كيف سيمتص الحريري نقمة حلفائه «مسيحيي 14 آذار»؟

الحريري
شغل حدث إسقاط تركيا طائرة "سوخوي 24" داخل الأراضي السورية، الأوساط الرسمية والسياسية، وكاد يطغى على أجواء الانفراج التي انتجتها في البلاد اللقاءات التي عقدها الرئيس سعد الحريري مع شخصيات لبنانية استهلها مع النائب سليمان فرنجية، واختتمها مع رئيس الكتائب النائب سامي الجميل، وتمحورت حول الخيارات المتاحة لانتخاب رئيس للجمهورية، كمدخل لمعالجة الأزمة السياسية، في ظل إجماع لبناني غير مسبوق على حماية أمن لبنان واستقراره.

الحريري يُطلِع حلفاءه على طبيعة لقائه مع فرنجية

ظلّ “اللقاء الباريسي” غير المعلن بين الرئيس الحريري و فرنجية في مقدّمة الاهتمامات السياسية، وشغلَ الحلفاء والخصوم معاً لمعرفة ما انتهى إليه في ظلّ فيض من التحليلات والتكهّنات حول أبعاده وأهدافه والخلفيات.

وفي معلومات “اللواء” و”النهار” ان الحريري أجرى، قبل ان يعود إلى الرياض أمس، سلسلة اتصالات هاتفية شملت كلا من رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع والوزير بطرس حرب والنائب مروان حمادة ومنسق قوى 14 آذار فارس سعيد ووضعهم جميعاً في أجواء لقاءاته الباريسية.

إقرأ أيضاً: ترقب في «حوار» ما بعد لقاءات «باريس»

وعقدت قيادات “14 آذار” وفق “اللواء” اجتماعاً مساء أمس في بيت الوسط، بمشاركة الرئيس فؤاد السنيورة والنائب جورج عدوان عن “القوات اللبنانية” والوزير حرب عن المسيحيين المستقلين، ولم يتمكن رئيس الكتائب من حضوره فناب عنه مستشاره سيرج داغر، خصص لتنسيق المواقف عشية اجتماع هيئة الحوار اليوم. وشدّد المجتمعون على التعاون لتمرير المرحلة رغم أن الأمور على صعيد موضوع رئاسة الجمهورية ليست واضحة بعد، وإن تمّ التأكيد مجدداً على أولوية انتخاب الرئيس في الحوار.

خيارات جعجع

سمير جعجعومن الاحتمالات التي يضعها البعض في الحسبان بحسب “السفير” ان يبادر جعجع، إذا شعر بان فرصة فرنجية جدية، الى دعم ترشيح عون الى رئاسة الجمهورية، انطلاقا من انه يظل اقل وطأة بالنسبة اليه من ترشيح سليمان فرنجية، الامر الذي قد يعيد في هذه الحال خلط الاوراق. لكن السؤال المطروح هو هل يستطيع جعجع ان يذهب بعيدا في الاعتراض على إرادة الرياض في حال قررت مباركة انتخاب فرنجية رئيسا، لاسيما ان رئيس “القوات” لا يملك حاضنة إقليمية بديلة يمكن أن يلوذ بها إذا أراد ان يواجه قرارا سعوديا بدعم فرنجية؟

ثوابت سعودية…

تميل أوساط مطلعة عبر “السفير” الى الجزم بان موافقة الرئيس سعد الحريري على عقد اللقاء مع النائب سليمان فرنجية ما كانت لتتم، لولا حصول الحريري على الغطاء السعودي الضروري، لان طرح اسم من وزن فرنجية ـ وما يمثله على صعيد التحالفات الداخلية والاقليمية ـ في دائرة التداول الرئاسي، هو خرق كبير لا يستطيع الحريري ان يتحمل مسؤوليته لوحده، بمبادرة فردية، خصوصا ان وضعه في السعودية دقيق اصلا ولا يحتمل “دعسات ناقصة”.

إقرأ أيضاً: النائب أحمد فتفت لـ«جنوبية»: فرنجيّة سيصبح مرشّحنا إذا تحوّل الى مرشّح توافقيّ

وما يمكن التوقف عنده في هذا السياق هو ان إشارات سعودية إيجابية حيال فرنجية كانت قد وصلت بالتواتر الى بنشعي مؤخرا، مع العلم انه لم يحصل ان وضعت الرياض “فيتو” رئاسيا مباشرا على فرنجية كما فعلت مع العماد ميشال عون.

ومع أن تفاصيل النقاشات في اللقاء وما ترتّب عليها لم تظهر بعد، إلّا أن الكلام الذي نقلته أمس أكثر من شخصية في فريق الحريري إلى سياسيين لبنانيين، مفاده وفق “الأخبار” أن الأخير أبلغ فرنجية قبول “المستقبل” بدعم ترشيحه لرئاسة الجمهورية والوصول إلى تسوية داخلية، وأن خطوة الحريري تحوز رضىً سعودياً.

وكشف ديبلوماسي رفيع لـ”الجمهورية” أنّ المملكة العربية السعودية “لم تكن على عِلم باللقاء الذي حصَل بين الحريري وفرنجية”. وأكّد أنّ “الرياض حريصة على الوضع المسيحي في لبنان، ولن توافق على أيّ تسمية تخالف رأيَ القوى الأساسية داخل البيئة المسيحية، وخصوصاً الدكتور سمير جعجع، وذلك في استعادة لممارسات النظام السوري الذي كان يعمل على قهر المسيحيّين”.

كتلة المستقبل

كتلة “المستقبل”: التطوّرات تستدعي المبادرة واتّخاذ خطوات إنقاذية

عرضَت كتلة “المستقبل” النيابية في اجتماعها الأسبوعي أمس “ما يقوم به الحريري من اتصالات مع أكثر من جهة سياسية لبنانية، وذلك في ضوء ما يجري في المنطقة من تطورات وتحوّلات ومواجهات خطيرة بعيدة الأثر، وكذلك بسبب الظروف العصيبة التي يمرّ بها لبنان على أكثر من صعيد سياسي وأمني ومعيشي، إضافةً إلى ما أدّى إليه تعطيل واحد وثلاثين جلسة من جلسات انتخاب رئيس الجمهورية لجهة عدم اكتمال النصاب وبالتالي عدم تمكُّن المجلس النيابي من انتخاب رئيس جديد للجمهورية”.

إقرأ أيضاً: لقاءات باريس تُمهّد لمفاوضات التسوية الشاملة

فيما أوضحت معلومات “اللواء” بأن السنيورة وضع نواب الكتلة في صورة لقاءات باريس، بحسب ما هو معروف، قال مصدر نيابي أن الكتلة ليست مخوّلة تأكيد أو نفي لقاء الحريري بالنائب فرنجية، وإنما ما يمكن قوله أن التواصل مفيد لأنه يمكن أن نبني عليه أجواء إيجابية، من دون أن يكون هناك أكثر من ذلك. وأوضح مستدركاً: “حتى لو حصل اللقاء، فما يمكن قوله أنه ليس هناك من صفقة، فقط هناك أجواء إيجابية”. ولفت إلى أن لا شيء ملموساً في اليد بعد، على اعتبار أن موضوع الرئاسة ليس سهلاً، وإن كان ثمّة تقدير لمواقف النائب فرنجية الأخيرة، حيث تصرف الرجل بعيداً عن الغرائز الطائفية، ولم يدخل في المزايدات المسيحية التي لاحظناها مؤخراً.

السابق
ملحم رياشي: ما يتردد عن رفض جعجع لقاء الحريري غير صحيح والاتصالات متواصلة حتى مساء امس
التالي
انتهاء عملية احتجاز رهائن في روبيه بشمال فرنسا ومقتل احد المهاجمين