ما هي المواد المسرطنة الناتجة عن حرق النفايات

أشارت دراسة حديثة للوحدة البحثيّة حول نوعية الهواء إلى تواجد مجموعة من المواد الكيميائيّة عالية السمّيّة تؤدّي الى الإصابة بالسّرطان في الهواء المحيط الناتج عن ظاهرة حرق النفايات في لبنان مؤخراً. والوحدة هي وليدة تعاونٍ بين الجامعة الأميركية في بيروت وجامعة سيدة اللويزة وجامعة القديس يوسف، تحت إشراف الدكتورة نجاة صليبا، أستاذة الكيمياء ورئيسة فريق عمل إدارة النفايات الصّلبة في الجامعة الأميركيّة في بيروت، ويمولها المجلس الوطني للبحوث والإنماء.

نتيجة لإضرام النار في أكوام النفايات للتخلّص منها وإفساح المجال للمزيد منها بعد عجز السُلطات عن إيجاد مساحات بديلة لطمر أو معالجة النفايات، قررت الوحدة البحثيّة حول نوعية الهواء أن تستخدم معدّاتها وخبراتها لقياس مستويات الملوِّثات الضارّة الصادرة عن هذه الحرائق بهدف تقييم مدى الضرر اللّاحق بالصحّة العامّة. وقد بدأ الفريق بقياس مستويات الدّيوكسين والهيدروكربونات العطرية المتعددة الحلقات في الهواء، ويتابع حالياً دراسة الملوّثات الضارّة الأخرى. وقد أتت نتائج هذه الأبحاث صاعقةً، إذ تشير مستويات الدّيوكسين الحاليّة، والتي تمّ قياسها على سطح مبنًى سكني بالقرب من مكبّ عشوائي يتم إضرام النيران فيه بشكل دوريّ، الى ارتفاع في كميّات هذه المادّة المسرطنة بقدر ٤۱٦ مرّة أكثر مقارنةً مع نتائج دراسة أُجريت عام ۲۰۱٤ في إحدى المناطق الصناعية في لبنان.

وحسب مستويات الديوكسين في السابق، كانت نسبة ۱،۰ بالغ أو ٤،۰ طفل من كل مليون نسمة يتعرّض لهذه الإنبعاثات على فترة حياة كاملة يُحتَمل إصابته بمرض السرطان. وهذه النسبة تُعتبر مقبولة تبعاً لمعايير وكالة حماية البيئة الأميركيّة (حيث الحد الأقصى المسموح به لهذه النسبة هو ۱ في كل مليون نسمة). أمّا المستويات الحاليّة، فتُشير الى ارتفاع هذه النسبة إلى ٣٤ بالغ و۱۷٦ طفل من كل مليون نسمة في المناطق السكنية المكتظة حيث يتم إضرام الحرائق في أكوام النفايات.
النفايات
بالإضافة إلى ذلك، فقد أسفرت دراسة مستويات الهيدروكربونات العطرية المتعددة الحلقات عن توثيق وجود مادة ال”داي بنزو أنثراسين” (Dibenzo[a,h]anthracene) لأول مرةٍ في الهواء المحيط في لبنان. وتعتبر هذه المادة مسرطنة من الدرجة الأولى حسب معايير منظّمة الصحة العالمية، وهي تصدر بشكل رئيسي عن الاحتراق غير الكامل للنفايات. وبجمع آثار كلتي المادتين السّامتين السّابق ذكرهما، يرتفع خطر الإصابة بالسرطان في المناطق السكنيّة حيث يتم إحراق النفايات إلى نسبة ٣۷ بالغ و۱٨٦ طفل من كل مليون نسمة.

وما يزيد الخطر سوءاً هو دوام الدّيوكسين، إذ أنّه يتميّز بطول بقائه في الهواء. إذ يعتبر الدّيوكسين من الملوّثات الثّابتة، أي التي تبقى في الهواء وتعلق على الأسطح كالأجسام الجامدة والأجسام الحيّة، وتغوص في التربة وتبقى هناك لفترات طويلة. يجدر بالذكر أن مادة ال”داي بنزو أنثراسين” هي حاليًا قيد الدراسة وقد يتم اعتبارها هي أيضاً ضمن فئة الملوّثات الثّابتة. نتائج الدراسات المذكورة أعلاه تدقُّ ناقوس الخطر، وبناءً على هذا، توصي الوحدة البحثيّة حول نوعية الهواء بأهمية الإسراع باتّخاذ كلّ التدابير اللّازمة لإيقاف هذه الحرائق العشوائيّة لا سيّما وأنّنا نمرُّ في حالة أقل ما يقال فيها أنّها حالة طوارئ.

(صحتي)

السابق
كيف هدّد «داعش» ريما نجيم
التالي
ولعت بين إعلاميي الـ otv والـ mtv