هل أقرت السعودية بإيرانية لبنان؟

ايران لبنان
لا يمكن فصل لبنان عن ما يجري في المنطقة، وخصوصاً عن سوريا وأحداثها وآخر تطوراتها، ولا حتى عن الإتفاق النووي بين إيران والغرب وتداعياته، كما لا يمكن فصله عن ما يجري في العراق واليمن، وبالتالي يقف على ضفة نهر تحمل مياهه الحلول، ليكون ميدان إختباري لسلّة الإتفاقات الدولية والتفاهمات الإقليمية إذا ما حصلت.

الأكيد أن هناك أمور كثيرة تتغير إقليمياً، ومعطيات جديدة تتوافر، وإن كانت تأتي على شكل إشارات تفيد بحصول لقاءات وتفاهمات على أمور معينة، لكنها تبقى بحاجة إلى بلورة، والدخول حيّز التنفيذ وهذا ما يحتاج إلى المزيد من الوقت، خصوصاً أن خلط الأوراق مستمرّ سياسياً وعسكرياً، وتحديداً في سوريا على الخط السياسي والعسكري، وكذلك في اليمن، وفي العراق، وسط تعزيز إيراني هناك للدفاع عن حصنهم المنيع سواء من أي تهديد داعشي أو تهديد سياسي أو إقليمي آخر.

إقرأ أيضاً: ايران خسرت سورية ولن تربح لبنان
ووسط خلط الأوراق هذا، برز لبنان ساحة الإستحقاقات المؤجلة، فأسقطت إيران التسوية الرئاسية لأن الصورة الإقليمية غير مكتملة بعد لديها، ولا يمكنها التفريط بورقة لبنان قبل وضوح الصورة، لكن الأخطر يكمن في ما أشيع عن أنه في حال فشل التسوية المقترحة فإن الرئيس فيما بعد سينتخب بالدم، بالنسبة إلى البعض فإن هذه النظرية ثابتة وستكون أكثر تأكيداً في الأيام المقبلة.

قتلى ايرانيون في سوريا
مشاكل إيران عديدة، وتبدأ من التدخل الروسي في سوريا، الذي قضم دورها، وصولاً الى الخلافات التي تتهدد الحشد الشعبي في العراق، بالإضافة إلى تهديد “داعش”. اما في اليمن، فلا يبدو الوضع الإيراني أفضل حالاً، إذ أن أي حلّ سياسي سيكون وفقاً للمبادرة الخليجية، وعليه فإن لبنان يبقى الورقة الرابحة لإيران والتي لا يمكن التفريط بها، ولذلك يمكن فهم السبب الإيراني لرفض تسوية فرنجية حالياً على الأقل، إذ أنها لا تريد فقط رئيساً في لبنان، بل تريد مكتسبات أخرى.

إقرأ أيضاً: مشاهدات ايرانية(1): إيران.. التي تخدّر الشيعة في لبنان!
وتستبعد مصادر سياسية واسعة الإطلاع أن تكون المثالثة هو الطرح للتعويض على الإيراني، معتبراً أن ثمة شيئاً خفياً حتى الآن، لأن إيران ستحصل على مكتسبات لبنانية كتعويض عن خسارات في مناطق أخرى. ويبقى هذا مرهوناً بمدى ردّة الفعل الإيرانية على ما سيطرح عليها، وتقول المصادر “إذا كانت إيران راضية مما ستحصل عليه في لبنان فيكون ذلك جيداً بالنسبة إليها، أما في حال عدم توفّر ذلك، فيعني أن حزب الله سيلجأ إلى خيار معين من غير المستبعد أن يكون عسكرياً لتعزيز حضوره.”
وتؤكد مصادر “جنوبية” أن ردّة الفعل الإيرانية ستكون ناجمة بالأساس عن الخسارة السورية لصالح روسيا، وهنا تضع المصادر الانسحابات الإيرانية في سوريا والعراق. وهنا لا تفصل المصادر الحراك السياسي مع الحراك العسكري على الأرض، لا سيما بين اغتيال قائد “جيش الإسلام” زهران علوش، والإتفاق على إنسحاب عناصر “داعش” من محيط دمشق إلى الرقة. وتضع المصادر كل ذلك في سياق التحضير الأرضية لبعض الإتفاقات.

تركيا ايران
وما يضيف المزيد من التعقيدات على الميدان السوري والإقليمي، هو بروز مشهدية غريبة، إذ يبدو وكأن هناك اتفاقاً أميركياً – سعودياً – روسياً في سوريا، مقابل شبه تلاق إيراني – تركي. إذ تعتبر المصادر أن الكر والفرّ الذي تشهده سوريا، يشبه إلى حدّ كبير ما كان يجري في لبنان في الحرب الأهلية. وتعتبر المصادر أن السعودي ترى التدخل الروسي في سوريا لصالحها، خصوصاً أنه يضرب النفوذ الإيراني ويكسر الهلال الشيعي، ولا تفصل المصادر إنكماش القبضة الإيرانية في سوريا واليمن عن تشكيل السعودية للتحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب، إذ أن السعودية تريد القول إنها تقود المنطقة.

إقرأ أيضاً:هل سيدفع لبنان ثمن الموقف العربي من إيران الجديدة؟
أبرز نقاط التقاء المصالح، هو أن السعودي يرفض أي هيمنة إيرانية على سوريا، كما يرفض تحقيق تركيا لأي انتصار لها يكرسها قوة جديدة في العالم العربي، ولذلك تعتبر المصادر أن السعودية كان لها يد طويلة في إفشال أي تقارب أميركي – تركي حول الشمال السوري، نظراً للتباعد في الإيديولوجية بين الطرفين، وعليه فإن التدخل الروسي في سوريا منع قيام منطقة يسيطر عليها الأتراك بشكل كامل. في المقابل تعتبر مصادر أخرى أن هناك تفاهمات سعودية – تركية لكن لم تصل إلى خواتيمها أو لم تشمل الامور كافة، وفي هذا السياق تضع المصادر الزيارة التي سيجريها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان إلى السعودية في الأيام المقبلة، للبحث في مجمل الأمور بين البلدين.
وتعود المصادر بالذاكرة إلى أشهر خلت، إذ تقول إنه بعد سيطرة جيش “الفتح” على إدلب وجسر الشغور وهذه المناطق الإستراتيجية، بدعم تركي، لم يكن الإيراني يتدخل بشكل فاعل لدعم النظام السوري للدفاع عن تلك المنطقة، واستعادتها، وحينها اعتبر الإيرانيون أنها منطقة حدودها مفتوحة وسيتعرض فيها الإيرانيون وحلفاؤهم إلى عملية استنزاف كبرى، ولذلك فكان التركيز الإيراني مصبوب في دمشق وريفها وصولاً إلى الساحل، أما بعد التدخل الروسي فقد خسر الإيرانيون الساحل وحمص.
وحينها طالب النظام السوري، وفق المصادر، من روسيا التدخل، لاستعادة بعض المناطق، وكانت زيارة اللواء علي مملوك إلى موسكو، ومنها إلى السعودية، وعليه تفعلت الإتصالات الروسية – السعودية قبل الدخول الروسي. وعلى الرغم من ذلك، فلا تخفي المصادر وجود إختلافات بين روسيا والسعودية في سوريا، لكنها تعتبر أن هناك ما يجمع بين الطرفين، وهو تحجيم النفوذ الإيراني، ومنع تركيا من إنشاء منطقة عازلة.

إقرأ أيضاً:الخليج: شيعة لبنان يتسنّنون وحزب الله يدرس خياراته
وعلى الأرض، لا تفصل المصادر هذه القراءة، عن مشهدية الميدان، إن على صعيد فتح روسيا المجال الجوي السوري للطيران الإسرائيلي لإصطياد أهدافه، ولتقليص قوة “حزب الله”، ولا عن مقتل عدد كبير من ضباط الحرس الثوري في سوريا، وخصوصاً قائد قوات الحرس في سوريا اللواء حسين همداني، بعد أيام قليلة على الدخول الروسي، وأتى بعد مقتله بيومين مرسوم صادر عن الرئاسة السورية، يقضي بحلّ قوات الدفاع الوطني التي أسسها همداني.

السابق
جمهور نصرالله لم يطلق الرصاص!
التالي
السبب الحقيقي لوقف برنامج «من سيربح المليون»