا الائتلاف الجامعة العربية لبحث الوضع بصفة طارئة في الاجتماع الوزاري غداً واتخاذ الإجراءات اللازمة التي تساعد على إنهاء الحصار، وإدانته وتجريمه.

ودعا منظمات حقوق الإنسان الدولية والهيئات الإغاثية للعمل بصورة أكثر جدية في مساعدة المدنيين السوريين المحاصرين من نظام الأسد وميليشيات نصرالله الإرهابية، وتقديم المساعدات لهم بكل الوسائل الممكنة.

وتزامناً مع الاعتصامات ووقفات الاحتجاج في سوريا ولبنان والأردن وتركيا والتضامن الإعلامي العالمي رفضاً للحصار، يقدم «حزب الله» على ضم عائلات جديدة إلى البلدة المحاصرة. فقد ذكرت «الهيئة الإغاثية الموحدة في مضايا والزبداني» أن ميليشيا «حزب الله» نقلت سبع عائلات من مهجري مدينة الزبداني في بلدتي بلودان والمعمورة إلى بلدة مضايا المحاصرة، وذلك ضمن سلسلة تهجير ممنهجة اتبعتها ميليشيا الحزب خلال الأسابيع القليلة الماضية، تهدف إلى الانتقام من أهالي الزبداني، عبر تجويعهم ضمن ما يُعرف بـ»سجن» مضايا.

اقرأ أيضًا: #مضايا: «صورة المقاومة» يا حزب الله؟ صورة المقاومة؟

وتأتي هذه الممارسات بعد ساعات من إصدار المكتب الحربي للحزب بياناً اعترف من خلاله بمحاصرة مضايا، نافياً في الوقت نفسه حصول حالات وفاة في صفوف الأهالي، بينما شجب الحملات الإعلامية التي تشوه صورة «المقاومة«.

وسجلت المشافي الميدانية والمراكز الطبية المتبقية في مضايا، حالات تسمم جديدة، نتيجة تناول الأهالي أوراق الشجر والحشائش.

وأفاد مصدر طبي من داخل المشفى الميداني في بلدة مضايا أن الوضع الصحي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، وأن الموت ينتظر آلاف المحاصرين إن لم تتدخل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بأسرع وقت، خصوصاً بعد استقبال المشفى الميداني 300 حالة إغماء وإعياء وسوء تغذية شديد أغلبهم من النساء والأطفال.

وأوضح المصدر أن الأهالي يعتمدون على غلي الحشائش وأوراق الشجر بالماء، ويضيفون عليه البهارات والملح ثم يأكلونها، وذلك بعد اضطرارهم الى أكل لحوم القطط وما تلفظه مكبات النفايات، بسبب انعدام الطعام والأغذية في البلدة التي تضم نحو 40 ألف مدني التي تحاصرها قوات الأسد وميليشيا حزب الله منذ نحو 200 يوم.

وتظاهر آلاف السوريين في محافظات سورية عدة تحت اسم جمعة جوع مضايا جوع الإنسانية، وذلك لحث المجتمع الدولي على فك الحصار عن مضايا.

وقد شهد كل من ريف دمشق ودرعا وحلب وإدلب وحمص وعدة محافظات أخرى، مظاهرات ووقفات تضامنية رفع فيها المتضامنون لافتات تندد بالحصار المستمر منذ ما يقارب 200 يوم.

وأكدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان، أن حصار مضايا والزبداني تسبب في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية التي خلّفتها سياسة الحصار التي ينفذها نظام الأسد مدعوماً من روسيا وإيران وميليشيا «حزب الله«.

وقالت المنظمة التي تتخذ من بريطانيا مقراً لها «إن المجتمع الدولي خذل الشعب السوري منذ بداية الأحداث، فلم يستطع وقف أي من الجرائم المروعة التي يرتكبها النظام السوري وحلفاؤه، واليوم يقف عاجزاً عن إدخال مواد غذائية لسكان مضايا الذين يموتون جوعاً«.
(وكالات)

السابق
قضية النفايات: صفقات وراء الترحيل
التالي
مخابرات الجيش دهمت منزل سوري في مجدليا زغرتا